جزيرة فَرَسان ومفتاحها



(جزيرة الجمال وعمق التاريخ)

"فَرَسانُ يبكي من تحمّل أهله..و(ذروةُ) يبكي من بكا فَرسان"


***********

دهشة الطبيعة، ونقاء البحر، وفطرة الجمال.
عالم من السِّحر يشبه حكايات ألف ليلة وليلة، تأسر زائرها بما يراه من مفاتنها الأسطورية وعوالمها الخيالية؛ لا تكاد تطأ ميناءها حتى تفتنك بعشقٍ شفافٍ من هواء طبيعتها المدهش ولون بحرها المرسوم بحبر السماء وزرقة النقاء وخضرة الأشجار، لون لا تكاد تراه في كثير من الشَّواطئ...

أزورها  للمرة الثانية لأستكشف جمال روعتها وجنياتها اللائي ما تكاد تزورها لمرة حتى تغريك بأخرى من نداءاتها البديعة...
هذه المرة كانت كريمة معي قدمت ضيافتها بطريقة مختلفة وذلك بأن عرفتني على واحد من كنوزها وعَلَم من أعلامها قادتني إليه نباهة أحد أبنائها (يونس عباس "أبو نوفل")

 الذي لقيته في مزاد سوق السمك بالصدفة؛ 


ونحن نسأل عن "الحريد" وموسمه السنوي .. ولعلّه توسم فيّ شيئا ما بعد أن قدّم لنا النصح والمشورة في شراء السمك وأنواعه وأسمائه؛ وبكرم فَرَساني أصيل قام بواجب الضيافة والنصح وبعدها تجاذبنا أطراف الحديث، ثم ذهبت بسمكي إلى الشّاطئ لأستكمل نزهتي وأمسيتي مع البحر ومع رفاق رحلتي الأخوين الرائعين سام الحاج وغمدان المانع  ...

  





                        

                      ================

في اليوم الثاني يطلب مني هذا الرجل الشهم أن يصطحبني لزيارة معلم ثقافي هو "بيت الرفاعي" بناء قديم مهجور منقوش بالجص من الداخل والخارج، 


ومنه ذهبنا لمجلس يضم عددا من أعيان فرسان ومثقفيها،

(فإلى جوار الأستاذ إبراهيم مفتاح وجدنا منهم الأستاذ محمد إبراهيم بلعوص، وأحمد محمد عقيلي، ومحمد علي سهيل، ومحمد عبد الرحمن أبو طالب - الذي يشبه اسم والدي الثلاثي- والمشهور لديهم بالشريف محمد) 

               (من الطرائف أن الرجل الذي على يميني في الصور اسمه يشبه اسم والدي الثلاثي محمد عبد الرحمن أبو طالب الشريف)
 وبعده صلينا المغرب في مسجد الشيخ إبراهيم التميمي الذي بُني على نمط الكثير من المساجد العربية القديمة، وذكرني أسلوب بنائه ومحرابه بنمط البناء الصنعاني في نقوشه وطريقة خزاناته وملحقاته،



 ويحدثني في الطريق أبو نوفل وعلى سيارته "الجيمس" بأنه يريدني أن أتعرف على الأستاذ إبراهيم عبد الله مفتاح
لم أكن قد سمعت به أو عرفته أو قرأت عنه..
فإذا بي أمام شخصية كبيرة ثقافةً وعلما وتاريخا

إنه شخصية العام الثقافية لجائزة جازان للإبداع والتفوق للعام ١٤٣٧


وفي العام الذي قبله 1436/ 2015 أقام قسم اللغة العربية بجامعة جازان تكريما له من خلال ندوة علمية ضمها كتاب "قراءة في تجربة الشاعر إبراهيم مفتاح الإبداعية" وقد تضمن عددا من الأبحاث قدمها د. مجدي الخواجي رئيس قسم اللغة العربية، وهذه القراءات هي:
- الشاعر المبدع والمثقف الشامل إبراهيم عبد الله مفتاح للأستاذ حجاب الحازمي
- رائحة التراب، مقاربة سيميائية للأستاذ الدكتور عزت جاد
- العبارة بنيتها ووظيفتها في شعر إبراهيم مفتاح للدكتور محمد داؤد
- مصادر التشكيل الشعري، نظرات أسلوبية في شعر إبراهيم مفتاح للدكتور فايز الذنيبات
- منمنمات النص المحيط في شعر إبراهيم مفتاح للأستاذ الدكتور أسامة البحيري
- بناء الجملة من حيث التقديم والتأخير في شعر إبراهيم مفتاح للدكتور محمد المبارك
- السكتة في إنشاد الشعر دراسة نحوية دلالية، شعر إبراهيم مفتاح أنموذجا للدكتور وليد مقبل
- تجليات المكان وانعكاسها على الذات المبدعة، إبراهيم مفتاح أنموذجا للدكتور أحمد بسيوني.
ذلك هو شاعر جزيرة فرسان ومؤرخها
له عدد من المؤلفات منها:
ديوان عتاب إلى البحر ١٤٠٤
ديوان احمرار الصمت ١٤٠٩
ديوان رائحة التراب ١٤١٦


كتاب فرسان.. الناس .. البحر والتاريخ ١٤١٠/١٩٩٠


كتاب مقامات فرسانية ١٤١٢ /١٩٩١
كتاب  أدب الأشجار في جزيرة فرسان ١٤١٨ /١٩٩٨

كتاب فرسان بين الجيولوجيا والتاريخ ١٤٢٤ /٢٠٠٣


خرف مبكر ١٤٣٠ /٢٠١٠


كتاب الشعر الشعبي الفرساني ١٤٣٤ /٢٠١٣


كتاب قرية القصار ١٤٣٦ /٢٠١٥


رواية "الصنجار" ١٤٣٧ /٢٠١٥


....
شخصية تدهشك بما تحمل من أدب أصيل وتاريخ ممتد في آفاق هذه الجزيرة العامرة بعجائبها وتاريخها.
فتح لنا إبراهيم مفتاح بحديثه الكثير من تاريخ الجزيرة وأسرارها وأحداثها منذ أن كانوا يقطعون الساعات الطوال والأيام ليخرجوا منها أو يعودوا إليها بالقوارب الصغيرة عبر أخطار جمة ومعيقات كثيرة، وكيف أصبح الوصول إليها اليوم ميسورا من خلال العبارات والسفن الكبيرة الحديثة التي تحمل الركاب والسيارات معا في رحلات يومية متعددة.
  وكيف كان لشعره رسالته الاجتماعية والتنموية في التعبير عن مطالب أهل الجزيرة واستجابة الحكومة لتلك المطالب وفي قصيدته الشهيرة (تحية ورجاء) التي مطلعها:
 "بيض الليالي أتت أهلا ليالينا
واستبشري يا رُبا فرسان هُنينا...الخ"
 خير دليل.  

وفي متحفه الشخصي الكثير من الآثار التي جمعها في رحلة عمره المديد خلال  سبعة عقود من الحب والتنقيب والتوثيق لهذه الجزيرة التي استولت على كيانه،





 فكانت ذاته وكان هو لسانها وشاعرها ومؤرخها وحين خرج منها لسكرتارية تحرير مجلة الفيصل لأشهر كاد يصاب بالاختناق لأنه لا يستطيع التنفس إلا من هواء جزيرته وأنَّى له أن يعيش خارجها
فعاد يواصل رحلته مع التنقيب في التاريخ وفي الإنسان ليرسم أجمل معرض وأفضل صورة عن جزيرته التي  تسكنه ببحرها وبرها وتاريخها:
وقد صدق في شعره حيث يقول:
"هنا ابتدت دهشة تخلي مواقعها
وقادم يرتدي عشقا توجعه
ما مسه من لغوب الوقت بعض أذى
ولا اختبا في زوايا الخوف مطلعه
تغدو على كفه الأحجار مورقة
ترائبا بنداء الأرض ترضعه"...

منزله متحف يضم جزيرة فرسان بنقوشها السبئية والرومانية والعربية
ووثائقها
وتاريخ إنسانها وصوت تراثها



بدا لي هذا السندباد الأصيل عالما من الحكايات يسردها بشغف محبٍ؛ وبإيمان مطلق بجزيرته وحياة إنسانها الأصيل...
له لقاءات مع الشاعر الكبير عبد الله البردوني ومع الأستاذ زيد بن علي عنان ومع وزير الإعلام السابق حسن اللوزي يحتفظ بصورها في متحفه كما يحتفظ بالكثير من الحكايات ويرويها بكل تفاصيلها بأسلوبه الأدبي والحواري المدهش جمالا وجلالا...


جزى الله الأسفار خيرا
فعلا، إنها تعلمنا الكثير وكم فيها من الفوائد !!

رجعت بعشرة كتب من شاعر جزيرة فرسان ومؤرخها الكبير لأعيش معها بقية الجمال مستكملا فصول حكايات فرسان وعوالم دهشتها وحكايات سندبادها المسمى  (إبراهيم مفتاح)

وبخط يده كتب لي الإهداء على كتبه القيمة:




عدتُ إلى أبها وأنا أتمثل قول شاعرنا إبراهيم مفتاح:

"أنا يا "أبها" اشتعالٌ قادمٌ
من خلايا الموج محمرّ الضنى

من هياج البحر في روحي دمٌ
أخضر النبض فقاعي السنا

في شفاهي موجةٌ عاشقةٌ
وعلى الشطآن بحري دندنا

كلما جئتُكِ يا أبها الرؤى
أنبت الحسنُ بعيني أعينا

ونمت في داخلي أسئلةٌ
لم أقلها في حديثي علنا

فسؤال الحب نجوى موعدٍ
تلتقي الأعينُ فيه بيننا

هذه كفي فمدِّي لي يدًا
واحضنيني كلَّما البعدُ دنا"...

تعليقات

  1. لله درك يابن مفتاح موسوعه الادب والشعر العربي انت فخر الامه الاسلاميه والعربيه هنيئا لك ولنا يامن خلدت بالتاريخ بصمتك ولو كنت بالقرب منك لحملتك على اكتافي واتباهي بك بين العالم

    ردحذف
    الردود
    1. تحية لك ولابن عمك الأستاذ الشاعر الكبير!

      حذف
  2. يفداك روحي يافخر العرب والعروبه وحفظك الله من كل مكروه يابن العم اخوكم بكيل مفتاح تحياتي المبجله لسمو شاعرنا الكبير ابراهيم مفتاح مع تمنياتي المستقبليه ان اكون بجانبه

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن الحيمة الخارجية؟!

أعمال ومؤلفات الدكتور إبراهيم أبو طالب ودواوينه الشعرية [مرتبة زمنيا بحسب صدورها ( 1999- 2023م)]

24- الأستاذ الدكتور إبراهيم الصلوي (أستاذ اللغة اليمنية القديمة)