15- كتاب (خصائص التركيب في آيات العقيدة وأثرها في تقرير المعنى، دراسة بلاغية تحليلية، للدكتور علي بن محمد آل نومة القحطاني)
15- كتاب (خصائص التركيب في آيات العقيدة وأثرها في تقرير المعنى، دراسة بلاغية تحليلية، للدكتور علي بن محمد آل نومة القحطاني)
#إشارات_أدبية
بقلم: د. #إبراهيم_أبوطالب
هذا الكتاب في أصله أطروحة دكتوراه نال عليها الباحث الدرجة العلمية من كلية اللغة العربية بجامعة أم القرى، وطبعته دار العقيدة للنشر والتوزيع، ضمن سلسلة الرسائل الجامعية (25)، في عام 2021م، وجاء الكتاب في (512) صفحة من القطع الكبير مجلدًا بورق وملونًا.
احتوى الكتاب (البحث) على مقدّمة ضافية، وثلاثة فصول، وخاتمة (أضاف فيها المؤلف كما يقول: خلاصة بحثة في (118) خلاصة في (62 صفحة) بهدف التيسير على القارئ، وكتبها عند العزم على طباعته بوصفه كتابًا، للمِّ أطراف المسائل والفوائد بين يديه، بما يعطي تصورًا واضحًا لما عالجه البحث، وانتهى إليه.
ومما يمكننا عرضه مما جاء في المقدمة:
يُعَدُّ القرآن الكريم ذروة سنام البيان العربي، وأعظم النصوص فصاحةً وبلاغةً، مما جعل العلماء يتناولونه بالبحث والتحليل عبر مختلف العلوم، ومنها علم البلاغة. إذ لا يمكن لطالب العلم أن يدرك سر إعجاز القرآن الكريم دون التعمق في علوم البلاغة، التي تكشف عن روعة تركيبه وإحكام نظمه ودقة معانيه. وقد أشار العلماء إلى أن علم البلاغة ليس مجرد وسيلة للبيان الجمالي، بل هو أداة أساسية لفهم مقاصد النصوص الشرعية، ولا سيما ما يتعلق بالعقيدة.
ومن هذا المنطلق، جاءت هذه الدراسة لتسلط الضوء على "خصائص التركيب في آيات العقيدة وأثرها في تقرير المعنى"، وذلك من خلال تحليل بلاغي يتناول الجوانب التركيبية للنصوص القرآنية المتعلقة بالعقيدة. حيث يهدف البحث إلى إبراز دور التراكيب اللغوية في بيان معاني العقيدة، وشرح كيف ساهمت خصائص النظم القرآني في إيصال هذه المعاني بوضوح ودقة، مما يعزز فهم المسلمين لدينهم الصحيح ويواجه الشبهات المثارة حول النصوص الشرعية.
وقد اعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي الذي يجمع بين استقراء النصوص القرآنية واستنباط القواعد البلاغية التي تحكمها، مع الاستفادة من آراء علماء البلاغة والتفسير في تحليل هذه التراكيب وبيان دورها في توجيه المعنى العقدي.
وحيث كانت الخاتمة والنتائج هي غاية كل بحث وخلاصة كلِّ عمل علمي جاد يسهم في إثراء الدراسات البلاغية القرآنية، ويبيّن أثر علم البلاغة في فهم العقيدة وتقرير معانيها.
فقد خلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج المهمة، من أبرزها:
1. علم البلاغة في أصله وسيلة لتقرير المعاني العقدية وليس مجرد فن جمالي؛ بل هو علم نشأ لاكتساب مهارة الفهم عن الله ورسوله.
2. الاهتمام الزائد بالجانب الجمالي للبلاغة صرف كثيرًا من الباحثين عن الغاية الأصلية لها، وهي بيان معاني الوحي وإبراز إعجازه.
3. الخصائص التركيبية للقرآن الكريم، وخاصة في آيات العقيدة، لها دور أساسي في تقرير معاني العقيدة الصحيحة، مما يجعل علم المعاني مفتاحًا أساسيًا لفهم النصوص العقدية.
4. المفردة القرآنية ليست مستقلة في دلالتها، بل يتحدد معناها الحقيقي من خلال السياق والتركيب، مما يبرز أهمية دراسة النظم القرآني في استنباط الأحكام العقدية.
5. التأويلات الكلامية لبعض الفرق العقدية أدت إلى توجيهات بلاغية بعيدة عن السياق القرآني، مما يستدعي الاعتماد على قواعد اللغة والسياق التركيبي لفهم النصوص بشكل صحيح.
6. القول بالترادف بين مفردات القرآن يضعف الدلالة القرآنية، إذ أن لكل مفردة اختيارًا دقيقًا يعكس معاني محددة لا يمكن تعويضها بمفردة أخرى.
7. آيات العقيدة جاءت بتراكيب محكمة ومترابطة، مما جعلها وسيلة للإعجاز البياني وإثبات صحة الرسالة الإسلامية أمام العرب الفصحاء.
8. اشتغال بعض الفرق الكلامية بعلم البلاغة أثر على مسار البحث البلاغي، حيث حاولوا تأويل النصوص وفق معتقداتهم بدلاً من الاستناد إلى حقائق اللغة والنظم.
9. علماء أهل السنة والجماعة التزموا الألفاظ القرآنية والتراكيب اللغوية في تقرير العقيدة، مما جعلهم أكثر قربًا من الفهم الصحيح للنصوص.
10. اختيار لفظ "الإدراك" في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾ جاء لإثبات نفي الإحاطة بالله لا نفي رؤيته، مما يؤكد أهمية دراسة دلالة الألفاظ وفق سياقها.
وأمَّا عن التوصيات فقد توصَّلت إلى الاقتراحات والتوصيات الآتية:
1. تعزيز الدراسات البلاغية التي تعنى بتقرير المعاني العقدية والشرعية، مع التوسع في دراسة النظم القرآني وأثره في تفسير النصوص.
2. ضرورة إدراج الدراسات البلاغية في المناهج العلمية لطلاب الشريعة، وربطها بإعجاز القرآن الكريم؛ لتوضيح أثر البلاغة في فهم الأحكام والعقائد.
3. توجيه الباحثين للاهتمام بتحليل آيات الأحكام الفقهية والسنن النبوية من منظور بلاغي؛ لما في ذلك من دور في تعزيز الفهم الصحيح للنصوص الشرعية.
4. إقامة دورات علمية متخصصة لطلبة العلم في البلاغة القرآنية، بحيث يتمكنوا من استيعاب أسرار النص القرآني وبيان إعجازه.
ختامًا، فإن هذه الدراسة تبين بوضوح الدور المحوري للبلاغة في تقرير معاني العقيدة، وهو ما يجعل دراسة القرآن الكريم من خلال التحليل التركيبي ضرورة علمية لفهم نصوصه فهمًا دقيقًا وعميقًا.
نسأل الله أن ينفع بهذا البحث وأن ينفع بصاحبه، وأن يكون لبنةً في صرح الدراسات القرآنية التي تُعنى بإبراز عظمة كتاب الله ومعانيه السامية.
والدكتور علي آل نومة أستاذ جامعي عرفتُه إذ كان رئيسًا لقسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فكان إداريًّا حريصًا، وزميلا نبيلًا، يمتاز بعذوبة الحديث، وحضور البديهة، وقوة الشخصية، عالم في تخصُّصه، مجيدٌ في طرح أفكاره والدفاع عنها، ومتمكِّنٌ في البلاغة بخلفية ثقافية وتكوين تراثي رصين، وبقراءات بلاغية ونقدية في علوم القرآن وبلاغته وإعجازه، ومدافع عنه بكلِّ ثقة واعتزاز.
ومن أعماله وأبحاثه الأخرى:
1- رسالة ماجستير بعنوان (مباحث علم المعاني في تفسير الشيخ ابن عثيمين، جامعة أم القرى، منشورة على الشبكة العنكبوتية.
2- ومن الأبحاث المحكمة في المجلات العلمية: القول بالموجب بين البلاغيين والأصوليين، والفرق بينه وبين الأسلوب الحكيم – دراسة نقدية موازنة، مجلة جامعة الأزهر، 1444-2020م. الصلة بين علم البيان وعلم النحو- رؤية وتطبيق من خلال كتابي عبد القاهر الجرجاني، مجلة عين شمس، 2020م. والإعجاز البياني عند الماوردي ورده الشبه المحتملة فيها من خلال كتابه دلائل النبوة، مجلة الجامعة الإسلامية بالمدية المنورة، 1444 – 2023م. وآراء الهاشمي ومنهجه في النقد من خلال كتابيه "جواهر الأدب"، و "جواهر البلاغة"، مجلة آداب ذمار، 2023م.
3- مقدمة في علم الأسلوب، صادر عن دار المتنبي، ط1، 1442. وغيرها.
#يقول: علي_آل_نومة: في الخلاصة رقم 112: " قوله تعالى عن المنافقين: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بهم: هو استئناف بياني، وجواب السؤال مقدَّر؛ فيكون مما أسماه البلاغيون بـ (شبه كمال الاتصال)؛ كأن سائلًا قال: فما جزاء هؤلاء المستهزئين؟ فكان الجواب: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (البقرة: الآية 15)، وقوله تعالى قبل هذه الجملة: إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ [البقرة: الآية (14) هو حكاية عنهم أنهم قالوا، وليس بخبر من الله تعالى، وقوله: اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ: خبر من الله تعالى أنه يجازيهم على كفرهم واستهزائهم. وإذا كان كذلك، كان العطف ممتنعًا؛ لاستحالة أن يكون الذي هو خبر من الله تعالى، معطوفًا على ما هو حكاية عنهم، ولإيجاب ذلك أن يخرج من كونه خبرًا من الله تعالى، إلى كونه حكاية عنهم، وإلى أن يكونوا قد شهدوا على أنفسهم بأنهم مؤاخذون، وأن الله معاقبهم عليه."
تعليقات
إرسال تعليق