5- (أسماء الأماكن في منطقة عسير) دراسة لغوية شاملة للدكتور فهد آل مثيب القحطاني

 


5- (أسماء الأماكن في منطقة عسير) دراسة لغوية شاملة للدكتور فهد آل مثيب القحطاني

#إشارات_أدبية

هذا الكتابُ صادرٌ عن نادي أبها الأدبي، ومؤسسة الانتشار العربي – بيروت في طبعته الأولى 2021م، في (458) صفحة من القطع الكبير، مخدومًا ومختومًا بفهارس فنيَّة علمية عن الآيات، والقراءات القرآنية، والأحاديث والآثار، والأبيات الشِّعرية والأرجاز، وأوسعها فهرس البلدان والأماكن محلُّ الدراسة وموضوعها.

وهو في أصله رسالة علمية دقيقة في بابها، طريفة في اختصاصها، مؤلفها لغويٌّ نحويٌّ، وأستاذٌ جامعي قدير، وزميلٌّ عزيز، عرفتُه واسع الاطلاع، جمَّ الخُلق، ذكيًّا في ردوده، حاضرًا في بديهته، باشًّا هاشًّا، لطيفَ المعشر، أنيق المظهر. ودراسته هذه ترصدُ أسماء الأماكن، بَدأها بتمهيد عرَّف بمنطقة (عسير) من حيث أشهر مواقعها الجغرافية كما تناولتها كتب التراث، وكما هي في التقسيم الإداري الحديث، وتناولت سكان المنطقة قديمًا وحديثًا مبيِّنةً قبائل عَسير، وقحطان، وشهران، ورجال الحَجْر، وبلقرن، وأبناء عدي بن زيد (بارق، وألمع)، وقبائل محافظة محايل عسير، وخثعم وشُمران، كما بيَّن التمهيد أهم الظواهر اللغوية التي اشتهرت بها المنطقة قديمًا، واللهجات الحديثة في المنطقة (صحراويَّة، وجبليَّة، وتهاميَّة).

وتكوَّنت الدراسة من أربعة فصول: الأول عن أنواع أسماء الأماكن، في مبحثين: الأسماء المرتجلة (مبيّنًا ضوابط الارتجال، ثم عرضَ للأسماء المرتجلة التي لها مادة مستعملة من الكلام العربي، وتلك التي ليست لها مادة، مقسمة على الأصول الثلاثية والرباعية والخماسية)، والأسماء المنقولة، ورصد منها الأسماء المنقولة عن: النبات، والحيوان، والأعضاء وما في حكمها، والصفات، وأسماء المعاني والأدوات والزمان، والأفعال، والمنقولة عن لغات ليست عربية. 

ودرسَ الفصلُ الثاني الظواهرَ الصوتية: في مبحثين: الصوامت (الحروف) من خلال إبدال الحروف، كالاستنطاء، والطمطمانية، وإبدال الهمزة، وغيرها من الحروف، ثم تناول الظواهر الصوتية للحركات: (التسكين والتحريك، والنقل، والوقف)، والتشكيل الصوتي، وفيه ثلاثة مطالب: (المقطع الصوتي، والنبر، والانسجام الصوتي: (إبدال الحروف، وحذفها وإدغامها، والإمالة، والإتباع).

ووقف الفصل الثالث على الظواهر الصرفية من خلال أبنية أسماء الأماكن (بين الإفراد والتركيب، والتذكير والتأنيث)، وأوزان الأماكن بين القياس والشُّذوذ. 

وجاء الفصل الرابع لدراسة الظواهر الدلالية في ثلاثة مباحث الأول: الدلالة المعجمية (من خلال الحقول الدلالية)، والثاني: الدلالة الإيحائية: (وفيه مطلبان: التفاؤل، والتشاؤم) في أسماء الأماكن، وحيث إن هذا الفصل يرتبط كثيرا بالبلاغة والأدب فسنقفُ على شيءٍ من تلك الدلالات على سبيل الإشارة لا الحصر، فمن أسماء الأماكن -الدالة على التفاؤل- ما يدل على معاني الجمال، مثل: أسماء الأماكن الآتية: (البدور- البديعة- الجوهرة- آل ريحان- العَبَق- العروس...)، وما يدل على معاني رغد العيش وسِعته، مثل: (البناء- الجَفنة- الدَّبساء- الدرهم- الدَّقيق...)، وما يدل على معاني التحصُّن والمنَعَة، مثل: (الأسد- الجبار- الجيش- الحاجر- الحصن- الحطَّام- حامي- الصقر...).

وأمَّا ما يدل على التشاؤم فقد رُصدت بما يدل على معاني القبح والبشاعة مثل: (البتراء- البشعاء- جدعاء- الحَطِيم...)، ومعاني الخوف والحزن، مثل: (الجن- الجوح- الحرق- الخَوَر- الرَّجم...) ومعاني الأمراض، (الجذم- الجرَب- الحبط- السقم...) ومعاني البؤس والفقر، مثل (الجَحن- الجوع، الجَوح- الاستئصال- حفيان- الرماد... وغيرها).

والمبحث الثالث من الفصل الرابع قام على رصد الدلالة الاجتماعية، من أسماء الأماكن التي تدلُّ على الحِرف والمهن (التجارة، والزراعة، والرَّعي، والصِّناعة، ومهن متفرقة)، وأماكن تدلُّ على الثقافة والتعليم، وعلى ما تختصُّ به المنطقة من أطعمة، أو ملابس وحُلي. والباحث في كلِّ هذه التقسيمات يربطها بالأماكن، فكان منها ما هو عَلَم على قرية، أو شِعب، أو جبل، أو وادٍ، أو هِجْرة، أو بئر، أو مورد، أو منهل، أو مركز، ويعمّم إن كان المسمَّى عَلَم على موضع أو عدة مواضع، أو عدَّة أماكن.   

ومن أبرز نتائج هذه الدراسة القيِّمة ما يأتي: أن دراسة أسماء الأماكن لغويًا دراسة أصيلة؛ إذ تناولها علماءُ اللغة الأوائل في مؤلفاتهم، وأهميتها لم تزل قائمة. 

أن منطقة عسير عربية مؤثلة المحتد قديمًا وحديثًا...

أن لغة الأزد من أفصح لغات العرب قديمًا بشهادة أئمة اللغة لها في زمنها، غير أن بُعد مساكن القوم عن البيئات العلمية اللغوية من جهة، ووعورة مسالكها من جهة أخرى، جعلت علماء اللغة ينصرفون عنها إلى غيرها مما هو أقربُ منزلا. 

أثبتت الدراسة فصاحة أسماء الأماكن، وأن دعوى عِبرية بعض الأسماء واهية تردُّها الأدلة اللغوية، والسياقات التاريخية.

يأتي هذا الكتاب مع غيره من الدراسات والأبحاث ضمن مشروع بحثي متكامل ومستمر في اهتمام الدكتور فهد القحطاني في التركيز على منطقته ودراسة لغتها ومحكيَّاتها؛ حيث أنجز عددًا من الأبحاث المنشورة في المجلات العلمية والأكاديمية المحكَّمة، وهي على النحو الآتي: 

- استطاع واسطاع المعنى والمبنى.

- ⁠(أخذ) في صحيح البخاري، دراسة نحوية دلالية.

- التزمين الخطابي في لهجات منطقة عسير.

- ألفاظ الزراعة في محكيَّات سَراة منطقة عسير.

- لام التعريف بين الدَّرس اللغوي ولهجات منطقة عسير.

- الكاف في لهجات منطقة عسير.

- مظاهر تماثل الوقف بين لهجات منطقة عسير والقراءات القرآنية الصَّحيحة.


#يقول_القحطاني: "وأحسب أنَّ أسماء الأماكن من الروافد المهمة لهذا العلم -علم اللغة- فهي قديمة بقدم مسمياتها، وباقية ببقائها...كما أنها خير مرشد لمعرفة الفكر اللغوي عند من خلع عليها مسمياتها، ومعرفة ملابسات تلك التسمية، وهي تسهم كذلك في حفظ كثير من مفردات اللغة من الانقراض، إذ اللغة كائنٌ حيٌّ، تحيا بعض ألفاظها وتزدهر في زمن، وتنقرض في زمن آخر...".


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن الحيمة الخارجية؟!

كتاب (الإعلان بنعم الله الواهب الكريم المنان...) كتابٌ يمنيٌّ فريدٌ ومدهشٌ يضمُّ ستة كتب في الصفحة الواحدة

مقدمة مختارات قصصية، من منشورات نادي القصة اليمنية إل مقه، 2013م