16- الأستاذ الدكتور عز الدين إسماعيل (مؤسِّسٌ وناقدٌ لم يتكرَّر، وشاعرُ "الإبيجراما" المختلف)


***************
- من هؤلاء تعلمتُ-
*سيرة ذاتغيرية*

(الحلقة السادسة عشرة، مجلة أقلام عربية، العدد(38)، ديسمبر2019م،ربيع الآخر 1441هـ.).
الأستاذ الدكتور/عز الدين إسماعيل
 (مؤسِّسٌ وناقدٌ لم يتكرر، وشاعرُ "الإبيجراما" المختلف)
************
إنه أستاذي وأستاذ أساتذتي الكبار، حيثُ أشرفَ على أستاذنا الدكتور عبد العزيز المقالح في رسالته للماجستير في منتصف سبعينيات القرن الماضي؛ عن رسالته الموسومة بـ"شعر العامية في اليمن" في جامعة عين شمس، وحضر إلى جامعة صنعاء أكثر من مرة، إبان كان المقالح رئيسًا لها، وفي أوقاتٍ مختلفة إمَّا أستاذًا زائرًا، أو مناقشًا لرسالةٍ علميةٍ، أو مشرفًا خارجيًّا، ومنها على سبيل المثال رسالة الأستاذ الدكتور عبد الواسع الحميري التي كانت عن "الذات الشاعرة في شعر الحداثة المعاصرة"، ولم يكن أيُّ طالب يحظى بمثل هذا الاهتمام أو بحضور قامة نقدية عربية كبيرة مثل الدكتور عز الدين إسماعيل إلا إن كانت رسالته تستحقُّ، وحينها تكون الجامعة في احتفالٍ بهيجٍ، ويحضر المناقشةَ الكثيرُ من الباحثين والأساتذة والعلماء، فمولدُ عالمٍ في اليمن، وكذلك في مصر، والإعلان عنه ليس كمثله فرح، في حضور النَّاس وامتلاء القاعات بالباحثين، وطلاب العلم، والأدباء، والمثقفين، والصحفيين، هذا فضلًا عن الأهل والأصدقاء، وكأنَّه يوم الزِّينة، وما ذاك إلا إعلاءً لشأن العلم واحتفالًا بمولد عالم، وتلك سُنَّةٌ حسنةٌ، وعادةٌ جميلةٌ.

وكنتُ قد حضرتُ مثل تلك المناقشات، أو تلك المحاضرات التي إن حضر فيها عز الدين إسماعيل وحاضر حضرت الجامعةُ –تقريبًا- للاستفادة والتعلُّم، وكم كان يُدهشُنا بسعة علمه، وحضوره المهيب، فقد زاده اللهُ بَسطةً في العلم والجسم، وكأنَّه طالوتُ العلماء.
جاء إلى صنعاء التي كان يحبُّها كثيرًا، وتحبُّه أكثر، كما أنَّ من دلائل ذلك الحبِّ كتابَه القيِّم "الشعر المعاصر في اليمن، الرؤية والفن"، الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1972م، عن معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة، وهو من أهمِّ ما كُتبَ عن الشعر اليمني المعاصر لأسباب عدَّة منها منهجيته العلمية والأكاديمية، وتحليلاته العميقة بلغة رصينة ومنهج منضبط، ولأنَّه في معظمه قد ألقي في محاضرات على طلبة قسم الدراسات الأدبية واللغوية في معهد البحوث التابع لجامعة الدول العربية بالقاهرة، في وقتٍ مبكِّر، وهذا الكتابُ كان أكثر حضورًا في دراستنا الجامعية الأولى، وعرفنا من خلاله شعر الموشكي، والزبيري، وغيرهما من شعراء اليمن أصحاب الرؤية الثورية، والتغيير الفعلي على مستوى الفكر والفن.
وما كان يدور في خَلدي بأني بعد سنوات سأكون واحدًا من طلاب ذلك المعهد، وسألتقي في قاعة الدرس بأستاذنا القدير عز الدين إسماعيل، حيث تلقيتُ على يديه عددًا من محاضرات الفصل التمهيدي من السنة الأولى في المعهد في العام الجامعي (1999/ 2000م)، وكانت محاضراته في الأدب والنقد تقدَّم ضمن عددٍ من المحاضرات التي يقدِّمها أساتذة المعهد في تخصصاته المختلفة، فعلى الطالب أن يدرس هذه المفردات: (الأوضاع السكانية، الأدب وقضايا الوطن العربي، عوامل الوحدة والتفكك، اقتصاديات التنمية، علم الاجتماع السياسي، المدخل للقانون، الأوضاع السياسية في الوطن العربي، الإعلام وقضايا الوطن العربي)، وهي جرعةٌ قيِّمة وأساسية يلقيها عليهم كبار المتخصصين، يأخذها طلاب العلم من مختلف البلدان العربية، والأفريقية، والأسيوية ممن يدرسون في ذلك المعهد العريق.
وكان أستاذنا رئيسًا لقسم الدراسات الأدبية واللغوية في المعهد حينها، وكان حريصًا على استضافة الأساتذة الكبار من مصر، ومن مختلف الأقطار العربية، وكان كثيرًا ما يهتبلُ فُرصة وجودهم في القاهرة لإقامة لقاءات معهم، وتقديم محاضرات يلقونها على طلاب القسم، وأذكر من تلك اللقاءات والمحاضرات المفيدة جدًا لقاءنا بالأستاذ الدكتور "عبد السلام المسدي" الناقد والأكاديمي التونسي الكبير، وقد حدَّثنا في محاضرته عن سرِّ تطور العلوم التطبيقية لكي يصل بنا إلى الدراسات اللسانية والمناهج المنبثقة عنها بنيويًّا وأسلوبيًّا وغيرها، ومن كلماته وتشبيهاته التي ما تزالُ راسخةً في الذاكرة قوله: "إنَّ الإنسان العربي ينتقل بوعيه من لغة الأُمِّ إلى اللغة الأم" وهو يقصد بها من اللهجات المختلفة المتأثرة بالتربية والبيئة المحلية إلى اللغة القومية الفصيحة المتأثرة بالتعليم، ومن أقواله: أيضًا، إنَّ العلوم التطبيقية وصلت إلى ما وصلت إليه من التطورات والفتوحات لأنها انطلقت من الجزء الدقيق في مجالاتها، فعندما اكتُشِفت النَّواة كان ذلك فتحًا في دراسات الذرة وعوالمها وتطبيقاتها، وحين ركَّزت البحوث الطبية على الخلية، وصلت إلى المعرفة الدقيقة والهائلة في مجالاتها، بل ووصلت إلى الاستنساخ، وما كان لها أن تحقِّق مثل ذلك لو ظلت تبحث في الكلِّيات العامة من الأشياء والأجساد كما كان أسلافها يبحثون، ومن هنا كان الفرق الهائل في التطور والبحوث الحديثة والاكتشافات العلمية الكبيرة والمدهشة، ومثلها اللغة، فحين وقفت الدراسات الحديثة واللسانية منها على وجه الخصوص عند الجزء: من الفونيم، والمورفيم، وثنائية الدال والمدلول، واللغة والكلام وغيرها كان الفتحُ المبين في الدراسات اللغوية والنقدية الحديثة، وتعدَّدت المناهج وانبثقت عنها كالبنيوية وما بعد البنيوية، والأسلوبية والتفكيكية، والسيميولوجية وغيرها.
وكان أستاذُنا عز الدين فاتحَ آفاقٍ ومحركَ معرفةٍ وأيقونةَ نقدٍ، وعَلمًا يشارُ إليه بالبنان والوجدان، وكان ينظِّم كل ثلاث سنوات مؤتمرًا دوليًّا لجامعة عين شمس بالتعاون مع الجمعية المصرية للنقد الأدبي، وهو رئيسها، ويختارُ لها المحاورَ ويرتِّبُ لها الأهداف، وفي العام 2000م كان المؤتمر الدولي الثاني للنقد الأدبي تحت شعار "قضايا النقد الأدبي على مشارف القرن الجديد" وعُقد في الفترة من 20- 24 نوفمبر، وقد حضره كبار النقاد العرب والمصريين، وكانت فرصةً لنا أن نلتقي بكلِّ تلك الأسماء الكبيرة والخبرات العالية التي نتعرَّف عليها مباشرةً، ونلتقي بها عيانًا بعد أن كانت معرفتُنا بها عبرَ مؤلفاتها وكتبها التي تملأ السمع والبصر، وتحرك العقل البحثي، والتأمل النقدي، وأذكر أنني في ذلك المؤتمر قد التقيتُ لأول مرة بالدكاترة الغذامي، ويقطين، وعلوش، وبرادة، والمسدِّي وغيرهم.
وكان أستاذنا عز الدين حريصًا على هذا المؤتمر الدولي الذي انعقد في حياته أربع مرات منذ تأسيسه في عام 1997م، والثاني عُقد في 20 - 24 نوفمبر 2000، والثالث فى عام 2003م، وكان بعنوان "الثقافة، والنقد الثقافي" والرابع في عام 2006م، وهو آخر مؤتمر نظَّمه قبل عام من وفاته –رحمه الله- وكان عنوانه "البلاغة، والدراسات البلاغية" وكان يشارك في تلك المؤتمرات نخبةٌ من أهمِّ النقاد العالميين، والعرب، والمصريين، وتصدر أعمالها في مجلدات عربية، بالإضافة إلى مجلد للأبحاث المقدمة بلغات غير عربية. ومن أبرز من شاركوا في مؤتمرات الجمعية السابقة من كبار الأساتذة والباحثين على الساحة العالمية؛ "روبرت ياوس"، و"هلموت آرنتسن" (ألمانيا)، و"كريستوفر نورس"، و"تيري إيجلتون"، و"إدموند رايت" (إنجلترا)، وإيهاب حسن، وغيرهم.
علَّمنا أستاذنا المثابرة والجدَّ، والإخلاص في العمل، فقد كان أنموذجًا للأكاديمي، والمثقف، والرائد في كلِّ المجالات التي عمل فيها، فهو باحثٌ مُدقِّق، ومنهجي منظَّم، وإداري حصيف، وإنسانٌ إنسان قبل كل ذلك وبعده.
ظلَّت علاقتي به متواصلة؛ ما سمعتُ بلقاءٍ سيتواجد فيه أو محاضرةٍ سيلُقيها إلا وبادرتُ بالذهاب إليها، والاستفادة منها سواء أكان ذلك أيام المعهد أم بعده. ومن أجمل عطاءاته الإبداعية والعلمية أنَّه حين صدر ديوانه "دمعه للأسى..دمعة للفرح" عام 2000م في طبعته الأولى جاء بعددٍ من النسخ ووزعَها علينا، وكانت لفتةً جميلةً تدلُّ على أستاذيته وجمال روحه، ولأوَّل مرةٍ تقعُ عيني في مقدمته لديوانه على مصطلح (الإبيجراما)، وعلى هذا النَّوع من الشِّعر، وكأنَّما أراد أستاذنا أن يطلعنا على هذا الفن، ويكملَ رسالته التعليمية التثقيفية التي بدأها بالمحاضرات في القاعة، وأنهاها بالتجسيد الإبداعي بين دفَّتي هذا الديوان العميق والدال على شاعرية الأستاذ، وهو بالمناسبة شاعرٌ مكين كما كان ناقدًا أمكن.
وحين قرأتُ الديوان شدَّني الأسلوب واللغة والمفارقة والفكرة في جميع قصائده ومقطوعاته إنه حقًّا نوعٌ يستحقُّ التأمل والقراءة، ويدفعُ إلى تحرير المصطلح ومعرفة أبعاده وأصوله، ولهذا حين بحثتُ في رسالتي للدكتوراه وجدتُ قربًا وشَبهًا من هذا الفنِّ في بعض القصص القصيرة والقصيرة جدًا، وإن كان هذا النوع إلى الشعر أقرب، حيث يمتاز بالخفة، والحدَّة، والسرعة، والقصر، ويتوخَّى التأنُّق الشديد في اختيار ألفاظه، وذلك ليقع موقعًا أخَّاذًا في النفس، ويدور على الألسن. ولهذا فقد وقفتُ على تحرير المصطلح في دراستي تلك، فالإبيجراما: كلمة مركَّبة في اللغة اليونانية القديمة من كلمتين هما:epos  و graphein، ومعناها الكتابة على الشَّيء، وفي البداية كانت تَعني النقش على الحجر في المقابر إحياءً لذكرى الموتى، أو تحت تمثال لأحد الشخوص. ثم أصبحت الكلمةُ تدل على الشِّعر القصير الذي كانت تُصَوَّر فيه عاطفة من عواطف الحب أو نزعة من نزعات المدح أو الهجاء، وتنتهي "الإبيجراما" بمفاجأة تلقي الضوء على أبياتها الموجزة القليلة العدد، وتمنحها دلالة خاصَّة من خلال السُّخرية والمفارقة.
وقد استفاض هذا النوع الأدبي في العصور الحديثة لدى شعراء أوربا وأمريكا بعد أن تمَّ صقله في القرنين السابع والثامن عشر على يد "فولتير" في فرنسا، و"شيلر" في ألمانيا، وغيرهما. وفي الأدب العربي لم يظفر بنماذج تُعلن عن وعي أصحابها به، وبخصوصيته، وشروطه إلا على يد "طه حسين" في كتابه"جنَّة الأشواك" وقد قدَّمه في الشَّكل النثري في حين قدَّمه أستاذنا عز الدين إسماعيل في الشكل الشعري من خلال ديوانه الذي يحمل عنوان"دمعة للأسى.. دمعة للفرح"مع مقدمة مهمة لهذا النوع.
 وقد نشر عنه الدكتور شكري عزيز الماضي مقالًا مهمًّا بعنوان (دمعة للأسى...دمعة للفرح؛ إشكالية مصطلح"الإبيجراما"..إلى روح الراحل الكبير عز الدين إسماعيل) نشره في صحيفة الدستور، ومما قاله: "ويبدو أن إبيجراماته التي بدأ بنشرها منذ منتصف الثمانينيات من القرن العشرين في المجلات الأدبية قد شكَّلت إغراءً لعددٍ لا بأسَ به من شعراء الجيل الأخير في ذلك القرن، الحداثيين وما بعد الحداثيين، شعراء قصيدة التفعيلة، وشعراء قصيدة النثر على السواء. هذا الإغراء الذي جعله - يكسرُ عزوفَه عن نشر مجموعات شعرية سابقة- ودفعه إلى نشر هذا النص الشعري ووضعه بين أيدي القُرّاء. ويلاحظ أنَّه يؤكد انتماء أشعاره "إلى النص" لا إلى "العمل" وهذا يعني أن الكتابة الإبداعية متحركة ومفتوحة، وليست ثابتة ولا مغلقة. كما يلاحظ أنَّه يقدِّم في "دمعة للأسى.. دمعة للفرح". مائة وست وأربعين (إبيجراما) لكنَّه يطلق على مجموع هذا العدد كلمة (نَصٍّ) لا نصوص. ويُلاحظ أن الفصل الواحد ينطوي على ألوان وأطياف متنوعة، وأنَّ عناوين الفصول تُشعُّ بدلالتين: دلالة ظاهرة، وأخرى ضمنية، والأولى توحي بالثانية، وإذا كانت الدلالة الظاهرة تتمثَّل في عناوين الفصول، وهي: فصل للذات، فصل للدنيا، فصل للأيام، فصل للبشر، فصل للمرأة، فصل للصمت والكلام، فصل للمعنى، فصل للحجارة، فصل للموت، فصل للعبث، فإن الدلالة الضمنية يمكن أن تتمثل في: الآخر، والحياة، والزمن، والمجتمع، والحب، والحرية، والنضال، والما وراء، والغموض..الخ" (انتهى كلام د.شكري الماضي).
وبعد خمسة أعوام من دراستي في المعهد تشرفتُ بأن كان أستاذي رئيسًا لجلسة علمية شاركتُ فيها مع الزميلين الباحثين: محمد الأكسر، وعلي عرجاش، في المؤتمر العلمي الأول للباحثين اليمنيين بالجامعات المصرية المنعقد في 17- 18 مايو 2005م. وكان مؤتمرًا علميًّا ناجحًا ورائدًا شاركَ فيه عددٌ كبيرٌ من الباحثين اليمنيين، كما حضره من قيادات السفارة والجالية اليمنية بالقاهرة عددٌ أكبر، وكانت تلك الجِلسة وذلك اللقاء آخر عهدي به، جزاه الله عن طلاب العلم والقرَّاء خيرَ الجزاء. وفي هذا المقال القصير لابدَّ لنا من الإشارة إلى التكوين المعرفي والثقافي لأستاذنا، ورصد بعض جهوده، وكتبه، وشيء من إسهاماته المختلفة.
الأستاذ الدكتور "عز الدين إسماعيل عبد الغني" من مواليد القاهرة، (1929 –2007)، تلقَّى تعليمه في القاهرة، حيث حصل على درجة الليسانس من قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة (جامعة فؤاد الأول سابقًا)، سنة 1951م، ثم الماجستير في جامعة عين شمس، سنة 1954م، والدكتوراه سنة 1959م، ثم رُقِّي إلى درجة الأستاذية في الأدب والنقد، سنة 1972. وقد تولَّى عمادة كلية الآداب بجامعة عين شمس في الفترة من 1980 إلى 1982، وعُين أستاذًا متفرغًا بقسم اللغة العربية في الكلية ذاتها بعد بلوغه الستين، سنة 1989.
درَّس في جامعات عربية كثيرة منها جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان، وجامعة بيروت العربية بلبنان، وجامعة محمد الخامس بالمغرب، وجامعة الملك سعود بالسعودية، وجامعة صنعاء باليمن، كما قام بزيارات علمية قصيرة إلى كلٍّ من الأردن، والعراق، والإمارات، والكويت، وتونس، وألمانيا، والبحرين.
وفي المناصب الإدارية عَمِل مديرًا للمركز الثقافي العربي في "بون" بألمانيا الغربية (1964- 1965م)، كما رأس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للكتاب،سنة 1982م، وعُين أمينًا عامًّا للمجلس الأعلى للثقافة،سنة 1984م، ثم رئيسًا لأكاديمية الفنون،سنة 1985م.
وأما عن عضوية الجمعيات الأدبية والثقافية فقد كان عضوًا في كل من جماعة الأمناء(1951)، والجمعية الأدبية المصرية(1954)، والجمعية الدولية لدراسة السَّرديات الشعبية(1980)، والجمعية المصرية للنقد الأدبي(1988)، وجمعية محبِّي الفنون الجميلة(1989)، وأتيليه القاهرة الفني والثقافي(1991) واتحاد كُتّاب مصر، والمجمع اللغوي في دمشق، وغيرها.
ومن مشروعاته الكبيرة ذات الأثر العظيم، وهو المؤسِّسُ الرائدُ، أنَّه أسَّس مجلة (فصول)1980، وترأس تحريرها حتى 1991م، وهي من أهم المجلات النقدية العربية، وأسَّس (جمعية النقد الأدبي)1988، ومجلة (إبداع)1983، ومجلة (عالم الكتب)1984، ومجلة (القاهرة)1985، وأسس (المعرض الدولي لكتاب الطفل)، و(المعرض الدائم للكتاب)(1984)، وغيرها، وهو بذلك يذكِّرنا بمقولة "هلدرين":(إنَّ ما يبقَى يؤسِّسه الشعراء).
وأمَّا عن مشروعه النقدي والأكاديمي والإبداعي، فإنَّ له عددًا من الكتبِ التي صارت علامات بارزة، وبالنقدِ هم يهتدون في الدَّرس العلمي والكتابات الأكاديمية، فما تكاد تخلو رسالة علمية محترمة من الإحالات المتعددة إليها في مشرق الوطن العربي ومغربه، لما تمتاز به كتاباته من رصانة في الطرح، ومنهج علمي منضبط في التناول، ولغة مميزة واضحة خالية من التقعُّر أو الغموض في البيان.
ومن كتبه المهمة نذكرُ: الأدب وفنونه، دراسة ونقد(1955م)، كتابه الأول، وهو في مرحلة الماجستير)،
 والأسس الجمالية في النقد العربي، عرض وتفسير ومقارنة، (رسالته للدكتوراه 1955م)،
 وقضايا الإنسان في الأدب المسرحي المعاصر، دراسة مقارنة،
 والتراث الشعبي العربي في المعاجم، التفسير النفسي للأدب،
 والروائع من الأدب العربي، الشعر العربي المعاصر: قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية،
 والشعر القومي في السودان، والشعر المعاصر في اليمن، الرؤية والفن، والشعر قيمة حضارية، والفن والإنسان،
 والقصص الشعبي في السودان، دراسة في فنية الخطابة ووظيفتها، والمصادر الأدبية واللغوية في التراث العربي،
 وفن الشعر العباسي، الرؤية والفن،
 ونصوص قرآنية في النفس الإنسانية...هذا بالإضافة إلى عدد آخر من الكتب المشتركة مع آخرين. وفضلًا عن مئات البحوث والمقالات العلمية المنتشرة في دوريات، ومجلات، ومؤتمرات علمية مختلفة.
أمَّا في الشعر والإبداع فلأستاذنا:محاكمة رجل مجهول (مسرحية شعرية،1986)،
 أوبرا السلطان الحائر، ودمعة للأسى.. دمعة للفرح (ديوان شعري،2000م)، هوامش في القلب(2007م) صدر بعد وفاته. وفي الترجمة له: 1) في الإبداع: رحلة إلى الهند، للروائي الإنجليزي "إ. م. فورستر" والسفينة ديربنت، للروائي الطاجيكي "يوري كريموف". 2) في النقد: نظرية التلقي لروبرت هولب(1994)،
 فرديناند دي سوسير لجوناثان كولر(2000)،
 مقدمة في نظرية الخطاب لديان مكدونيل(2001).
وقد أتته الجوائزُ مُنقادةً إليه تجرجرُ أذيالها، ومنها:جائزةُ القلم الذهبي (يوغوسلافيا، 1984)، وجائزة مؤسَّسة التقدم العلمي(الكويت، 1984)، وجائزة الدولة التقديرية(مصر، 1985)، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى(مصر، 1990)، وجائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب(السعودية، 2000)،[مناصفة مع الدكتور عبد الله الطيب المجذوب] وجائزة مبارك في الآداب(عن المجلس الأعلى للثقافة، مصر2007م).
*تحية*
إذا شِئتَ أن تُدركَ الفرقَ بين الأنامِ
ففتِّشْ عن الهمَّةِ الخالدة
عن الروحِ حينَ تسافرُ في كُلِّ سِفْرٍ عظيم
عن النَّفسِ وهي تعانقُ سرَّ الحياة
تحلِّقُ في المختلف
وتهربُ من طينِها الَّلازب المُنتهي
تقاومُ كلَّ اليَبَابِ، وعصفَ التُرابِ، وضيقَ الحدود
لتصنعَ من ذلك المستحيل الخلود!.
**فصلُ الخِطَابِ**
"كان يرى في موتِه حرّيته/ وفي حلول الموت لحظة الخلاص/ وحينما أحسَّ بالسَّهم يشقُّ صدره/ اغرورقت عيناه بالفرح"@عز الدين إسماعيل:(دمعة للأسى..دمعة للفرح).
 
* نُشر المقال في العدد -38 من مجلة أقلام عربية، ديسمبر 2019م. ربيع الآخر 1441هـ.
على الرابط الآتي:


تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن الحيمة الخارجية؟!

أعمال ومؤلفات الدكتور إبراهيم أبو طالب ودواوينه الشعرية [مرتبة زمنيا بحسب صدورها ( 1999- 2023م)]

24- الأستاذ الدكتور إبراهيم الصلوي (أستاذ اللغة اليمنية القديمة)