6- أ.د/ خيري دومة (الأستاذُ الصديق... قمة في التواضع، وهمَّة في العلم)

- من هؤلاء تعلمت-
*سيرة ذاتغيرية*




كان قد اقترحَ مجلس قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة في يونيو من العام 2004م أن يكون المشرف المشارك على رسالتي للدكتوراه الموسومة بـ"القصة القصيرة في اليمن بين التراث والتجديد" الأستاذ الدكتور خيري محمد دومة بجوار أستاذنا وشيخنا الدكتور عبد المنعم محمد تليمة، لم أكنْ قد سَمِعتُ بهذا الاسم، ولم أره من قبلُ في القسم على مدار السَّنوات الثلاث التي قضيتُها في رسالة الماجستير، وذلك لأنه كان مبعوثًا من القسم والكلية إلى اليابان في إعارة إلى جامعة (أوساكا)، وسيعود لجامعته ابتداءً من العام الجامعي الحالي 2004/ 2005م بعد أن قضى فترة تدريس في الجامعة اليابانية التي تستقطبُ من أساتذة القسم أستاذًا بعد أستاذٍ للتدريس بها، وكان من قبله أستاذنا تليمة قد عَمِلَ بها لأطول فترة ممكنة لأحد أساتذة القسم؛ حيث مكثَ فيها عشرة أعوام.





 وما يزال قسم اللغة العربية يبعثُ بأساتذته إليها لتغطية احتياجاتها من أساتذة الأدب واللغة العربية، ويرشِّحُ في كل نهاية فترةِ أستاذٍ أستاذًا جديدًا، وهكذا بشكل مستمر.
أنهيتُ إجراءات التسجيل إداريًّا وأكاديميًّا، وانتظرتُ لقاءَهُ للتعرُّف عليه، كنتُ أسألُ (العمَّ ربيع) ساعي القسم المنوفيَّ الطَّيّب ذا الصوت المرتفع حين يحاورك أو يردُّ على سؤالك، لكنَّه رجلٌ بسيطٌ مكافِحٌ يعرف مواعيد الأساتذة تمامًا، ويدلُّ على عناوينهم بكلِّ اقتدار مع شرح تفصيلي لما يعرفُ منها، وكيف تركب "الأوتبيس" للوصول إليه، أخبرني بأنه سيعود من اليابان قريبًا.



عدتُ بعد فترةٍ إلى القسم فبادرني (العم ربيع) بأن الدكتور خيري في المكتب، دخلتُ فوجدته جالسًا على مكتبهِ يحدِّثُ أحدَ أساتذة القسم في حضور عددٍ من أعضاء القسم منهم د. سليمان العطار، ود. سيد البحراوي، ود. مي خليف، ود. عبد الله التطاوي، ود. حسين نصَّار، ود. عوض الغباري، ومن المحاضرين والمعيدين: عماد عبد اللطيف، وعبد الرحمن الشرقاوي، وخالد أبو الليل، ولعلَّهم كانوا يتحدَّثون بعد اجتماع انتهى قبل قليل، تقدَّمتُ إليه حينَ عرفته وسط من أعرف منهم، شابٌ ربما في بداية الأربعين من عمره نحيف الجسم له شاربٌ كثيف أسود ونظارة سميكة أنيقة يشبه إلى حد كبير اليمنيين في شكله العام، متواضعٌ طيِّبُ القلب، حسن العبارة، جميل الحديث، سهل التعامل، راقي الأسلوب، عرَّفْتُه بنفسي، فأجاب وكأنَّه يعرفني منذ فترة بالتهنئة بالموضوع الذي أثنى عليه، وشدَّ من عزيمتي في القراءة، وطلب منِّي أن أحضرَ إليه بعض المجموعات القصصية اليمنية ليطَّلعَ عليها ويقرأ بعضها، حيث قال بكل تواضع وصدق: "أنا لم أقرأ لأيِّ كاتبٍ يمنيٍّ، ولعلك تحضر لي عددًا من المجموعات لآخذ فكرة عن السَّرد فيها!".



هو متخصِّص في السَّرديات أنجز رسالتَه في الدكتوراه عن تداخل الأنواع في القصة المصرية القصيرة 1960-1990، وطُبعتْ عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1998م، وقد أفدتُ منها كثيرًا –كما أفاد منها الكثير من الباحثين- لما فيها من جهد تنظيري وتطبيقي واضح، وقد أصبحتْ تلك الرسالة من أهمِّ الكتب والمراجع في هذا الميدان، كما أنَّها تُشكِّل مع كتابه المترجم (القصة، الرواية، المؤلف:دراسات في نظرية الأنواع الأدبية المعاصرة، تأليف تزفيتان تودوروف وآخرون) إنجازًا علميًّا ومرجعًا مفيدًا، وهذا الكتاب الأخير من ترجماته في مرحلة الماجستير والدكتوراه، وقد أضاف عليها جهودَه اللاحقة، فكانت من أبرز الجهود الأكاديمية المتخصِّصة التي لا يستغني عنها باحثٌ في القصة القصيرة، وقد قدَّمَها أستاذه د. سيد البحراوي، ومن ثَمَّ توالت جهوده البحثية ودراساته الأكاديمية التي من أبرزها:
 

- القصة القصيرة عند سعد مكاوى. (وهي بحثه في الماجستير).

- الأمبراطورية ترد بالكتابة: آداب ما بعد الاستعمار: النظرية والتطبيق، لبيل أشكروفت، وجاريت جريفيثيز ، وهيلين تيفين؛ ترجمة وتقديم: خيري دومة، ط1، 2005م.







- عدوى الرحيل: موسم الهجرة إلى الشَّمال، ونظرية ما بعد الاستعمار.(بحث)
- «أنت .. ضمير المخاطب في السَّرد العربي» عن الدار المصرية اللبنانية للنشر، القاهرة، ط1، 2016م، وهذا الكتاب فائز بجائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب للعام 2017م، فرع النقد الأدبي. والكتاب مهم في موضوعه وفصوله الستة؛ حيثُ يركِّز على ضمير الـ(أنت) في السَّرد العربي مبتدئًا بالمثال البارز من كتابات طه حسين الذي كان يخاطب "القارئ" أو المستمع بضمير المخاطب الصريح، سواء في كتبه النقدية أو الإبداعية، وما يرتبط مع هذا الضمير من مصطلح الحديث، ومن هنا ستتشكل رؤيته لهذا المصطلح الذي مضى في تتبُّعه في المصادر التراثية، وكتب النثر العربي الممتدة، ولعل من أشهرها كتاب "الإشارات الإلهية" لأبي حيان التوحيدي، وهو من أطول النصوص التي استخدمت ضمير المخاطب، وقد مضى أستاذنا خيري دومة بصبرٍ وتأمُّلٍ ودقَّةٍ يعالج هذا الضمير في الكتابات المختلفة من السرد العربي والعالمي، ويناقش علاقته بمسألة "الشفاهية والكتابية" وهو ما شكَّل فصولَه في عمقها وانفتاحها على مشروع متَّصل في متابعة هذا الضمير، ولفظ الـ(حديث) لأكثر من 15 عامًا كما يقول في مقدمته للكتاب. ومن هنا تشكَّلت فصوله الستة: الأول "الحديث" سيرة مصطلح سردي مهمل، والثاني: المناجاة "شدوٌ من حديث" متصل (عن كتاب "الإشارات الإلهية" لأبي حيان التوحيدي، والثالث: طه حسين (الراوي المُحدّث)، الذي يقول في رواية "المعذبون في الأرض": إني لا أضع قصَّة، وإنما أسوق حديثًا.." والرابع: فنُّ "الحديث" (دراسة في سرد يوسف إدريس)، والخامس: صعود ضمير المخاطب في السرد المعاصر، السادس: "أنت" (ضمير النقمة والسخرية والاحتجاج).وهو بحق كتابٌ قيِّمٌ لا غنى لدارس السَّرد الحديث عنه.



ومن كتبه المترجمة أيضًا: كتاب (يحيى حقي؛ تشريح مفكر مصري)، لميريام كوك، ط2، 2009م، وكتاب (المتحدِّثون؛ الأدب وانفجار الحديث)، لأيرين كاكانديز، ط1، 2016م، وآخر كتابه المترجمة كتاب (مطاردة العلامات ،علم العلامات، والأدب، والتفكيك) لجوناثان كلر، ط1، 2018م،


 وثلاثتها صادرة عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة، وغيرها من الكتب المؤلفة والمترجمة والأبحاث المنشورة في الدوريات والمجلات العلمية المحكَّمة، والتي بلغت حتى الآن أكثر من 47 عملًا مفرقًا ما بين بحثٍ، ومقالٍ، وتقديم.
 

استمرَّت لقاءاتي به بعد ذلك، ولم يكن يخلو أيُّ لقاء من فوائدَ جمَّةٍ، ومعرفة كبيرة رغم انشغالاته الكثيرة في التَّدريس، وفي ارتباطه بالمجلس الأعلى للثقافة، وبعددٍ من الجهات الرَّسمية والأهلية، إنَّه أستاذٌ طموحٌ، ومثقفٌ نوعِيٌّ.

بعد أن أنجزتُ الفصلَ الأول عرضتُه عليه، طلبَ إليَّ أن أرسله عبر الإيميل على بريده الإلكتروني، وبعد فترة قصيرة أعاده إليَّ مصحوبًا ببعض الملاحظات والتعليقات التي لابدَّ منها مع عبارات تشجيعية داعمة كانت زادًا للمُضِيّ في إنجاز الفصول اللاحقة، ومضتِ الشُّهورُ، وكانت اللقاءات المتعددة حتى استوت الرسالة على سوقها، وأُنجزت بفصولها ومباحثها، وأرسلتها إليه عبر الإيميل كاملةً بعد أن وضعتُها ورقيًّا بين يدي أستاذنا الدكتور عبد المنعم تليمة.

أعاد إليَّ الدكتور خيري البريد الإلكتروني مع ملاحظة أن أجعل بحثًا ضمن الدراسة أقوم فيه بتحليل ثلاث قصص تمثِّل المراحل الثلاث التي عالجتْها الرسالة واقترحتْ لها تصنيفًا في مراحل ثلاث هي التقليدية، والتجديدية، والتجريبية في مسيرة القصة القصيرة اليمنية وتطوِّرها، ففعلتُ ذلك ثم أرسلتُها مستقلة إليه، فأثنى عليها، واتفقنا على أنَّه بذلك قد أصبحت الرسالةُ جاهزةً للمناقشة، وبأنَّه سيتواصل مع المشرف الرئيس –د. تليمة- ويخبره بهذا التَّمام.

تعلمتُ من الدكتور خيري تواضع العالم وتعامله الراقي مع طلابه، لم أجده مرةً من مرات لقائنا نافرًا عنِّي أو متبرمًا أو متضايقًا رغم انشغالاته وبعض مشاكله الصحيَّة التي كان يشير إليها بطرف خفي مع زملائه أو معي حين أدركتُ بعدَ حين من الصداقة شيئًا منها، وهي مشاكل صحية في المعدة، ولكنَّه كان يمارسُ حياته -وما يزال- بكل نشاط وأريحية ومثابرة واقتدار كما يفعل عظماء الهِمَمِ، ورجال العلم الكبار الذين تكونُ نفوسهم الكبار مُرهِقَةً لأجسادهم.

تعلمتُ منه المثابرةَ، وترتيب الوقت الذي يملأ به ما عليه إنجازَه من أعمال وأدوار متعددة: تدريسية، وثقافية، واجتماعية، إضافة إلى بُعدِ مقرِّ سكنه (6 أكتوبر) عن مكان عمله (جامعة القاهرة) بما تُشكِّلهُ القاهرة من زحام شديد، ومسافات متباعدة إلا أنه كانَ لا يتأخَّر عن موعدٍ، ولا يؤجلُ عملًا عليه إنجازه.
تعلمتُ منه قُربَهُ من الزميل، وحميمية تعامله الأخوي الراقي بلا كُلفة مع زملائه في القسم من أساتذة ومعيدين، كان يشكِّل قَنطرةً مهمةً بين جيل الأساتذة وجيله وجيل المعيدين يحفظُ لكلٍّ قدرَهُ وصداقته واحترامه لاحظتُ محبَّتهم له، وحواراتهم معه التي كانت تحملُ في طيَّاتها روح إنسان جميلٍ، ودودٍ، متفاهمٍ، متفائل.
تعلمتُ منه المعنى الفِعلي والتنفيذي لحديث رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- :"يسِّروا ولا تعسروا، بشِّروا ولا تنفِّروا.." كم كنتُ أطربُ لكلمته بلهجته المصرية المحببَّة: "ما شي يا إبرهيم ، كويِّس، يا اللهْ شِدِّ حِيلَك" وغيرها من الكلمات ذات التعبير الخاص، والإيقاع التنغيمي، والنبرة المتميزة بصوته، والتي كانت تعطيني التفاؤلَ والحافزَ في العمل والإنجاز طول فترة كتابتي للرسالة، وفي نهايتها كانتْ المناقشة، وقد أثراها مع الأستاذين المناقشين أ.د/السيد إبراهيم محمد المناقش الخارجي من جامعة القاهرة فرع بني سويف، وأ.د/أحمد شمس الدين الحجاجي مناقشا داخليا، وكانت احتفاليةً كبيرةً حضرها خصِّيصًا من اليمن والدي حفظه الله وعمي وأخي وابن عمي وجميع الزملاء في القاهرة مع أصدقائي من كبار المثقفين والأدباء الذي أتذكَّر حضورَهم بكل اعتزاز ومنهم: القاص والروائي الكبير يوسف الشَّاروني، والشَّاعر عبد المنعم رمضان، وغيرهما ومن أساتذة القسم عددٌ كبيرٌ، ومن خارجه د.صلاح قنصوة من قسم الفلسفة، ود.أماني فؤاد، وكثير من جلساء صالون د. تليمة، وممَّن تعرفتُ عليهم فيه وهم كثرُ، وقد حضرَ من السَّفارة اليمنية عددٌ كبير من الملحقين والإداريين كما حضر الدكتور عبد الرحمن البيضاني نائب رئيس الجمهورية اليمنية الأسبق والشخصية الوطنية المعروفة، وكانت مناقشة حافلة وعامرة بالحضور، ولا أنسى مباركة الدكتور خيري الحميمية معلقًا على الحضور بقوله: (إيه الشَّعبية دي يا إبراهيم، أنت سِبت حدّ في اليمن؟!).



استمرت صداقتنا بعد ذلك، واستمرَّ تواصلنا الذي ما يزال من خلال اللقاءات في المؤتمرات والاتصالات الهاتفية، وعلى صفحات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك، والواتس أب) حتى كتابة هذه الأسطر.

 

زارَ اليمن مع أهله في صيف 2009م لزيارة والد زوجته الأستاذ الفلسطيني سرحان نمر الذي يقيمُ في اليمن منذ فترة طويلة، وكانت له زيارات سابقة لليمن لكن آخرها –تقريبا- كانت في ذلك العام، سعدتُ بصحبته، وزرنا معًا دار الحجر، ووادي ظهر في رحلة جميلة لا تُنْسى.



وظفرنا في برنامجه المزدحم بيومٍ ثقافيٍّ في ندوة نظَّمَها له نادي القصة اليمنية (إل مقه)، وكانت النَّدوة ثرية بالنقاش، والخبرات السَّردية الإبداعية والأكاديمية في حضور نخبة كبيرة من أعضاء نادي القصة الذين شاركوا في النقاش، والحوارات الكثيرة.













ثم تَبِعَ تلك الندوة زيارة لصنعاء القديمة وأمسية جميلة كان السَّرد حاضرًا في تفاصيلها، وكانت عوالم ألف ليلة وليلة تحفُّ المكان، وذلك في إحدى مقاهي صنعاء القديمة وفنادقها التراثية البديعة، كانت سهرتنا مع رفقة الحرف والسَّرد من القاصين اليمنيين منهم محمد الغربي عمران، وزيد الفقيه، وسامي الشَّاطبي، ومنير طلال، وبشير زندال، وبسَّام شمس الدين، ومحمد محسن، وآخرون. وما يزال دكتور خيري يتذكَّر ذلك اللقاء، وتلك الزيارة، ويحدِّثني عن عمق الحوارات التي أعجبته من شباب اليمن الواعين، ومثقفيه المبدعين المتميزين.


وفي مارس من عام 2015م ألتقيتُ بأستاذي خيري دومة في الملتقى الدولي السَّادس للرواية العربية الذي نظَّمه المجلس الأعلى للثقافة، في حفل الافتتاح، ثم في فعاليات الملتقى، وعلى عجل تبادلنا حوارًا سريعًا يقطعه مُسلِّمٌ للدكتور أو موظفٌ يستفسرُ عن شيءٍ ما؛ كونه أحد منظِّمي الملتقى وعضو لجنة القصة فيه، وقد أدار أكثر من جلسة من جلساته.
 ما يزال ذلك الرجل المثابر الوقور المثقف التميِّز، المليء بالحيوية وحسن الخلق والتصرف في زحمة أشغاله ومهامِّه الكثيرة. ثم زرتُه إلى مركز اللغة العربية والدراسات الشرقية الذي أصبح مديرًا له مؤمِّلاً أن أجدَهُ، وأظفر منه بلقاءٍ أطول وحوارٍ أَكثر هدوءًا، لكنَّه كان منشغلًا عن الحضور للمركز، وبسبب وقتي الذي أزفَ على النفاد وكان عليَّ العودة، حيث اقترب موعد الطائرة العائدة إلى مقر عملي بالسُّعودية بعد ساعاتٍ تركتُ له ديواني الجديد الذي حرصتُ على أن أهديه إليه مع محبة بالغة وتحية إجلال لأستاذي القدير والإنسان الجميل أبا نديم وآدم عليه السَّلام.   


تحية:
صديقي وأستاذي
لك الحبُّ غامرا
وأنت من الخيرِ الذي فيكَ خيرهُ

سلامٌ على أرضٍ سكنتَ ربوعها
وكانت هي الشريانُ
والنيلُ فخرهُ

سلامٌ مدى الأيامِ
يا خيرَ عالمٍ
تخيَّرَهُ المجدُ الذي زادَ قدرُهُ

وما العطرُ إلا نبضةُ القلبِ
سافرتْ
إليكَ بذكرٍ مشرقٍ
أنتَ عطرُهُ
==========
فصل الخطاب:
أخذ مصطلح "الحديث" يتشكَّل مصطلحًا سرديًا، ومع كل بحث جديد في الاتجاه ذاته كان المصطلح يتبلور بصورة ما. في هذه الأثناء، وخلال العمل على سرد طه حسين، ثم يوسف إدريس، كانت كلمة "الحديث" تعرض نفسها بقوَّة في التراث العربي شعره ونثره، وأصبح ضروريًّا البدء من هذه النقطة البعيدة، في محاولة لاستقصاء الظاهرة وتاريخها. ومن هنا كانت العودة على الفور لتأمل سيرة المصطلح في التراث العربي، كيف شاعت كلمة "حديث" و"حدثنا" ومشتقاتهما على نحو مدهش وبمعان متغيرة، وكيف عالجت المعاجم العربية الكلمة ومعانيها، وكيف شمل معناها أنواعًا مختلفة من أنواع النثر العربي القديم، فضلًا عن الشعر، وكيف تحرَّج الأدباء العرب القدامى –لسبب ديني- من استخدامها في وصف القصص، وكيف تسربت الكلمة إلى اللغة العامّية فصارت "حديت"، وكيف جرى تدليلها فصارت "حدوتة"، واكتسب معناها ظلالًا جديدة، حتى وصلنا إلى بدايات النهضة العربية الحديثة، وما رافقها من ظهور المصطلحات الجديدة كالقصة القصيرة والرواية وغيرهما"@ أ.د/ خيري دومة. من كتاب (أنت، ضمير المخاطب في السرد العربي).


 ********
 المحب:
إبراهيم أبو طالب.
 =============
نُشِر المقال في العدد الثلاثون من مجلة أقلام عربية، أبريل 2019م













ويمكن قراءة العدد كاملًا وتحميله من على الرابط الآتي:



تعليقات

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. دوم المحبة والمودة والإخاء بينكم ،،،
    تحياتي لكم جميعاً .

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن الحيمة الخارجية؟!

أعمال ومؤلفات الدكتور إبراهيم أبو طالب ودواوينه الشعرية [مرتبة زمنيا بحسب صدورها ( 1999- 2023م)]

24- الأستاذ الدكتور إبراهيم الصلوي (أستاذ اللغة اليمنية القديمة)