إطلالة على ديوان (حين يهب نسيمها) بقلم الباحث الأديب محمد محسن زيد الحوثي




إطلالة على ديوان (حين يهب نسيمها)
للشاعر الدكتور/إبراهيم محمد أبو طالب
بقلم: أ. محمد محسن الحوثي
مدخل:
هذه الإطلالة لا تعتبر قراءة نقدية – نقداً علمياً- وإنما خربشات من منظور قارئ متذوق – متلقي- ومتابع لبعض الفعاليات، والنتاج المرتبط بالمشهد الثقافي؛ هذا من جانب، ومن جانب آخر، عدم امتلاك المداخل والمناهج والمفاهيم والمصطلحات العلمية المتصلة بالنقد الأدبي بصورة خاصة، ومعاني الكلمات العجمية وبنية الجملة ومعناها المركب، وبحور الشعر، والبلاغة والبيان بصورة عامة، ويرجع كل ذلك لعدم التخصص العلمي،
ومعرفة المصطلح بحد ذاته يعتبر مفتاحاً من أهم المفاتيح لأيّ علم، لهذا أطلب العذر عن الأخطاء سلفاً، فقلمي حائر بين الحرف والحرف، ماذا يسطِّر، وكيف يكتب؟! يا الله أعنِّي، فأنا الواقف في باب الدهشة، أتصفح هذا الديوان أقرؤه نصاً نصاً، سطراً سطراً، حرفاً حرفاً، والوقت يطاردني.
لا شكَّ سأقرؤه مرات عدة، سأعود إليه، لكني الآن أدعو قلمي أن يستدعي بعض الأحرف والكلمات والجمل الصغرى، أفتتح الورقة، وبحكم متابعتي واهتمامي بالمشهد الثقافي، يبرز لنا في النتاج الشعري والقصص ثلاثة أنواع:
-النتاج الفردي، أي أن الأديب يصدر نتاجه بصورة مستقلة، وهذا النوع مألوف ومعتاد.
-الإصدارات الثنائية، وداخل هذه الثنائية أنواع شتّى ويعبّر عنها بـ(الدويتو) وتتلازم الثنائية حتى دون إصدارات، كما تتعدد في المجال الواحد، مثلاً (جرير والفرزدق)، (المتنبي وسيف الدولة)، وفي الشعر والغناء(أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب،الفنان أيوب طارش والشاعر عبد الله عبد الوهاب نعمان(الفضول) ، الشاعر محمود الحاج، والفنان أحمد فتحي الشعر) وفي الفن التشكيلي، (الشاعر/ أحمد العواضي، والفنانة التشكيلية آمنة النصيري)، الديوان الذي بين أيدينا يدخل ضمن هذا النوع من الثنائية،(الشاعر الدكتور إبراهيم أبو طالب والفنان التشكيلي/سمير مجيد البياتي)، فالمجموعة تحتوي على نصوص شعرية مقروءة، ونصوص بصرية ملحوظة.
- أما النوع الثالث من الإصدارات الأدبية، فهي الإصدارات الجماعية ثلاثة أدباء فأكثر يقومون بإصدارٍ واحد، كما هو في جماعة(وحي) التي أصدرت مجموعتين شعريتين، المجموعة الأولى، تحت عنوان (سماوات) وشارك فيها أحد عشر شاعراً وشاعرة والمجموعة الثانية (أناجيل) وشارك فيها شاعران وشاعرتان، كذلك (كتاب الربيع) ديوان شعر جماعي لشباب من المعتصمين والمحتجين، وغير ذلك، ولكل نوع مما سبق مميزاته، وكلها صائبة، غير أن الإصدارات الثنائية والجماعية تنمي روح التعاون وتعطي حافزاً أكبر وأجود للاستمرار في النشاط الأدبي، ومن جانب آخر، أنه وفي ظل التغيرات الجديدة، ممثلة في الرأسمالية الطاغية والفردية المتوحشة التي تقود إلى تكريس الفوضى، لاسيما في مجتمعات دول العالم النامي، نكون أكثر حاجة إلى الأعمال الجماعية والثنائية إلى جانب الأعمال الفردية، ومن جانب آخر مأسسة الأنشطة والنتاج الأدبي والفني؛ لأنه يكون أكثر فاعلية وأعمق أثراً.
والديوان الذي بين أيدينا يجمع بين النص الشعري، والنص البصري كما سبق التوضيح لمعلمين بارزين، الفنان الأديب/ سمير مجيد البياتي، والشاعر الأديب الدكتور/إبراهيم أبو طالب أنشط الأكاديميين المتخصصين في علوم اللغة العربية والأدب نتاجاً، وأكثرهم حضوراً وتفاعلاً وارتباطاً بالمشهد الثقافي مذ عرفناه طالباً في الجامعة، وإلى وقت غير بعيد كنّا نخاف ونتألم عندما نفقد عالماً أديباً أوشاعراً حاضراً ومتفاعلاً مع الأحداث، ورغم وجود أعداد لا بأس بها في هذا البلد الحبيب، إلا أن أدوارهم كانت غائبة عن الساحة – المشهد الثقافي- حتى السياسي، إما للاكتفاء بمهنة التدريس، أو الانقطاع والانعزال عن المجتمع، ولهذا لم يظهر إلا قليلٌ منهم، ويأتي في مقدمتهم د/عبد العزيز المقالح، والشاعر الأديب الفيلسوف المرحوم/عبد الله البردوني، ونحن اليوم أوفر حظاً؛ إذ الساحة تحظى بعدد لا بأس به من المتخصصين في اللغة العربية وعلومها، والأدب وفروعه..الخ، ولكن الإشكالية تظل قائمة، فالمتفاعلين مع المشهد الأدبي – الثقافي من هؤلاء  المتخصصين قليل جداً، ومن خلال المتابعة، فإن المتفاعلين قليل، ويعدّونَ بأصابع اليد، لأنهم إما اشتغلوا بالسياسة، أو انكفئوا على أنفسهم، مكتفين بوظائفهم الإدارية، وبمهنة التدريس عند البعض، والمفترض أن يكونوا حاضرين في المشهد الثقافي، وأن يكون لهم دورٌ بارز، على الأقل لكي نستفيدَ من قراءاتهم ورؤاهم.
لهذا أدعوهم إلى التفاعل مع المشهد الأدبي – الثقافي، فهو مرتعهم الخصب، ولا خوف، فإذا توفَّر أمثال الدكتور/إبراهيم أبو طالب فسيكون المشهد بخير، وإن كان يحتاج إلى جهود الجميع.


العنوان: سرُّ جمالٍ، وعتبة رئيسية للولوج إلى النصوص:
(حين يهب نسيمها)
         يمثل العنوان في هذه المجموعة – الديوان- نصاً كلياً، والعناوين الداخلية وما تحتها من نصوص أجزاء، وما دام العنوان يحتوي على مدلول النصوص، فإنه يعتبر بمفرده جنساً أدبياً مستقلاً، ويعتبر أيضاً مصطلحاً إجرائياً ناجعاً ومهماً في مقاربة النصوص، ومفتاحاً أساسياً نستطيع الولوج به إلى أغوار النصوص العميقة، بقصد استنطاقها وتأويلها، ويتطلب من القارئ المتأمل تفكيك النص من أجل إعادة تركيبه عبر استكناه بنياته الدلالية والرمزية، وجسّ نبضه وتجاعيده، وترسباته التركيبية على المستويين الدلالي والرمزي، ويتطلب مجهوداً كبيراً في التحليل، يصعب طرحه في هذا الحيز من الورقة.
   وفي هذا العنوان الذي أجاد وضعه الشاعر، وأثبت فيه قصدَهُ بحيث يتناسب مع مضمون المجموعة الشعرية، حيث يلمس القارئ – أو يرى- أن العناوين الداخلية تناسلت من رحم العنوان الرئيسي.
   ويكمن سرُّ الجمال في الحذف الذي يتيح للقارئ المتأمل أن يستدعي في مخيلته جملة من الإيحاءات والدلالات.
كما يتيح للقارئ المتمعن أن يجد في الديوان إجابة للعنوان.
   جمالية العنوان أنه جاء مغلفاً ببعض الغموض، حيث أن الضمير (ها) في (نسيمها) جاء داعماً يحمل أكثر من دلالة.
في الشعر الغنائي ارتبط النسيم بهبوب الرياح الطّرية والندية صباحاً مثلا:
أغار على خدك من لمس كفك



ومن نسيم الصبح حين يهفّك

يا نسيم الصباح سلِّم على باهي الخد


نبِّهه من منامه




·         المعنى الأولي: المتبادر إلى الذهن (الحبيبة) والحبيبة إذا استقرأنا دلالة رمزية لها فقد تدل على أكثر من دلالة (الأرض، الوطن، الحرية، الثورة، الحقيقة،..الخ).
  • وإذا سمح للناقد أن يعتمد الغلاف في أوله ورسومه، فيظهر أو تبدو (صورة الكرسي) مشدوداً بالحبال، وله دلالة رمزية، وصورة الغلاف الخلفي(الحمامة، المجسّم، العلم الوطني، الشجرة) فإن رمزية كل هذه الصور تتمثل في أنها  تعتبر دلالات توجه قراءة العنوان إلى دلالة (الثورة السلمية)، ثم يأتي اختيار النص على الغلاف الخلفي ليؤكد ما ذهبنا إليه، حيث منطوقه يقول:
ثورتنا
مدنية شبابية سلمية
يقظة روح شعبية
ترفض كل دعاوى التفتيت
وتكرهُ نغمات الحزبية
أيّا كانت
تأتي بنشيدٍ أو عود
أو موسيقى أو بوق
أو حتى بزوامل شعبية
ثورتنا
لا تقبل إلا صوتاً يمنيا
يصنعُ في ساحات التغيير
ويُنتجُ بأيادٍ وطنية
لشبابٍ خرجوا
من رحم الضِّيق
وُلِدُوا
من طين الحاجة
وجدوا
من نفخة روح الحرية..
                                الديوان ص27
غلاف الديوان:-
   شاعت في الأوساط الأدبية ظاهرة قديمة جديدة، تتمثل في شغل الغلاف الأمامي والخلفي بإشارات دلالية، ولوحات فنية تشكيلية، وغالباً ما توحي اللوحات التشكيلية بطبيعة نظام الرموز، وسهلت التكنولوجيا الحديثة مثل هذا الاشتغال، كما هو في غلاف الديوان الذي بين أيدينا، كما أن لاختيار اللوحات والألوان دلالات وإشارات، تحيلنا إلى المضمون أو تقربنا منه.
الغلاف الأمامي:- كلّ ما على الغلاف له دلالة، ويوحي بشيءٍ ما. فلو تأمّلنا بنظرة خاطفة إلى الغلاف – الوجه الأمامي- لرأينا ألوان العلم الجمهوري على الغلاف دون ترتيب، ولو كان لونُ العنوان أبيضَ، وكلمة (شعر) باللّون الأسود، لكان العلم، وتعبّر عن ثورية صاحب الديوان.
-         أرضية الغلاف، تميل ألوانها إلى ألوان الفضاء – السماء – اللون الأبيض في الوسط، يحيط بالكرسي، ثم يتدرج اللون إلى السماوي، فالرمادي، فالداكن، ثم تأتي اللوحة الرئيسية ممثلةً بالكرسي، والمقصود به (كرسي السلطة)، المنصب الأول في الدولة، كما يعبّر عن كل من له نصيب في النظام، وشكل الكرسي فنّياً يسمّى بالكولاج أي: (قصّ ولصق لأشياء ماديّة).
-         ويوحي لنا الكرسي الملبّس بالقطيفة المزركشة (المشجّرة) بعدد من الدلالات والإشارات منها:
1-   يبدو الكرسي وكأنه يطير في الفضاء، لصعوبة الوصول إليه، فهو-رغم قربه- بعيد المنال، وتحته اللّون الداكن الذي يميل إلى السواد، أو الظلام – الليل- الذي يحجبه عن الأرض، والدلالة الرمزية، تتمثل في أن من يجلس على الكرسي- كرسي الحكم- يكون بعيداً ومحجوباً عن الناس- المواطنين- وعن الواقع المعاش، ويكون في همّ كبير، وفي العلوم السياسية تسمّى مثل هذه العلاقة أزمة عدم الاندماج بين القيادة والجماهير.
2-   تبدو قوائم – أرجل- الكرسي مشدودة الوثاق بالحبال من كل جانب، ويحيلنا مثل هذا الأسلوب من الربط والشدّ إلى ما يسمى ب"تعدّد القوى" التي تتنازع على السلطة (كرسي الحكم)، ودلالته استدعاء حادثة وقعت في الماضي، مثل تنازع قادة القبائل في (مكة المكرمة) واختلافهم حول من يضع الحجر الأسود في مكانه بـ"الكعبة المشرفة"، وبعد الاختلاف والشدّ والجذب ارتضوا بحكم أول داخل عليهم، فكان أول الداخلين الصادق الأمين والنبي الكريم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وآله وسلم – قبل البعثة- فوضع رداءه، ووضع "الحجر الأسود" في الوسط منه، وقال حكمه الشهير: "كل قبيلة تأخذ بطرف"، فلما رفعوه أخذه بيده الشريفتين ووضعه مكانه، ويحيلنا إلى دلالة أخرى أن الحكم لا يكون إلا بالتوافق-ولمن يستحق- أو أن يظل معلّقاً.
3-  تبدو بعض الأوراق وهي تتساقط – تطير- في الهواء حول الكرسي، وتدلنا مثل هذه الصورة إلى خطاب الرئيس(السابق) علي عبد الله صالح، في شهر مارس 2011م، الذي وصف فيه من استقال من المؤتمر الشعبي العام، أو الوظيفة العامة- أثناء الأزمة- بأنهم سقطوا كما تتساقط أوراق الخريف.
الغلاف الخلفي:
   تتميز المجموعة الشعرية التي بين أيدينا بلوحة تركيبية تميل إلى الواقعية، أو تصوير ملون للحدث، ولها دلالتها الإشارية، بما توحي به تعدد ألوانها، وأشكالها، ويمكن أن نطلق عليها باللوحة التركيبة تشكيلاً، وزماناً، ومكاناً..الخ.
   وعند تفكيكها نجد صورة الشاعر، والمجسم الذي يحمل الحكمة (الإيمان يمان والحكمة يمانية) وهو حديث شريف، ومن جانب آخر أنه يشير إلى المكان الذي تجمّعَ حوله المعتصمون في شارع الجامعة، ومنه انطلقوا ومارسوا أنشطتهم وأفعالهم وأدوارهم،ثمّ الشجرة المورقة المثمرة، وهي تعبير عن الخير والتجذّر في الأرض، والعَلم أيضاً ينطلق من صدر الشاعر، ويلتف على مجسّم الحكمة، منطلقاً في الفضاء، وينتهي بحمامة تطير عالياً، والحمامة تعبّر عن السلام، بل هي رمزه، إلا أن الألوان أمامها تبدو معتمة، يبدو في الأفق خطان متوازيان يشعّان من آخر الأفق-الشمس- عند رأس المجسم، الذي أصبح بالنسبة لهما مثل شوكة الميزان، واللون الأصفر يمثل لون الغيرة، ويسر الناظر إليه، قال تعالى في محكم الذكر  في وصف بقرة بني إسرائيل:{ قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِـعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} البقرة69،  واللوحات التشكيلية للفنان الأديب/سمير مجيد البياتي، كتب في الجانب الأعلى-الأيسر للغلاف قصيدة شعرية، اعتقد أن الشاعر اختارها لترشدنا إلى مضمون الديوان، وتعتبر قلبه، والعتبة الرئيسية بعد العنوان الرئيسي للديوان، وفي نفس اللحظة عن الحدث الذي كان الشباب طليعته، والهدف الذي يصبون إلى تحقيقه (الحرية، وبناء يمن جديد).
 في أسفل الجانب الأيسر من الغلاف،اسم دار النشر وأرقام الهواتف (أوان للخدمات الإعلامية، طباعة ونشر- دعاية وإعلان).
ومن خلال تصفحنا للديوان وإلقاء نظرة أولية عليه، لاحظنا بعض الإشارات التي توحي بأن دار النشر لم تحترف الطباعة، ويبدو جلياً في تنسيق اللوحات التشكيلية الموجودة على الغلاف، حيث تم ضغطها من فوق وتحت، وتركت من الجوانب، فبدت للرائي متضخمة (منتفخة) ولا أدري كيف أفسّر مثل هذا الشيء؟ وكيف ترك الشاعر- صاحب المجموعة – ذلك رغم أن لديه دواوين ومجموعات وكتب سابقة، سواء في اليمن، أو مصر، أم أنه ترك ذلك، أو أراده بوعي وإدراك!.
حجم الديوان وتقسيماته:
يحتوي الديوان على (137) صفحة من القطع الصغير فوق الجيبي، (مقاس14.5سم X19.5سم) -والنتاج الأدبي والفكري، والعلمي، لا يقاس بالحجم، وإنما بالمضمون، والمحتوى- والإجراء الأسلوبي للقراءة يحتمُ علينا التوضيح، علماً أن الحجم –حجم الورقة- لا يتناسب مع المضمون، ولا الحدث، ولا أدري – مرة أخرى – هل هي سياسة دار النشر، أم فكرة صاحب المجموعة، ولديه تجربة سابقة، لا سيما آخر عملين شعريين سبق وأن صدرا عام 2010م عن دار عبادي، بحجم معقول، وربما أنها المغايرة والتنويع في الحجم والشكل.
والديوان – المجموعة الشعرية- يحمل عدداً من العناوين الداخلية، التي يندرج تحت كل منها موضوع له دلالة استقلالية وارتباطية في نفس اللحظة، صحيح أنه لا يوجد تناسب بينها من حيث الحجم، إلا أننا نجد تناسباً بين العنوان- الجزء- والمادة الواردة، أو التي تندرج تحته، ويمكن توضح التقسيم كالتالي:
-         مقدمة – قصيدة تحت عنوان (وطني)
-         منهم – ثلاثة قصائد تحت عنوان (محمد البوعزيزي، شباب ثورة 25يناير، صرخة الزيتون)
-         إلينا – ثلاث وستون قصيدة (هي قلب الديون).
-         إليكم – قصيدة رمزية استشرافية (أفق جديد).
-         الإجمالي 68 قصيدة ومقطوعة شعرية.
-         قصيدتان فقط من الشعر العمودي، المقفى وبقية القصائد مندرج تحت لون–جنس- قصيدة التفعيلة، والومضة، ولأن الشاعر متمكن من لغته الأدبية، وبحكم تخصصه العلمي وإجادته للشعر العمودي فإن القافية والروّي من السمات البارزة، والواضحة، في جل القصائد والمقطوعات الشعرية.
مقدمة العنوان الفرعي: الأول:-
موقع الوطن في المجموعة الشعرية:
يمثل الوطن حالة خاصة في نفوس الأدباء والشعراء منذ القدم، ويحتل مكانة أخصّ في نفوسهم وأفئدتهم، وتنشغل به عقولهم، وقد جمع الدكتور/عبد العزيز المقالح مجموعة لا بأس بها من النصوص الشعرية التي لها ارتباط بالوطن، وأصدرها في سنوات سابقة، لم أعد أتذكر عنوانها، ويعتبر المقالح من الأدباء المثقفين الذين ارتبطوا بأوطانهم، ونستشف ذلك من نتاجهم الأدبي والثقافي والفكري، (شعراً ونثراً)، ولم يسبق له أن هجا وطنه، حتى يوم الخميس 25رمضان 1432هـ الموافق 25/8/2011م، عندما طالعتنا صحيفة الثوري بقصيدة للدكتور المقالح تحت عنوان: (في هجاء وطن) فكانت الصدمة بالنسبة لي، وبدأتُ قراءتها بيتاً بيتاً.
ماليس مقبولاً ولا معقولاً


أن يصبح اليمن الحبيب طلولاً

أن يشتوي بالنار من أبنائه


ويناله منهم أذىً وذبولاً

ثوراته موؤدةٌ ودماؤه


مسفوحةٌ تروي الثرى المشلولا

حتى وصلت إلى الأبيات القائلة:
إني لأهجوهم وأشعر أنني


أهجو كياني مبدءاً وأصولا

وأذمّ نفسي حين أضمر ذمّهم


وأراني المذمومَ والمقتولا

فبُهِتُّ! وأكملت:
لكنني- يا ويح نفسي – لم أزل


في الناس من أفعالهم مذهولا

خرجوا على القيم الأصيلة واحتذوا


درباً إلى أوهامهم مرذولا

لا يسمعون نداء صوتٍ عاقلٍ


أو يأخذون إلى الوئام سبيلا

  فانفرجت أساريري، لأني لا أعرف أحداً تغنى بوطنه، مثل الدكتور/المقالح فكيف يهجوه؟، القصيدة بديعة، وتحتاج إلى قراءة متأنية، عدد أبياتها عشرون بيتاً، تغنّت الفنانة اليمنية"شروق" بثلاثة عشر بيتاً وتركت سبعة أبيات!.
   والشاعر/أبو طالب يلحق بركب المقالح في حبِّ وطنه والتغنِّي به، بل هو المعجون بثرى وأمجاد وطنه، ولهذا يتألم ويتأذّى لما يصيبه ويعتريه في المحن والفتن، ومن يتتبّع نتاجه الأدبي– الشعري- أو مشاركاته في المهرجانات يلمس مدى ارتباطه بوطنه الحبيب والعزيز والغالي على كل شيء، فالمجموعة التي بين أيدينا تضم قسماً تحت عنوان (مقدمة) يندرج تحتها قصيدة واحدة، من اللون العمودي المقفّى تحت عنوان: (وطني)، وفيها يتألم من الحال الذي وصل إليه الوطن بسبب الظلم والفساد، والجهل وجور القائمين على السلطات، ويتساءل ويجيب في نفس اللحظة، والقصيدة إحدى القصائد المذيلة بتاريخ 20/6/2010م، ومما لا شك فيه أن للتاريخ مدلول لدى الشاعر على الأقل، وعدد أبيات القصيدة ثلاثون بيتاً منها:
وطني ذرَفَتْ عيناك دما
وسَرَتْ أمجادك غابرةً
ثُرْنا بالأمس على صَنَمٍ
فُقنا كي ننهض من عدمٍ

وأحال الفرح إلى حزْنٍ
الجهل تفشّى مخلبهُ
ما جدوى العِلم بلا عملٍ
والفقرُ توطّن في وطني
ثم يسأل ويجيب:
والصحة أين غدَتْ منّا؟
بحياتك يا وطني داءٌ
وعصابة سوءٍ سيّئةٍ
من كان عظيماً تبعدهُ
ورغم هذا نجد الأمل في قوله:
قُلْ للجُبَناءِ سنَفْضَحُكُم
ويستمر في الأمل المنتظر:
إن ضاع وجودكَ يا وطني
بالعِلم وصدق الإخلاصِ
وسَتُخْرِجُ أرضُ الأعلامِ
ثم يجيء بالحل كما يراه، ويتساءل:
لو جُمِعَ الشّعبُ على هدَفٍ
ومضى في صِدْقِ إرادتهِ
فمتى يا وطني تنتفضُ؟
 

وَانْهَدَّ وجودك وانعدما
واليوم جلالك قد هُزِمَا
واليوم غدا كلٌّ صنما
فأتى من جَرَّعَنَا العدَمَا

وبياض الصّبح غدا ظلمَا
وكأنَّ العالَم ما علما
هل أجدى الفهم؟ ومن فَهِما؟
ومضى يقتلُ فيه القيما

طَفَحَتْ عجْزاً؛ ملئتْ سَقَما
وجهول لا يرضى الفهما
لا تعرِفُ حقّا أو حُرَمَا
وتُقرِّبُ في الحُكْم الغَنَمَا

والوطنُ سيَغْدو مُبْتَسِما

فاْثْأَر لحياتِكَ مُعتزما
سيكون الحبُّ لنا حَكَمَا
من خير النّاس لنا علَمَا

وبحبل الحقِّ قد اعتصما
لَغَدَا الحُكّامُ له حَكَمَا
وتَعُودُ عظيمًا مُحتَرمَا؟!


 وبحكم أن الشاعر يتأثر بمحيطه الخارجي الذي يستثيره نجده في مجموعته الشعرية (أنشودة للبكاء) الصادرة عام2000م عن مركز الحضارة العربية- القاهرة، أنشأ نصاً شعرياً نثره الشاعر من حيث الشكل، بينما هو في الأساسِ عبارة عن ثلاثة أبيات من جنس الشعر العمودي المقفى، وردت في ص77 تحت عنوان (مفتتح البكاء) وهي:
وطني أحبك رغم كل متاعبي


مذ كنت في هذا الوجودِ وجودي

أودعتُ في محرابِ عشقك قبلةً


وبعثتُها في العالمين نشيدي

لو لم أوحّدْ خالقاً متفرداً


لجعلتُ نحوكَ قبلتي وسجودي

مثل هذا التصوير في حبّ الوطن لا يطاوله صورة لا سيما حالة السجود، فماذا بعد القِبْلة والسجود؟!
-         موقف آخر من الحب وتجسيد الوطن والتغني به في المهجر، واستدعاء الوطن بصفات متعددة (أرض بلقيس، يمن الإيمان..الخ)، ففي مهرجان عكاظ الشعر العربي بساقية عبد المنعم الصاوي، القاهرة، الذي استمر لمدة ثلاثة أيام 24-26/9/2005م، افتتح مشاركته بالقصيدة التي تحمل عنوان (روح بلقيس) والقصيدة منشورة في ديوان (تنويعات مسافرة)، ص21-25، والقصيدة طويلة، يقول في مطلعها:
الله أكبر هذا السيفُ والقلمُ


وهذه يمنُ الإيمانِ والحكمُ

وهذه روحُ بلقيس وذي يزن


من أرضها قد أتى التاريخُ يبتسمُ

وهذه يحصبُ الخضراء شامخة


على ذراها تربّى الخيرُ والكرم

في مهدها ردّدَ الإنسانُ أغنيةً


فأنشدتها بفخرٍ بعدهُ الأمم

إلى أن يقول:
الله أكبر عيدٌ صاغهُ الظفر


يا وحدةَ الشعبِ نحن الأهل والذِّمَمُ

نحن الذين فديناك بأنفسنا


وهان من أجلك الأبناءُ والحُرَمُ

من أجل عينيك خُضْنا الصعبَ مكرمةً

فأنت فينا الهوى والعز والقيمُ

مايو2000م
ويوحي تاريخها بأن الشاعر أنشأها ونظمها بمناسبة ذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية (22مايوم 1990م)، نكتفي بالأمثلة السابقة الدالة على حب الشاعر لوطنه، وقلةٌ هم الذين يترجمون مثل هذا الحب في نتاج أدبي أو فكري، ولا نجد هذا التجسيد والصور البديعة للوطن إلا عند من يمتلك تجربة صادقة، نابعة من القلب والعقل معاً، والشاعر يتماهى مع وطنه أرضاً وإنساناً ، تاريخاً وحضارة، حاضراً ومستقبلاً.
منهم: العنوان الفرعي – أو القسم الثاني – للديوان، وتحته ثلاث قصائد هي:
1-  (محمد البوعزيزي) وتحكي القصيدة الحدث، ورد الفعل، ومن ثم التداعي، فالثورة في تونس.
2-  (شباب ثورة 25يناير) ويقصد بها الشاعر الشباب الذين خرجوا إلى الشارع في مصر للمطالبة بإسقاط النظام، والتغيير، وهي القصيدة الثانية في الديوان من اللون العمودي المقفى.
3-  (صرخة الزيتون: أهداها إلى المرابطين في صرح الشهادة): ومن وحي النص نعرف أنه يقصد أبناء فلسطين، وثورتهم التاريخية والمستمرة ضد المستعمر.
والشاعر يحيلنا في النصوص الثلاثة إلى استجلاب النموذج الأمثل والعمل بجد وهمّة، من أجل أن ينعم الوطن بمستقبل أفضل، وبذلك يكون التغيير مماثلة بتونس، ومصر، ومنهم يستمد العزم وتقليد الفعل الثوري – التغييري-.
إلينا: العنوان الداخلي الثالث، ويحتوي على 98% من قصائد الديوان، وكل عناوين القصائد متناسلة من عنوان المجموعة الرئيس، ومن خلال عنوان كل قصيدة أو مقطوعة نستدلُّ على المضمون، أو ما توحي به من دلالات وإشارات، فالعناوين الداخلية تمثل عتبات للولوج إلى النصوص، وتعبّرُ العنونة عن مضمون القصائد.
أول قصيدة في هذا الجزء، معنونة بـ (ثورتنا) وهي القصيدة المطبوعة على الغلاف الخلفي، ودلالتها أنها ترشدنا إلى نفسية الشاعر، وموقفه المبدئي مع الثورة، ليس بفعل وجود الضمير (نا) وإنما بما تضمنته المقطوعة الشعرية من مضامين داخلية، هذا من جانب، ومن جانب آخر أنها إحدى خمس قصائد فقط في المجموعة مذيلة بتاريخ، وفي هذه القصيدة يدلنا التاريخ على بداية التحرك والتجمع في شارع الجامعة للمطالبة (بإسقاط النظام)، ومن ثم التجمع وتحديد المكان للاعتصام.
- القصيدة الومضة:
يتضمن الديوان قصائد بديعة الصنعة- قصيدة الومضة- إلا أن عددها محدود، وهذا اللون– الجنس- الشعري انتشر في اليمن بشكل واسع مع وجود شعراء التسعينيات من القرن الماضي، والجيد منه يُغْني عن المطولات، خاصة إذا ما كان قائلهُ متمكناً ويمتلك من القدرات الأدبية والفنية ما يؤهله لإنتاج هذا اللون الشعري البديع، كما هو بالنسبة للشاعر أبو طالب.
ومنذ التسعينات حتى الآن أصبحت القصيدة القصيرة أو- الومضة- أبلغ في أحيان كثيرة من القصائد الطويلة لأن فيها من التكثيف للمعنى والإيجاز ما يغني القارئ المتذوق، وما يؤدي الغرض المطلوب، ومن جانب آخر أنها تتناسب مع التغيرات الحديثة، لا سيما التكنولوجية (الهاتف المحمول، الانترنت، صفحات الفيسبوك، واليوتيوب ...الخ، وتزامن المذهب أو الاتجاه الفوضوي الذي يعيشه العالم مع التغير التكنولوجي، ومن ناحية أخرى أن في القصيدة القصيرة مساحة أوسع لحرية الإبداع إذا ما رافقها وعي وإدراك.
ومن الأمثلة التي نستقيها من المجموعة التي بين أيدينا الآتي:
- القصيدة المعنونة بـ (تظاهر)، فهي مكونة من أربعة حروف وثلاث كلمات فقط، وتعدل قصيدة من المطولات، وهي:
-«ما كل من يتظاهر
صادق
لا يتظاهر». ص54
-         قصيدة (الزحف)، لا تتجاوز ست عشرة كلمة وحرفاً:
«قد زحفنا
وبلغنا كل غاية
من هنا
من ساحة التغيير والحرية
قد صنعنا البدء
ننتظر النهاية» ص29
ونلاحظ فيها تكثيف المعنى، تعدد الصور، شكلانية المضمون، جزالة المفردات اللغوية، جمال الأسلوب....الخ.
-قصيدة (التفرد) تتكون من 12 كلمة وحرفاً:
« وطني
المنهك
يهتف
في صوتٍ واحد:
-أتعبني الصوت الواحد
داخل تلك الأحزاب» ص34
ومثل هذه القصائد (الفساد، العرش، وغيرهما) ، كل ذلك يعبر عن قدرات الشاعر الأدبية، وقبلها قدراته اللغوية، باعتبارها الأداة الرئيسية، وأهم العناصر المعرفية –عملياً- يليها القدرة التوليدية للصور والمفردات الواردة في النصوص، وهي دليل الوعي والإدراك، ووجود العلاقة بين التجربة، والأفكار النظرية، وأخيراً اتساع المعرفة بقيم المجتمع، والموروث الروحي والأدبي والفني، وتمثله في ضمير الجمع «زحفنا، بلغنا»، أو المفرد الجامع «وطني».
-         تلاقح إشاري ورمزي:-
يوجد في المجموعة الشعرية- الديوان- أكثر من عنوان له دلالات وإشارات متعددة المعاني، غير أن نصاً واحداً- وحيداً- جاء عنوانه مطبوعاً باللغة الإنجليزية، النص المعنون بـ(Made in Arab ) ص47، تم استيراد العنوان بكتابة ثقافة أخرى، ومثل هذا التلاقح الثقافي يتناسب مع ما تشهده بعض البلدان العربية من أحداث، ليس على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي، وإنما في البنية الاجتماعية والثقافية التي تصل إلى حد الاستلاب في بعض المجالات والقيم والسلوكيات، حتى في استخدام المصطلحات لا سيما التي ترافقت مع الأحداث الجارية، والتي تناقلتها الجماعات والقوى عبر وسائل الإعلام، من بلد إلى بلد، وقبل الدخول إلى دلالات وإشارات العنوان ومضمون النص أسأل وأتساءل: ما المانع من أن يكتب العنوان بالخط العربي «صنع في البلدان العربية»؟!
سأجيب نيابة عن المعني، أعتقد بل أجزم أن كتابة العنوان بلغة أخرى – في هذه المقطوعة – يتناسب تناسباً كلياً مع مضمونها، والمفردة الأولى – مطلع القصيدة- (بلطجي، بلاطجةٌ، بلطجةٌ) وهي مفردة شاعت في الساحات والشوارع المطالبة بالتغيير، خلال عام 2011م، ووردت المفردة مرةً أخرى في النص الشعري (موقف) ص49، «من قِبَلِ بلاطجة الشَّرّ».
فكلمة بلطجي ومشتقاتها مستوردة رغم أن الفعل بأيادي داخلية، ومع الأحداث التي تجري في بعض البلدان العربية تناول بعض الكتاب المفردة ومعناها اللغوي والاصطلاحي، على سبيل المثال:
الباحث/ أحمد محمد أبو زيد في بحث منشور بملحق (السياسة الدولية) العدد (187)، يناير 2012م تحت عنوان: «البلطجية: معتادوا الإجرام في فترات ما بعد الثورات» جاء فيه:
«كلمة بطلجي ليست عربية، وإنما يرجع أصلها إلى الكلمة التركية (بلط جي) أي حامل البلطة، وهي الآلة التي تستخدم في قطع الأشجار وكسر الحطب... في مصر أطلق عليها (البلطجية)في سوريا (الشّبّيْحَة)، وفي اليمن (البلاطجة) في الجزائر يعرفون باسم(فوايو) أي: الخارجون على القانون، وفي المغرب يعرفون باسم (شومارة)، وهي كلمة مشتقة من الكلمة الفرنسية chaumage، وتعني المتعطل عن العمل، وخريج الإصلاحيات والسجون[...] ويمكن تعريف البلطجة بأنها استخدام العنف أو الإكراه بصورة غير مشروعة من جانب أطراف غير رسمية من أجل فرض إرادتهم على الآخرين، [...] وتشمل البلطجة الأنشطة التي تمثل انتهاكاً للقانون، مثل أعمال السرقة والنهب والاعتداء على الملكيات العامة، كما تشمل الأعمال المصحوبة بالاستخدام المتعمد للعنف، وبإلحاق الأذى الجسدي بالآخرين، والتي تهدف لتحقيق أغراض وأهداف خاصة بالبلطجي نفسه أو للآخرين مقابل عائد مادي يدفع له[...] ويختلف البلطجي عن القتلة واللصوص سواء كانوا منظمين أو غير منظمين، من حيث أن البلطجي يستخدم العنف كوسيلة وليس كغاية-كتنظيم القاعدة الذي يستخدم العنف كغاية- فهو يقوم بتأجير نفسه لمن يدفع له للقيام بممارسة هذا العنف ضدّ الآخرين لتحقيق غايات محددة، أو يستغلّ هو نفسه هذا العنف كوسيلة لتحصيل المكاسب المادية، كما أن لجوء البلطجي للعنف أمر حتمي، وليس ظرفياً كما هو الحال مع اللصوص».
وبهذا فإن البلطجي قد يكون موجودا في السلطة أو في المعارضة، مع المحتجين أو ضدهم، العبرة هنا بالعمل الذي يقوم به وكيفيته، غير أن في اليمن استوردها المعتصمون في ساحات وشوارع الاحتجاج وأطلقوها على أنصار الحزب الحاكم وحلفائه، والذين يقومون بأفعال وأنشطة ضدهم، ومنعهم من ممارسة أنشطتهم، كالاعتداء على أماكن الاعتصام وعلى المعتصمين، لا سيما أثناء المسيرات، وفي البداية أطلقوها على الرئيس علي عبد الله صالح، والقيادات المناصرة له والمقربة منه، وكانوا يردّدون المفردة في هتافاتهم وأشعارهم، مثلاً:
بانجي لك بانجي   يا (علي) يا بلطجي
با نجي لك بانجي ... يا النظام البلطجي
وبا يضيع البلطجي والمَفْسَلي ... وكل من كانوا مع الفاسد عبيد
يا بلطجي يا نعمان ... لن تعترف بك خولان
حول الشعارات والهتافات يمكن الرجوع إلى بحثنا (المعتصمون في ساحة الجامعة/ الجزء الأول) على شبكة الإنترنت(Google)-لاحظ كم يحتاج منا الديوان- المجموعة الشعرية- لو أردنا دراسة وتوضيح كل نص، ولكن لا بدَّ من الإشارة والتوضيح هنا وهناك بغرض الفائدة، وفي الجزئية التالية سيتم الإشارة إلى أهمية الشعار ودلالته الوظيفية.
-         نصوص لها علاقة بالهدف العام للمعتصمين:-
استخدم المعتصمون ثلاثة أساليب في المظاهرات والمسيرات، (الشعار، رمزية المكان، الحشد والتعبئة)، وجميع النصوص في المجموعة، تعبر عن كل تلك الأساليب والتكتيكات وترشدنا (العناوين) الداخلية إلى ذلك مثلاً:
1- الشعار: يعتبر الشعار من أهم وأبرز التكتيكات التقليدية المستخدمة في المظاهرات والاعتصامات، ويلعب دوراً رئيسيا وحاسما في التظاهر[...]، ويمثل المضمون السياسي للشعار أحد أهم مكوناته، ويلخص في كلمات قليلة، هامة، عامة، شاملة، ومن خلال المتابعة لأحداث 2011م، كان من أبرز الشعارات، أو الشعار الرئيسي للمحتجين والمعتصمين (الشعب يريد إسقاط النظام)، يليه:
(اعتصام اعتصام، حتى يسقط النظام).
وفي المجموعة التي بين أيدينا، نجد أنها تناولت الشعار بصورة مباشرة أو غير مباشرة ، مثلاً:
-النص المعنون بـ(ما النظام؟!) ص38، 39، نلاحظ أولاً:
الاستفهام والاستنكار في العنوان، أما داخل النص فقد ذكر الشعار صراحة:
شعارنا عميق
«يريدُ شعبُنا
أن يسقطَ النظام»
وكُرِّرَ نهاية القصيدة مرتان:
«فلنرفع الشعار عالياً
ليسقط النظام
فليسقط النظااااام»
والدعوة إلى إسقاط النظام في أي مكان وزمان هي دعوة فوضوية في الأصل، ولها صورة وأساليب متعددة سواء جاءت بها الليبرالية أو الاشتراكية، فتوجد الفوضوية العبثية، والفوضوية المرتبة، والفوضوية الجمالية- لا سيما في الأدب والفن- والفوضوية الأخلاقية .. الخ، وهناك مقولة متداولة في الفوضوية الليبرالية تقول: (النظام يولد من رحم الفوضى).
لهذا عندما يريد أنصار هذه المدرسة إعادة الهيكلة أو التغيير، يختلقون الفوضى، ثم يعيدون البناء، لكنها الفوضى المرتبة والمنظمة، وليس العبثية التي تدمر البُنى، وتقتل البشر، ومن ثم صعوبة معالجتها، كما هو في بعض البلدان العربية ومنها اليمن، وإن اختلفت من بلد إلى آخر، فالاختلاف في الأسلوب، ولهذا عندما أراد المحافظون الجدد إعادة بناء وإصلاح الدول- التي اعتبروها فاشلة- استخدموا مصطلح الفوضى الخلاقة، وصاحب المجموعة في هذا النص أراد أن تكون كذلك، حيث يقول:
« ولنبدأ الترتيب من جديد
ونخلق النظام»
الدلالة، هي الهدم البَنَّاء، وليس العبثي، حتى في رسمه لكلمة «النظااااام» السابق الإشارة إليها، فالمد بتكرار الألف، تشير إلى إسقاط النظام دون عنف وعبثية.
كما تكرّر الشعار مرة أخرى في النص (اختلاف/ اتفاق) ص42، وفيه دعوة إلى الفوضى البناءة/الخلاقة، أي دون قتل أو هدم أو مصادرة، يقول:
«لنختلف
لكن بكل احترام
ولنتفق
بأننا نريد إسقاط النظام
لكن بلا دماء
بلا مهاترات
بلا مصادرات
بلا مصادمات»
2- المكان: من أهم الأساليب المستخدمة في المظاهرات والاعتصامات التي شهدتْها بعض الدول العربية، التجمع في الميادين العامة، وهذه الأماكن لها رمزيتها التاريخية والروحية في المجتمع، فضلاً عن استيعابها للمتظاهرين، وسهولة وصول وسائل الإعلام إليها، والانطلاق منها.
وفي اليمن كانت القوى ترغب أن تسيطر على ميدان التحرير– قلب العاصمة- إلا أن الحزب الحاكم سبقها إلى ذلك بأنصاره وحلفائه، فتم التغيير للمكان واختارت مكاناً ربما هو أكثر إستراتيجية، وهو التجمع والتجمهر حول مجسم (الإيمان يمان والحكمة يمانية) الكائن في الجولة التي تتقاطع مع شارع الدائري بالشارع المؤدي إلى الجامعة (مدخل الجامعة)، ويقع تحت معسكر الفرقة الأولى مدرّع التي انضمت إلى المعتصمين علناً في 21/3/2011م، ولهذا المكان أهميته ورمزيته، ونجد ذلك بشكل واضح ومباشر في اللوحة الموجودة على الغلاف الخلفي.
3-الحشد/ والتعبئة: احتوت المجموعة على عدد من النصوص التي تشير إلى الحشد/والتعبئة بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كما هو في النصوص: (الخيام، حشود) ص44،51 على التوالي، وفي عدد من النصوص الأخرى، ورغم  المعرفة الظاهرة- السطحية- لدى المجتمعات بأن الشباب خرجوا من ذات أنفسهم، فإن هذا التصوّر غير دقيق، لأن هناك قيادات حزبية وسياسية بدأت تنظّم وتدعو أنصارها بشكل مباشر أو عبر وسائل اتصالاتها رمزاً وإشارة، وتحبيب الشارع لديها كوسيلة للضغط، سبقها الدّعوة إلى هبّةٍ شعبية في عام 2010م، وهي مثبتة في وسائل الإعلام لأحزاب اللقاء المشترك، وجاءت الدعوة كردّ فعل لإعلان المؤتمر الشعبي العام-من طَرَفٍ واحد- بأنه ماضٍ في الانتخابات، وهناك جانب غير منظم، يتمثل في التداعي لا سيما من الشباب الذي استجاب للانضمام والسير مع الركب، خاصة أنهم وجدوا (مأكلاً ومشرباً وسكناً، وخدمات الكهرباء، والماء و..الخ) دون تكلفة، فألِفُوا هذا الوضع وتكيفوا معه وأصبحوا جزءاً منه، أضف إلى ذلك أن التعبئة التي كانوا يتلقونها اشتغلت على العواطف، فهم المتكلمون باسم الشعب، وهم الذين يمثلونه وأنهم قادته، وأنهم سيحصلون على المنافع والمناصب وغيرها بعد إسقاط النظام، وهذه نظرة مثالية  تستغلها القوى المعارضة والطامحة، فإذا ما وصلت إلى السلطة، تتخذ خطاباً آخر، وإعادة البناء لما تهدم، الانشغال بالخدمات، البحث عن فرص عمل للشباب..الخ، كما أن من يصل إلى السلطة بالعنف والدّم والتخريب لن ينتج نظاما ديمقراطيا أفضل من سابقه.
والنصّان يعبران عن هذه الرؤية، والتعامل مع الأحداث كما هي ظاهرة، ولكن بحذر، أو بالاستدراك ضمن النص أو نهائية، لهذا نجد النص (حشود) عبارة عن تساؤلات استنكارية، وتحمل في مضامينها الإجابة، وتتضح الإجابة بصورة مباشرة نهاية النص، وفيه توضيح وإشارة إلى الهدف الذي يعتقد أنه المطلوب، ويتميز النص بوحدته البنيوية، ويفضَّل طرحه كاملاً:
«هذي الجموع
من الحشود الهادرة
هل تستكين؟!
إن كان تقليداً
لِمَ الإصرار في نبراتها
ولِمَ الأنين؟!
أو كان تحشيداً
فمالُ الأرض
ما وحّدَ بين اثنين
فضلاً
أن يؤلف بين حشد مؤمنين
أو كان تشديداً
فلا يؤخذ بالغصب
سوى العبدِ الذليل المستكين
وشعبنا حرٌ
فلم يخضع لجبار على مرّ السنين
فما الذي يجري إذن؟!
الشعب أخرجه الحنين
إلى الأيادي الطاهرة.
الصبر غادرهُ
وأضنته النفوس الغادرة.
واليوم يخرج باليقين
وبالجموع الثائرة.
كي يرجع الوطن السليب
من الأيادي القاهرة».
وجاءت (اللوحة التشكيلية) في الصفحة 53 لتعبر عن مضمون هذا النص، وفكرة اللوحة تتناسب معه، فهي عبارة عن تخطيط بالقلم الرصاص تشير إلى الحشود الغفيرة في شارع ممتد وبه منعطفات، إلى أن تنتهي بنقطة، وكأن اللوحة ترمز إلى شارع الستين الذي كانت تقام فيه صلاة الجمعة بالنسبة للمعتصمين والمحتجين في شارع الجامعة وفروعه ومن يؤيدهم، وهي لوحة أو نص يعتمد على البصر في قراءته، إلا أن الذي يقع بصره على اللوحة فجأة أو لأول نظرة توحي له بأنها عبارة عن ذيل تمساح أو ذيل ديناصور، أو ذيل أفعى كبيرة، وكان بإمكان الفنان التشكيلي رسمها– تخطيطها- بشكل آخر، بحيث يكون الإيحاء إلى الحشود، أقوى من الإيحاء بشيء آخر.
- تناص: في هذه الجزئية نعني بالتناص، استقاء جملة أو عبارة من خطاب أو نص آخر أو توظيفه في النص توظيفاً دلالياً وإشاريّاً بالنص أو المعنى أو الرمز، وفي المجموعة نجدها متناثرة هنا أو هناك فمثلاً:
* النص- القصيدة- (أزمة) ص76 وردت جملة تتناص مع ما ورد في خطاب الرئيس اليمني (الأسبق)علي عبد الله صالح في شهر مارس 2011م تقريباً، عندما خاطب الشباب بأن ثورتهم قد سُرقت، وجاءت الجملة في صيغة تساؤل، تعبيراً عن الحيرة، ويردفها بجملة ختامية فيها تصور للحل:
« متى تنتهي الأزمة الخانقة؟
وننهض من هذه الضائقة؟!
وهل سُرِقَ الحُلْمُ من ثورتي
وهل خطفتها يد حاذقة.
أم الحلُّ ما زال في شارع
تعثر بالخطوة الواثقة؟
تهيَّجَ جمهوره صارخاً
وينتظر الضربة الساحقة»
* استقاءُ حكمٍ ومقولات وتوظيفها توظيفاً دلالياً:
كما هو في بعض النصوص-القصائد- مثلاً القصائد: (الفتنة، صاحب دكان، انتهازية) الصفحات 58، 88، 117 على التوالي:
«لا تعرِفِ الحَقَّ بالرِّجال» مقولة للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه والنص مُهدى إليه.
«لا عَادْ زبون ولا افتتح طريقي


يا رب خارجني وفُكّ ضيقي»

من الأبيات الشعرية المتداولة في أوساط المجتمع الشعبي لا سيما مجتمع التجار، وربما أن الشاعر أنشأها على لسان التاجر بلغة شعبية بسيطة ومعبرة.
* «الغاية تبرر الوسيلة» مقولة للسياسي الفيلسوف الإيطالي (نيقولا ميكافيللي) صاحب كتاب الأمير والمطارحات، ويعدُّ أبو المدرسة الواقعية الجديدة التي تؤمن بالقوة بمفهومها الشامل، وهي مدرسة تبريرية، أي: تُبرِّرُ للحاكم أن يستخدم كل الأساليب – أي أسلوب- لتحقيق الهدف المراد بلوغه،ومن ضمن نصائحه للأمير "أن يكون ثعلباً ماكراً وأسداً هصوراً".
-         التلاعب بالألفاظ والمفردات: أي أن المفردة يكون معناها في النص –القصيدة- عكس معناها القاموسي، أو أنها موظفة بهذا الشكل، وهذا الأسلوب متناثر بين النصوص، ونجده واضحاً في قصيدة (مُعَالَطَة) ص77، 78، والنص يحمل إشارات إلى ثقافة المجتمع، وميلهم إلى استخدام مفردات يكون معناها عكس لفظها أو معناها الظاهري، ونجدها بين قوسين ومعكوفين للفت الانتباه والتدليل على ماذا تعني؟ مثلاً:
« السارق للمال العام لدينا
[(باهر)]
والناهب لأراضي الناس
ندعوه
[(القادر)]
والغشَّاش ضعيف التعليم
يسمى
[(شاطر)] ...الخ»
في المجتمع اليمني– صنعاء تحديداً- يستخدمون مثل هذا الأسلوب في أحاديثهم وحواراتهم مثلاً:
أحدهم يسأل الآخر: كيف فلان؟
فيجيب عليه: من المؤمنين..
والواقع أنه قصد بـ(المؤمنين) شيئاً آخر، أو صفة سلبية، وليس كما هي عليه، في المعنى الظاهري، ويوجد الكثير من هذه الأساليب المعبرة عن الألفاظ العكسية، مثلاً: في الوسط الاجتماعي يتداولون جملة"أحمر عين" كصفة للموظف أو الرجل الذي يدبِّر حاله سواء من الرشوة أو النفاق الوظيفي والاجتماعي حتى لو كان ذلك على حساب الآخرين أو المصالح العامة. 
والمجموعة الشعرية محكمة الاستخدام للمفردات والألفاظ التي ترافقها علامات الترقيم المستخدمة بوعي وإدراك.
-         استخدام المحسنات البديعية:
  تحتوي المجموعة على محسنات بديعية كثيرة سواء جاءت في صورة استعارات وكنايات، أو جناس وتصحيف للكلمات، ولكثرتها نشير إلى الآتي:
* الجناس التام:
في قصيدة (أبين) ص116، يقول الشاعر:
«ليس هناك أبينُ على ظلم الإنسان
لأخيه الإنسان مما يجري في (أبين) ».
* الجناس الناقص: نجد هذا النوع في أماكن متفرقة، منها في قصيدة الخيام ص44، 45.
«هاتيك الخيام
وما الخيار الأفضلُ؟!»
* تصحيف المفردات: لتصبح ذات معاني متعددة، مثلاً:
في قصيدة (التغيير) ص50، تم تصحيف الكلمة خمس مرات تقريباً، (التغيير، التعبير، التبغير، التغرير، بعير..).
ولكل مفردة دلالتها ومعناها في سياق المقطع الشعري، أو إشارتها إلى حدث معين.
* التشبيه، والتصوير في نفس اللحظة: مثال:
قصيدة (مقلب) ص75.
« تبدو حكمتنا والإيمان
هذي الأيام
كعجوز وضعت ماءً في صُرَّة
وادخرته لوقت الحاجة»
صورة بديعة وجميلة.
* استخدام الضمائر: ويبرز هذا الأسلوب في العناوين الداخلية الفرعية (منهم، إلينا، إليكم) وارتباط الضمائر بحرف الجرّ.


- البحث عن العقل، العقلانية:
  رغم ثورية الشاعر (أبو طالب) إلا أن الميل إلى البحث عن الحلول العقلانية، نجدها حاضرة في العقل الباطن للشاعر، لهذا نجد بين النصوص والمقطوعات الشعرية ما يرشدنا إلى توجه الشاعر وتصوره للحلول العقلانية؛ علماً أن الحدث الثوري نادراً ما يقبل مثل هذه الحلول؛ ونضربُ أمثلةً من المجموعة على النحو التالي:
م
عنوان النص
الصفحة
المقطع أو البيت الشعري
ملاحظة
1
(الخيام)
44، 45
"وما الخيار الأفضل؟! أن نستجيب للعقول
 للقلوب النابضات..."

2
(موقف)
"إلى أرواح شهداء مذبحة جمعة الكرامة"
48، 49
"أيها العقلاء
يا كل الشرفاء
منذ اليوم
لا توجد منطقة وسطى
ما بين الحق وبين الباطل..."
هي إحدى القصائد التي ذيلت بتاريخ لأهميتها
3
(تمزُّق)
60، 61
" ... لم نعد عقلاً وقلباً واحداً
بل شتات
وغدا الواحد منا
في انقسام
لم يعدْ يدري
أيسمع صوت العقل
أم يتبع قول النبضات"

4
(الأَعرابُ)
67، 68
"هكذا الحكام يفعلون
دائماً وأبداً
لأنهم لا يقرؤون
لا يعقلون
وكل مرةٍ
لا يفهمون الدرس جيداً.."

5
(براءة)
70
"لِمَ تملؤون قلوبهم حقداً؟
وتلطخونَ نقاء صفحتهم
فعقولهم لا تفهمُ الكيدا
لا تحقنوهم بالسياسة
واحذروا
فهي على  الصغار
خطيرةٌ جداً."

6
(معالطة)
77، 78
".. والعقل المتأمل ما يجري
مِنْ هول الحيرة
[(حائر)]..."

7
(اثنان)
"إلى المعري"
120
"يا أبا العلاء
قد قلتَ يوماً:
«اثنان أهل الأرض
ذو عقل بلا دِيْن
وآخر دَيِّن لا عقل له...»

وكما نلاحظ من الجدول السابق تنوع الصور التي تم استدعاء العقل فيها، ففي الصورة الأولى يعبر اللفظ عن المعنى الظاهري، وفي الصورة الثانية، تتفاعل مع الحدث، وتأتي في شكل حِكَم، أما الصورة الثالثة، فتأتي معبرة عن الانقسام والتشتت حتى على مستوى البيت (الأسرة الواحدة) بسبب السياسة والتفرقة التي تبثها الأحزاب والقوى والفرق، أما الصورة الرابعة، فتأتي تعبيراً عن الغفلة والجهل من قبل الحكام مما تتطلبه الشعوب والمرحلة التي تعيشها، الصورة الخامسة: جاءت لتُعبِّر أو في شكل دعوة للحفاظ على عقول الشباب، وعدم الزج بهم سياسياً، واستغلالهم حزبياً، الصورة السادسة: تعبر عن ذهول العقل المتأمل وحيرته من الحيرة نفسها، وهو مرتبط بالحدث وما يجري فيه من أفعال.
الصورة السابعة والأخيرة: تتمثل في رؤية الشاعر الفيلسوف والأديب المفكر–المتشائم- أبي العلاء المعري ممثلة في الثنائية السلبية للناس-عقولهم- وكأن الشاعر أبو طالب يريد أن يقول لنا: إن عقول الناس في هذا الحدث منقسمة بالصورة التي أوردها أبو العلاء المعري– وهي مرتبطة بالقيمة العقائدية –الروحية- الأيديولوجية – ونشير هنا إلى أن الثنائية مذهب سائد في الطبيعة والعلم والفلسفة و.. الخ، وإلى جواره الأحادية والتثليث، والتعدد، والثنائية التي أوردها أبو العلاء المعري تنفي أي منطقة وسطى، كما تنفي النسبية، وهذه الثنائية لا تتناسب مع التعدد في الرؤى التي تتصورها العقول ولكنها تقيد في جوانب أخرى، مثل: الليل والنهار، السماء والأرض، الذكر والأنثى،..الخ، أما الثنائية الفلسفية والسياسية فيمكن الرجوع إلى بحثنا المعنون بـ "الثقافة الثـُنائية
بين التوفيقية الفلسفية والتوفيقية السياسية" المنشور في الثورة الثقافي  العدد( 15937يوم الاثنين 27 جمادى الثانية 1429هـ، الموافق 30 يونيو 2008م، ومن الثنائيات المذكورة في البحث الآتي:  
 البدائيّات                          النّهائيّات
بداية التاريخ                   نهاية التّاريخ
بداية الديمقراطيّة               نهاية الديمقراطيّة
بداية الإيمان                   نهاية الإيمان
بداية الجغرافيا                  نهاية الجغرافيا
حوار الحضارات والثّقافات     صراع الحضارات والثّقافات
حداثة المركز المهيمن           حداثة الأطراف التّابعة
الليبراليّة الجديدة                الواقعيّة الجديدة
المحافظون القدامى             المحافظون الجدد
التّهوين                        التّهويل
إمّا الطّاعة                     وإمّا الاستقالة.
علماً أن الأحداث التي مرت بها بعض البلدان العربية ومن بينها اليمن تجاوزت العقلانية، والحلول العقلانية، بل كانت القوى ترفض العقل، وتسعى فقط لتحقيق الهدف الذي رسمته لنفسها بأي ثمن (تعددت الأسبابُ والموت واحد).


-         ارتباط القصائد في المجموعة بالأحداث:
ذكرنا سابقاً أن المجموعة واكبت الأحداث التي جرت في اليمن عام 2011م وكل قصيدة أو مقطوعة تعبر عن حدث مستقل بذاته ضمن الحدث الجامع –الرئيسي- ونجد الديوان زاخراً بمثل هذه القصائد، التي ترتبط بحدث محدد مثلاً:
* قصيدة (مشهد) ص81، 82: ترسم لنا حدثاً محدداً شهده الناس على شاشات التلفزيون بتاريخ 27/4/2011م، عندما خرج المعتصمون بعد عصر ذلك اليوم في مسيرة من شارع الجامعة متجهة إلى شارع عمران، ومرت من جوار التلفزيون، وحدث بينهم وبين أنصار الحزب الحاكم، المعتصمين في ملعب الثورة احتكاك وقبض المحتجون الشباب على رجل مُسِنّ، وضربوه وأوسعوه ركلاً ولكماً، حتى أغمي عليه وهم يجرونه ويسحبونه على الأرض، وأشيع أنه مات إثر ذلك الحدث، إلا أنه تعافى بعد أيام، وظهر على الشاشات، فالقصيدة ترسم لنا الحدث في صورته التي حدثت، وكما شوهد على شاشات القنوات الفضائية.
* قصيدة (بشاعة) ص87: تعبر عن حدث معين، واستياء الناس، ومنهم صاحب المجموعة من بشاعة الحدث، المتمثل في قطع لسان الشاعر/ وليد الرميشي بعد استدراجه من قبل مجموعة أوْحَتْ له بأن الرئيس يريد مقابلته ومنحه جائزة، فأخذوه على سيارة تويوتا، لاند كروزر، رباعية الدفع إلى خارج العاصمة من الناحية الجنوبية، وقطعوا لسانه ورموه على رصيف أحد الشوارع، والشاعر كان قد ألقى عدداً من القصائد في ميدان التحرير ضمن أنصار الحزب الحاكم، ونتيجة لكثرة الأحداث وتعددها تجاوز الشاعر بعضها، مثل (احتفال المعتصمين يوم السبت 4/6/ 2011م، وذبح الثيران فرحاً بقصف مسجد الرئاسة، وكتِبَ على كل ثور بالطلاء البخّاخ اسم واحد من المصابين "علي عبدالله صالح-رئيس الجمهورية، يحي الرّاعي-رئيس مجلس النوّاب، نعمان دويد-محافظ محافظة صنعاء، هذا ما رأيته بعيني).
-                  دلالة تذييل القصائد بالتاريخ:
تحتوي المجموعة على (68) قصيدة وجلها ترتبط بحدث محدد، أو نشاط معين، ومن مجموعة القصائد هناك ست فقط مذيلة بالتاريخ بما فيها قصيدة (المقدمة).
وكنت أتمنى لو أن جميع قصائد المجموعة مذيلة بالتاريخ، باليوم والشهر، لا سيما أن معظمها كانت تنشر على صفحة الفيسبوك، ومن جانب آخر لأهمية التاريخ ودلالته، مثلاً توجد قصائد تتحدث عن قضية معينة، حدثت في يوم معين، كما هو في القصيدة التي أشرنا إليها سابقاً (بشاعة) لم تذيل بتاريخ، وغيرها كثير، أما القصائد المذيلة بتاريخ فهي كالآتي:
م
عنوان القصيدة
تاريخها
دلالة التاريخ
1
وطني
20/6/2010م
تماهي الشاعر مع وطنه وما يعانيه من قَبْلِ أشهر من الثورة، وهي مقدمة كانت نتيجتها الثورة."الرؤية السليمة للشاعر".
2
ثورتنا
11فبراير 2011م
بداية التجمع حول المجسم (في مدخل الجامعة)، والاعتصام الشبابي.
3
موقف
19مارس2011م
ثاني يوم بعد أحداث ما سمي بـ(جمعة الكرامة).
4
ليال
23مايو2011م
بداية تبادل القصف بين أولاد الأحمر وأنصارهم من جانب، ووحدات من مكافحة الشغب، في حي الحصبة، التي هجرها سكانها وقاطنيها، ومن بينهم كاتب هذه الورقة.
5
تعز
31مايو2011م
تبادل القصف بين قوات النظام، وقوات المعتصمين وأنصارهم في المحافظة.
6
اليمن
19أكتوبر2011م
اختتام قصائد الديوان، وفيه أغلقت كلية الآداب، واشتد القصف على منطقة القاع، ونزح معظم سكانها من منازلهم ومنهم الشاعر.
-         دلالة الإهداء لنصوص القصائد داخل المجموعة:
إضافة إلى الإهداء الرئيسي للمجموعة الشعرية الذي يمثل عتبة رئيسية بعد عنوان المجموعة الخارجي، والعنوان الداخلي، يجد القارئ عدداً من القصائد التي وسمت بإهداء، وله دلالة ومعنى أو إشارة إلى حدث ما، كارتباط المُهدى إليه بمقولة داخل النص – القصيدة- أو لوقوع الفعل عليه، أو غير ذلك من الدلالات، ويوضح الجدول التالي دلالة الإهداء:
م
عنوان القصيدة
الصفحة
المهدى إليه/إليهم
الإشارة الدالة
1
موقف
48
إلى أرواح شهداء
مذبحة جمعة الكرامة
أول حدث يقتل فيه أكثر من 50 شاباً من المعتصمين، أدى إلى استنكار الحدث وتحديد الموقف مع أو ضد، ورفض الموقف الوسط.
2
في الفتنة
58
إلى الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
استقاء إحدى مقولاته التي تدلنا على الوقوف مع القيمة التي يتمثلها، الحقّ.
3
معان فقدت عذريتها
79
إلى عرفات الرميمة
كاتب صحفي، تدلنا على تعدُّد المواقف.
4
بشاعة
87
إلى الشاعر/ وليد الرميشي
الارتباط بحدث قطع لسان الشاعر.
5
المستحيل
114
إلى عبد الرحمن الكواكبي
استبداد الحكام العرب وفقر الشعوب، والمُهدى إليه صاحب الكتاب المشهور (طبائع الاستبداد)
6
اثنان
120
إلى المعرِّي
استقاء مقولة له –حكمة- وإسقاطها على أهل البلاد اليوم، وانقسامهم إلى قسمين متطرفين.
-         القاموس اللغوي والمفردات الكاشفة:-
لأن نصوص المجموعة الشعرية ارتبطت بحدث كبير، ولأن شاعرها متمكن، يمتلك من القدرات ما يغني الحديث عنه، موهبةً ومعرفةً، وتخصصاً فإننا نلمس ذلك في المخزون القاموسي للمفردات التي تكونت منها قصائد المجموعة التي تتميز بعدد من الصفات منها ثراء المفردات القاموسية وسلامتها، ولا جدال في ذلك، ولأن القصائد مرتبطة بأحداث معلومة داخل الحدث الرئيسي وتفاعلاته، نجد عدداً من المفردات ذات التكرار المتعدد مثل: (أزمة، شباب، مبادرة، التغيير،الفساد، الثورة...) واشتقاقاتها، وتحتم استخدامها وتكرارها، ونظراً لكثرتها اكتفت الورقة بملاحظة وعدّ التكرار للمفردات الثلاث الموضحة في الجدول الآتي:
م
الكلمة
عدد مرات استخدامها
1
الثورة ومشتقاتها
37مرّة
2
التغيير ومشتقاتها
20مرّة
3
الفساد واشتقاقاتها
18مرّة
ومما لا شك فيه أن مثل هذه المفردات مرتبطة بالحدث، وتأتي في سياقها الكلامي، وموضوع أو مضمون القصيدة الواردة فيها، مثلاً:
* قصيدة (التغيير) ص50، تكررت مفردة التغيير سبع مرات، ناهيك عن تكرارها بعد التصحيف.
* قصيدة (تمزُّق) ص60، تتحدث القصيدة عن أسباب التمزق، وكيفيته، والهدف من ذلك التمزيق، و... الخ.
- سيطرة القافية على معظم النصوص:
تدلنا قصائد المجموعة الشعرية على قدرة وتمكن، وقوة الملكة الشعرية التي يتمتع بها الشاعر، وانحيازه المدرك إلى الشعر العمودي، حتى في ظل الكتابة بشعر التفعيلة كما هو في هذه المجموعة الشعرية، فالإيقاع والوزن من الصفات الواضحة عليها، أضف إلى ذلك سيطرة القافية، والرّوي، في معظم القصائد، ومن الأمثلة:
-قصيدة (صرخة الزيتون) ص22
- قصيدة (ثورتنا) ص 27
- قصيدة (معالطة) ص77، 78
- قصيدة (بشاعة) ص 87
- قصيدة (تصعيد) ص111 وغيرها.
وتتصف المجموعة الشعرية بـ(السهل الممتنع) سهولة وبساطة الكلمة– المفردة- المستخدمة، ويمكن لأي قارئ أن يفهمها، وربما يسهل عليه حفظها، ولكن يصعب إنشاء مثلها، ويجيد هذا اللون من الشعر عدد من الشعراء منهم نزار قباني، على سبيل المثال– مع اختلاف الموضوع- وممن يجيد هذا اللون أ.د/عبد العزيز المقالح، وبحكم اهتمامي كمتذوق، كنت أتابع يومياته التي تنشر كل يوم ثلاثاء، في الصفحة الأخيرة من صحيفة الثورة، واستمرت لسنوات طويلة، وآخر عهد لنا بها في شهر فبراير /2011م كان يذيّل، أو يختم المقالة بمقطوعة- قصيدة قصيرة- لكنها كثيفة المعنى سريعة الإيقاع، عميقة المغزى، سهلة القراءة والحفظ، مثلاً في يوميات الثلاثاء لأحد أيام عام 2005م ذيلت بالقصيدة التالية:
« ها نحن
بفضل السادة..
..والزعماء وأهل الرأي
وصلنا، قاع القاع.
لم يبقَ مكان أدنى
تسقط فيه الكلمات
وتخبوا فيه اللغة الإشعاع.
لا عاصم من موج الفتنة
إلا بحبالٍ
     من سُفن الوحدة
       وشراع»
قصيدة أخرى لثلاثاء آخر من نفس العام
«كلهم يفترون عليك.
بألفاظهم
يرجمون الصفاء الذي يتألق في مقلتيك.
فلا تبتئس من أكاذيبهم
إن هذا
كتابك بين يديهم
دليل على جهلهم
وهو ضوء يديك.
أنت في السّاحة الآن
منتصراً، ووحيداً
سلامٌ عليك
سلامٌ عليك»
ومثل هذه القصائد القصيرة تغني عن منظومة من المطولات، ومن جانب ثانٍ نلاحظ سيطرة القافية والتفعيلة، والإيقاع، والموسيقى الداخلية أيضاً.
-         التشاؤم والتفاؤل:-
تتضمن المجموعة الشعرية صوراً كثيرة للتشاؤم والتفاؤل، ولصعوبة حصرها، نضع أمثلة نستقيها من أواخر-نهاية- القصائد، والتفاؤل والتشاؤم يعبر عن الحالة النفسية للشاعر، وتفاعله الداخلي مع الحدث– الموضوع- ومن ثم التعبير عنه ضمن القصائد، في صور متعددة، ومن جانب ثانٍ يدلنا التشاؤم والتفاؤل إلى اتجاه الشاعر من خلال الضمائر المستخدمة في القصيدة، أو الإشارات التعبيرية صراحة أو ضمناً، ومن واقع المجموعة الشعرية، ثبت استخدام صور التفاؤل والتشاؤم، مع غلبة التفاؤل، ومن الأمثلة ما يلي:-


جدول يوضح نماذج للتشاؤم والتفاؤل في نصوص المجموعة الشعرية

التفــــــاؤل


عنوان القصيدة
الصفحة
المقطع


جديدة
46
«لا بد أن نقرأها قراءة جديدة»


من يحمي من
56
«...باحثين
عن فرصة جديدة
في دولة شباب»


غداً
63
« يستشهد منه الأتقى
كي يأتي بالحق الأبقى
ويشرق من رحم الليل
صباحٌ وضّاح»


مساواة
69
«ستصنع الحياة
من رحم العدم»


ما النظام؟!
38، 39
«ولنبدأ الترتيب من جديد
ونخلق النظام»


الخيام
44، 45
«وما هو المستقبل؟!
مدنية فاضلة
حديثة نظيفة
في بابها
واحدة من هذه الخيام»


ليال
94، 95
«ليلكِ طال، والصباح وشيك
فانعمي في غدٍ بفجرٍ بديع»







التشــــــاؤم
عنوان القصيدة
الصفحة
المقطع
تمزُّق
60، 61
«لم يعد يدري
أيسمع صوت العقل
أم يتبع قول النبضات»
أحجية
73
«سنسأل السؤال من جديد
إذا مضى الرئيس
هل يختفي الفساد
أم يستقر وحده
وترحل البلاد؟!»
مقلب
75
«كعجوز وضعت ماءً في صرة
وادخرته لوقت الحاجة»
معان فقدت عذريتها
79، 80
«نبالغ في المجازِ بلا قيود
فضيَّعنا
الدلالة والرصانة»
الحصبة
100، 101
«وكل الذي قد بنيناه في نصف قرن
هدمناه في ساعة من نهار
ولم يبق إلّا الغبار»
سَفَه
107، 108
«ما نرى من معالم النور فيها ..
..غير نور الرصاص يلمعُ بالشَّر
وبالقادم المخيف يبَشِّر»
تصعيد
111
«ساساتنا لا يبتغون سلاما
يتلذّذون ويمضغون جراحنا
والشّرُّ ينفث في الحياة زؤاما..»








إليكم:
  العنوان الفرعي الأخير في المجموعة الشعرية، يندرج تحته قصيدة واحدة، لم تكتب بالحروف، ولا بالكلمات، باستثناء العنوان (أفق جديد) الذي يدل على عدد من المعاني المستقبلية، في رؤيةٍ تفاؤلية، أما النصّ فقد وضع مكانه ستة أسطر من النقاط في شكل هرم مقلوب، أو مثلث قمته تتجه إلا الأسفل، ثم كلمتي الزمان؟!!!، المكان؟!!! وبعد كل منهما علامة استفهام، وعدد من علامات التعجب (التأثر)، فالنص رمزي بامتياز، أمل وتفاؤل متعدد الدلالات والإشارات، وكلمة (أفق) تشير إلى المستقبل، و(جديد)، تتعدد دلالاتها، فقد توحي بإصدار جديد للشاعر، يختلف في أسلوبه، عن الذي بين أيدينا، وقد تشير المفردة، على أن أساليب الأحداث في المستقبل غير الأساليب التي رافقت أحداث وجدت في عام 2011م، وقد تشير إلى انتقال الثورة إلى أفق زماني ومكاني آخر في البلاد العربية، كما قد تشير إلى التوافق والتصالح، وحل المشكلات بالأساليب السلمية (كالانتخابات، والحوار وغيرها)، وأخيراً، من ناحية نحوية، فالعنوان (أفق جديد) عبارة عن جملة أسمية (مبتدأ وخبر)، وهو يعبر عن الانتقال من اللامحدود، إلى اللامحدود، وهو تعبير انفعالي لتجربة صادقة، رافقت ما كان يُرَدَّد، ويكتب، ويعلن خلال عام 2011، (الشعب يريد يمن جديد)، فأصبحت من المفردات العالقة في الأذهان، وتبقى تفسيرات (الجِدَّة) عبارة عن تخمينات يصعب التنبؤ بها وما نوعها وما ستفسر عنه، لا سيما في حالات عدم اليقين، أي أنه (رؤية مستقبلية).
لمحات ختامية:
نطرح في ختام الورقة عدداً من النقاط التي لا بد من طرحها كما يلي:
-         تميز الديوان بخلوه من الحشو الزائد على اللزوم، إلا في مواضع محددة، اعتقد أنها مدركة.
-         تميز بمرافقته للأحداث وارتباط النصوص بها، والتغيرات التي طرأت على المعتصمين ومسارهم من جانب والحدث الرئيسي من جانب آخر، لهذا رصدت القصائد الكثير من المشاهد، والصور، والأحداث، والأنشطة.
-         تتميز قصائد الديوان بالوحدة الموضوعية التي أعطتها سياجاً أمنياً من الفوضى العشوائية.
-         يتميز الديوان بسلامة اللغة وندرة- إن لم نقل انعدم- الأخطاء الإملائية، ولم ألاحظ من خلال قراءتي السريعة إلا الآتي:
1.               قصيدة (اللون المرفوض) ص109، (فسأل الله للبلاد خلاصاً)، والصواب: (فاسأل الله).
2.               قصيدة (أشرف الناس) ص125، 126، يوجد عدد من مفردات النص تنتهي بالتاء المربوطة، بينما وردت في الديوان بـ(الهاء)، علماً أن هناك في نصوص أخرى كتبت صواباً بـ(التاء المربوطة) ص51، 52.
3.               قصيدة (اختلاف، اتفاق) ص42، وردت كلمة (اسقاط) بدون همزة، والصواب أنها بهمزة (إسقاط).
-         توجد ميزة أخرى تتمثل في حسن استخدام علامات الترقيم دون إسراف أو خلل.
-         من المميزات أن الديوان سهل القراءة؛ لأن الكلمات (مُشَكَّلَة).
*  من الأمنيات، كنت أتمنى الآتي أو إذا طبع مرة أخرى:
أ‌)              لو أنه تم تذييل كل القصائد بالتاريخ: باليوم والشهر والعام، لأن القصائد مرتبطة بالأحداث والأفعال التي شهدتها اليمن.
ب‌)        لو أن قصيدة (النهدين) امتدت قليلاً؛ لأنها اختزلت الحدث، دون تكثيف للمعنى والصور الدلالية والإشارية.
ت‌)        لو حلت كلمة (الحزب الحاكم) بدلاً عن كلمة (الدولة) في قصيدة (نقيضان) ص113 لكانت أكثر قرباً من المعنى الذي أراده الشاعر، لأن الدولة تضم الجميع، بينما (الحزب الحاكم) هو المقصود في من يمثله النص، ولأني حصلت على نسخة إلكترونية من الديوان في شهر 11/2011م، واستقيتُ عدداً من قصائده وضمنتها في بحث منشور على صفحة الانترنت تحت عنوان (المعتصمون في ساحة الجامعة) ومن بينها القصيدة (نقيضان) وبعد مطالعة الديوان بعد الطباعة وجدت بعض التعديلات الطفيفة التي جرت عليه ومن بين ما تم تعديله، قصيدة (نقيضان) حيث تخلص الشاعر من الأسماء، وهذا أسلوب صائب، فالأسماء تعبّرُ عن تنظيمات أو قوى أو جماعات.
مرّة أخرى ألتمس العذر والصفح من الشاعر والقارئ عن كل خطأ أو قصور، فالورقة تقترب من الانطباعات الشخصية أكثر من الاقتراب العلمي.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن الحيمة الخارجية؟!

أعمال ومؤلفات الدكتور إبراهيم أبو طالب ودواوينه الشعرية [مرتبة زمنيا بحسب صدورها ( 1999- 2023م)]

24- الأستاذ الدكتور إبراهيم الصلوي (أستاذ اللغة اليمنية القديمة)