14- الأستاذ الدكتور عبد الله حسين البار (في حديثه بوحٌ من الشِّعرِ، وفي كتابتِه رُوحٌ من العلم)


************
- من هؤلاء تعلمت-
*سيرة ذاتغيرية*
(الحلقة الرابعة عشرة، مجلة أقلام عربية، العدد (36)، أكتوبر 2019م، صفر 1441هـ.).
الأستاذ الدكتور/ عبد الله حسين البار
 (في حديثه بوحٌ من الشِّعرِ، وفي كتابتِه رُوحٌ من العلم)
************
كنتُ أتمنَّى أن أدرس ضمن طلابِه في مقرر (نصوص من الأدب الجاهلي) لما سمعتُ عنه من تميِّز في الطرح، وإلمام في العرض، وطريقة جميلة عميقة في الشرح، يجمعُ بين أسلوب المحدَثين في مناهجهم وتدقيقهم، وتمكُّن التقليديين في موسوعيتهم واستنادهم إلى التراث العربي قراءةً وغوصًا وحفظًا، حيثُ يدرس الأدب الجاهلي بمنهج بنيوي تكاملي، وكانت رسالته في الماجستير عن "المعلَّقات العشر في ضوء منهج (التأويل التكامليّ) للنصّ الشعري" وقد دافع عنها في العام 1995م. وفي ذلك العام كنتُ في مرحلة المقاصّة في كلية الآداب، ولكني كنتُ قد درستُ ذلك المقرر من قبلُ في مساقاتي الدراسية، ولكن تلك الأمنية لم تتحقق في قاعة الدرس، وإن تحققت بشكل آخر في ميدان البحث؛ حيث لم أُحرَم من اللقاء به في مناقشةِ بحثٍ لي بعنوان (الأسطورة في شعر عبد العزيز المقالح) وهو من البحوث التكميلية في دراستي في تلك المرحلة من العام الجامعي (94- 1995م).
وأذكر فيما أذكر من ذلك اللقاء البسيط العميق في ساحة كلية الآداب وبين أشجارها؛ حيثُ كنتُ على موعد مع الأستاذ عبد الله حسين البار – الذي كان قد انتهى من رسالة الماجستير حينها- وكان أستاذ المقرر في الأدب الحديث، قد أحال إليه البحث ليقيِّمه، ويناقشني فيه.
وحين لقيتُه وجدتُ فيه عِلمًا غزيرًا ومعرفةً تتجاوزُ التخصص والانغلاق عليه، فعلى الرغم من أنَّ البحث في الأدب الحديث، وفي الأسطورة تحديدًا بوصفها مكوِّنًا مُهمًا في مَدِّ الشعراء الكبار من جيل المقالح بالأفق الرمزي والأبعاد الدلالية العميقة في شعرهم الحديث، وأستاذنا البار متخصص في الأدب القديم والجاهلي منه على وجه الخصوص وهو الذي سيدرس بعد ذلك "شعر امرئ القيس، دراسة أسلوبيّة" في عام 1998م.
أقول: على الرغم من كلِّ ذلك فقد وجدتُه بحرًا زاخرًا من المعلومات والمعرفة بالشعر وفنونه، ودلالاته، وبالأساطير ورموزها. وأذكر فيما أذكر من ذلك النقاش – على بساطة طالبٍ مثلي في مرحلة الطَلب والتلقي – أنني كتبتُ عن واحدةٍ من الرموز الأسطورية أنني لم أجد لها تعريفًا في الكتب التي عُدتُ إليها فقال لي: أستاذي البار: لم تجدْها في الكتب التي وقفتَ عليها! لكنها موجودة في غيرها، ومن ثمَّ لماذا لم تَسأل، فأين نحنُ، وما دورنا؟!. وهنا أدركتُ مقدار علم الرجل وتواضعه مع طلابه ومع أصدقائه من مريدي المعرفة وناشدي الفهم والعلم، ولم يكن يبتعد كثيرًا عنَّا في العُمر سوى بعقد من الزمان ونيف من السنوات –فهو من مواليد (1/3 / 1959م) ولكنه يَنوفُ عنَّا، ويزيد في العلم بعقودٍ كثيرة.
فهو قارئٌ جيد، وباحثٌ دؤوب، ومتحدِّثٌ يرتِّلُ بصوته الهادئ العذب الكلمات ترتيلًا، وبحرف القاف بمخارجه الحضرمية الخاصَّة في النطق والمميزة في النبر، كم كنتُ أسعد بلقائه في طرقاتِ الكلية أو في القسم، وكم كنتُ أعدُّه أنموذجًا يُحتَذَى وقدوةً تُقتَدَى، يفخرُ المتابع له بنجاحاته المتواصلة ومكانته التي كان يتمتَّعُ بها كأنَّه دكتور لا يقلُّ عن أساتذة القسم مهابةً وعلمًا ومكانةً وشأنًا قبل أخذ الدكتوراه، لأنه أخذَ عن أعلام ٍكبارٍ من أمثال: الدكتور كامل سعفان –في دراسته الجامعية-، وأستاذنا الدكتور فهد عكام، والدكتور محمد عبد المطلب –في دراسته العليا-، وكان يفخرُ بهم جميعًا وبغيرهم من أساتيذه العلماء، ولسان حاله "أولئك آبائي فجئني بمثلهم...".
كان ردُّه حين أسألُه عن أحواله -مصحوبًا بابتسامته النقية- قولَ جدِّه امرئ القيس:"نحاولُ ملكًا أو نموتَ فَنعذرا" وكان بالفعل حينها يعيش مع امرئ القيس ويدرس حياته وشعره ويعيش مع أدب الجاهلية بكلِّ تعمُّقٍ وفهم، وبصحبةِ المناهج الحديثة التي تروم النصَّ وتتفحَّصه وتخوض في عمق البنية بمستوياتها وتعالجها فهمًا ودرسًا لينتج عنهما معرفةً وتأملًا عميقًا.
جدُّه البعيدُ امرؤ القيس الكندي كان يناديه بمعلقته وبشعره، ووفاءً منه دَرَسَه ليربطَ الأمسَ البعيد باليوم الحاضر، ويعيد سيرته الأولى في بكارة الشِّعر ودهشته وغوايته ولذَّته، وفي بكوره وعبقريته في أرض دَمُّون، المعشرُ اليمانون، وفي أحفادهم القادمين من هناك من (حضرموت).

 حضرموت التاريخ والحياة والجمال والعذوبة، إلى (صنعاء) أرض سام بن نوح في إشراقة التاريخ، وبروح اللطف، وفي نقاء المحبة، هذا القادم من شرق اليمن من (المكلا) حضرموت (الخيصة) التي هي مسقط رأسه، وبها تلقَّى تكوينه الدراسي الأوليَّ حتى الثانوية إلى شمالها إلى (آزال) التي سيكمل فيها دراسته العليا.

 مرورًا بـ(عدن) التي درسَ فيها مرحلته الجامعية، ليجمع في تكوينه العلمي والإنساني بين الشطرين ومن خلال ثلاث مدن حضارية عريقة وجميلة، المكلا، وعدن وصنعاء، إنها رموزُ اليمنِ وأعذب حواضرها قديمًا وحديثًا.

لكل مدينة نكهتها الخاصة وشخصيتها المستقلة العذبة، ومعارفها المتنوعة التي صبَّت في هذا (السندباد العلمي) رُوْحَها ومدَّته برَوْحِها فتشكَّل من كلِّ زهرها وزهوها، وتواضعها وشموخها، وعطرها وإنسانها، فتلقى علمَه من مدارسها المختلفة، وكان خلاصةً لمدنيتها وتاريخها وإنسانها الجميل الأصيل، إنه –في أبسط عبارة- أنموذج لليمني المحلِّق في ربوع بلاده الواحدة، ومثال لابن اليمن البار الذي يجمع المجد بأطرافه، ويتحرَّك في عوالم اليمن الممتد بكل جمالٍ ومحبةٍ وبساطةٍ، وهدوء.
لقد استقرَّ في صنعاء خلال عقدين ونيف من الزمان ليتصعَّد في أعلى قلاعها الأكاديمية (جامعة صنعاء) معيدًا، فأستاذًا مساعدًا، فأستاذًا مشاركًا، فأستاذًا، وعلى الصعيد العلمي يكون نائبًا لرئيس المجمع العلمي اللغوي اليمني بموجب القرار الجمهوري رقم (157) لسنة 2013م، وعلى المدار الأدبي يصبح رئيسًا لاتحاد الكتاب والأدباء اليمنيين، أعطى صنعاء محبة وعلمًا فأعطته مكانةً وقدرًا، وما تزال.
سيرة الأستاذ الدكتور البار علامةٌ مضيئةٌ يذكِّر برحلة العلماء الكبار في وطنهم، ويوحي بسيرة الأعلام الباذخة الراسخة، ويمنح استحقاقًا علميًّا يفرض نفسه جمالًا وجلالًا ومكانةً، ويمتحُ منها بعلم عليمٍ أو باقتدار حكيم.
يعلِّمُنا أستاذُنا البار بمسيرته العلمية الحيَّة الراقية هذه كيف يصير الفردُ مجموعًا، وكيف يكون الواحدُ أمَّةً. جاء إلى صنعاءَ طالبُ علمٍ ورجع منها عَلَمٌ له طلابه، وعَالمٌ له مريدوه وكتَّابه، وإنه بذلك أنموذجُ فخرٍ، وأستاذُ علمٍ يملأ السَّمعَ والبصرَ، وقد حاول ملكًا –كما كان يردِّدُ- وعِلمًا فآتاه الله من العلم ما هو أهله، ولم يمت ليُعذر، بل عاشَ ليُذكر، ويُشكرَ، ويُقدَّر.
 بعد رحلته العلمية وحياته التدريسية في صنعاء منذ العام 1990 مع بداية الوحدة المباركة وحتى انتدابه للتدريس في كليّة الآداب جامعة حضرموت أستاذًا للأدب والنقد في العام 2011م، وظلَّ على تلك الصِّفة حتّى تمّ إقرار نقلِه تمامًا إلى الكليّة نفسها في جامعة حضرموت في ربيع عام 2014م وبشكل نهائي، أراد البارُ أن يحطَّ الرحال في المبدأ والمآل، في حضرموت في (سُعاد) التي نادته أجواؤها، ورياضها وحورياتها وجنياتها، وهي فاتنتُه التي نشأ بها وعاش، وله بها أهلٌ وخلَّانٌ وجيران ومحبُّون، فعاد ليعطيها مما أعطاه اللهُ علمًا ومعرفةً وتدريسًا وتأليفًا وحياةً.
التقيتُ به في ثلاثِ محطاتٍ مهمَّة في حياتي، وتعلمتُ منهُ ثلاثَ قِيَمٍ لا أنساها.
المحطة الأولى: حين كنتُ طالبًا، فعرفتُ فيه العِلمَ والقدوة، ورأيت منه المعرفة والطموح، ولمستُ فيه مكارم الأخلاق، وأما القيمةُ فكانت قيمة (التَّواضع) ومَن تواضع لله رفعه، وما ذاك إلا لأنه مليءٌ وإذا امتلأتِ السنبلةُ انحنت. 
والمحطة الثانية: حين كنتُ مَعهُ عضوًا في لجنة تحكيم جائزة رئيس الجمهورية للشباب في مجال تحكيم القصة القصيرة، منذ العام 2011 - 2014م، وفيها عرفتهُ قارئًا حصيفًا، ومتابعًا للمشهد الأدبي اليمني بشكل جيِّد، ومشجِّعًا للمواهب الشابَّة المتميزة التي يُرجى منها الخير والمستقبل، فكان بحدسه الذكي، وبخبرته النقدية وحرصه الشديد على فحص الأعمال، ثم تدبُّر ما وراء النصِّ -من لغةٍ مختلفةٍ في إبداع صاحبها- يدرك ويبصر من يستحقُّ الفوز والنجاح، ومن قد يستحقُّ الدفعَ به تشجيعًا لأن أدواته قد تقصر الآن، ولكنها قد تتميز بالنضج وتكتمل مستقبلا، وبالفعل فإن الأسماء التي رُشِّحت وفازت قد أصبحت فيما بعد من الأسماء اللامعة في المشهد القصصي اليمني وهي من تتربَّع المشهد اليوم من أمثال: حامد الفقيه، وأسماء المصري (2011)، مسعد ناصر السالمي (2012)، محمد عبد الرحمن السقاف ونبات أحمد عبده السماوي (2013)، وسلمى الخيواني وحفصة مجلِّي (2014)، بل إنَّ بعض من أخذ منها الجائزة مناصفةً قد تفرَّد بجائزةٍ مرموقةٍ عربيًّا، وما كان ذلك إلا دليل معرفةٍ، وتنبؤٍ لا يخطئ حدسُه، ولا تضيع بوصلتُه. ولم أذكر أننا اختلفنا في تحديد الفائزين، وكنَّا لا نخرج عن ثلاثة مرشحين تتفق قراءاتُنا حولَهم –كلٌّ على حدة- وتلتقي أراؤنا بترشيحهم، وكان ثالثنا المثقف الأكاديمي الدكتور عبد الكريم قاسم، وبعده الشاعرة الدكتورة ابتسام المتوكل، وإذا غُمَّ علينا بعض الأمر –وذلك قليل- كنَّا نردُّه ونحيل القول الفصل إلى أستاذنا البار، فيقطع فيه، ولا يستأثر به دوننا، وتلك صفةٌ وقيمةٌ تدلُّ على (الشُّورى) قيمةً ومبدأً سار عليه أخي وصديقي الدكتور البار.
أما المحطة الثالثة: فهي أني خَلفتُه في برنامج (صدى القوافي) البرنامج الذي كانت تبثُّه الفضائية اليمنية في شهر رمضان من كلِّ عام، وهو برنامج ثقافي مسابقاتي يهتمُّ بالشعر الشعبي تحديدًا، وكان قد رأس لجنةَ التحكيم لمواسم ثلاثة قبلي، وحين رشحني للتحكيم –وقد عرفتُ ذلك منه- قبل تواصل القناةِ معي عبرَ مذيعها الشَّاعر جميل عزَّ الدين، أوصاني بأشياءَ مهمةٍ ومفيدةٍ لمستُ أثرَ وصاياه أثناء العمل، وكانت من أستاذٍ خبير، ومثقفٍ قدير، وعارف بطبائع الناس ومشاربهم ومدارسهم بصير، فكانت خيرَ دليلٍ لي، ومن هنا أدركتُ منه قيمةً لا يمكن أن تصدر إلا من ناقدٍ متمكِّن، وعارفٍ مُلمٍّ، ولعل أصدق ما يمكن أن تمثِّله تلك القيمة هي قيمة (النَّصيحة الخَالِصَة).
والنَّصيحةُ من عُرى الدِّين، فالمستشار أمينٌ؛ كما يقال: وكان أمينًا عليَّ، وعلى البرنامج، وعلى الشَّباب الطموح والمواهب المتطلعة الواعدة، وتلك كانت غايته الإعلامية ورسالته الأدبية التي نَدَبَني إلى استكمال المشروع فيها، وأرجو أن أكون قد وفقتُ في ذلك، والحكم للجمهور وللشعراء.
وعلى الرغم من تلك المحطات ومن هذا التواصل الذي استمرَّ طويلًا ولسنوات عدَّة إلا أننا لم نلتقِ كثيرًا ولم نجلسْ طويلًا، وكم كنتُ أرجو ذلك لأستزيد من علمه الجزيل، وخلقه الجم، وصحبتِه العذبة، وكان معظم التواصل لإنجاز الأعمال بيننا يتمُّ عبر التلفون أو الإيميل وبخاصَّة بعد سفره إلى حضرموت وتنقله.
 ولكن في العام 2013م التقينا في منزل الصديق الدكتور محمد مرشد الكميم الذي كان قد رجعَ لتوِّه من المغرب بعد مناقشة أطروحته العلمية المتميزة "خطاب المختارات الشعرية الأندلسية؛ مقاربة للمتعاليات النصيَّة في ثلاثة نماذج"، وكانت رسالة تميَّزت بمستواها (المشرف جدًا)، وبأسماء الأعلام العربية والأكاديمية التي ناقشتها أمثال: سعيد بنكراد، ومحمد العمري، وعبد الفتاح الحجمري، وأحمد الطراسي، فضلًا عن مشرفه أحمد أبو حسن. والكميم باحثٌ جادٌّ وأستاذٌ رصين، وكانت فرحتُنا بنجاحه وبلقاء أستاذنا الدكتور البار فرحتين، في يومٍ صنعانيٍّ جميلٍ، قضينا فترةَ مقيلِه نتنقَّلُ بين أزهار المعرفة، والحديث العلمي الأدبي الراقي، وكم أدهشنا الدكتور البار بمتابعته لفنِّ الرواية ونقادها ونقدها، فهو واسع الاطلاع يرمي في كل فنٍّ بسهم فلا يخطئ، ولم يحل تخصصه الدقيق في الأدب القديم عن المتابعة والمعرفة الحصيفة للأدب الحديث بكلِّ مناهجه ومدارسه وأنواعه شرقًا وغربًا، فكانت رواية (اسم الوردة) لأمبرتو إيكو حاضرةً في الحديث بدلالاتها وبربطها بفكر "إيكو" وفلسفته، كما لم أقرأ لأحدٍ مثل ذلك الوصف وعمق القراءة والتحليل والربط.
إنَّ البارَ أستاذٌ بارٌّ بالعلم، بارعٌ في الفهم، محلِّقٌ في الاطلاع، إنه قُطربُ في المتابعة للجديد لا تفوته النَّوادر، ولا تتعبه القراءة والدفاتر، له الكثير من الجهود والأبحاث والكتب التي صارت علامات للباحثين، ومراجع مهمة للدارسين، لا تخلو رسالة علمية متخصِّصة من الإحالة إلى كتبه، مفرقةً أو مجموعةً.
وسنعرض فيما يأتي إلى بعضها على وجه الإجمال، وإن كانَ كلُّ كتابٍ مِنها عالمٌ من التفرُّد منهجًا، ولغةً، وموضوعًا، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
 وتلك الكتب والأبحاث في مجموعِها تشكِّل المشروعَ المتنوع للرجلِ، فهو يهتمُّ بتحليل الخطاب بنوعيه الشِّعري والسردي، كما يهتمُّ بالتراث، وبفنونه الشَّعبية والإبداعية التي أوقفَ لها دراسات في الإنسان (المبدع)، وفي النص (الإبداع)، وفي البيئة (المكان) بوصف المكان عاملًا مؤثرًا في فهم النص وسبر أغواره، على نحوٍ متوازن، ولم يزده التخصُّصُ والبنيويةُ إلا انفتاحًا على المحيط والمرجع بالإضافة إلى البنية النَّصية، والبناء اللغوي.
هكذا تميَّزت كُتبه وأبحاثه بالتنوِّع والإثراء، نعرض عناوينها وأماكن إصدارها وتسلسل تاريخها وهي: (1) تجلِّيات البناء الشعريّ في القصيدة الجاهليّة وأبعاده؛ شعر امرئ القيس نموذجًا.(حضرموت).2002.
(2) شعر امرئ القيس، دراسة أسلوبيّة،(صنعاء). 2003.
(3) في معنى النصّ وتأويل شعريّته؛: قراءات أشتات في شعر اليمن الحديث. منشورات اتّحاد الأدباء والكتّاب اليمنيّين. 2004.
(4) في أسلوبيَّة النص؛ قراءة في قصيدة (هوامش يمانية على تغريبة ابن زريق البغدادي للشاعر عبد العزيز المقالح)، منشورات اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيّين.2004.
(5) ثنائية الأنا والآخر في نونية المثقب العبدي، صنعاء، 2004.
(6) حسين بن محمد البار الأعمال الشعرية الكاملة، صنعاء، 2004.
(7) الينبوع المتفجِّر الشاعر حسين بن محمد البار؛ دراسات ومختارات،2004.
(8) الصورة الفنيّة في القصيدة الجاهليّة؛ دالية النابغة أنموذجًا،(حضرموت). 2006.
(9) نظرات في شعر الغناء الحضرميِّ،(صنعاء).2006.
(10) صورٌ شعريّةٌ في مرايا النقد،(صنعاء).2009.
(11) دفاتر في تحليل النصّ، قراءات في نصوص من الشعر الجاهلي،(صنعاء).2010.
(12) شعر المحضار النشيد والفنّ،(حضرموت).2011.
(13) من قضايا الشعر الجاهليّ. (حضرموت).2012.
(14) بعيدًا عن الشعر قريبًا من النثر،(حضرموت).2012.
(15) حسين محمّد البار، شذورٌ من سيرة حياته.2015.
(16) فوح البنفسج والعرار، قراءات في قديم الشعر وحديثه، (الشارقة). 2016.
 
وقد كان أستاذنا البارُّ بارًّا بوالدِهِ الذي لم يعرفْهُ - حيثُ توفي وعمره في السَّادسة تقريبًا-، ولكنَّه نهضَ لجمع شعره ودراسته، وبيان حياته، حيث كان والده الأديب حسين محمد البار-رحمه الله- من مشاعل التنوير والتثقيف، ومن رجال حضرموت النبلاء والمؤثرين في الصحافة، والتعليم، والمحاماة، والحياة العامَّة، فأخرج سيرتَهُ، وشعره، وتعهدهما بالدرس، والتنقيب.
وهو ببرِّه لوالده يمتدُّ إلى برٍّ أوفى لحضرموت مكانًا وإنسانًا وتراثًا –كما لاحظنا في عناوين كتبه- وله مشاريع ُكتابيةٍ أخرى منها: محاوراتٌ في الشِّعر والشعراء في حضرموت، وحداثة العاميّة الحضرميّة، وهي قراءة في ديوان (بخيتة ومبخوت). ووهج القصائد على شواطئ اللغة، وهي الجزء الأوّل من دراسة مطوَّلة في شعر الشَّاعر عوض ناصر الشقّاَع بعنوان: بوابات إلى مدائن التخييل، وثنائيّة الائتلاف والاختلاف في البنية الوزنيِّة للقصيدة العربيّة – من بنية البحر إلى بنية الموشّحة.
كما كتبَ مقدِّماتٍ لعددٍ من الدواوين الشعريّة، والأعمال القصصيّة، والكتب الثقافيّة من أبرزها: تقديم ديواني الشاعر خالد محمّد عبد العزيز (المكلا)، و(يومٌ كانَ في اليمن). وديوان الشاعر عمر حسين البار (الرحيل عن المهجة)، ومقدَّمة كتاب الدكتور عبدالله سعيد الجعيدي الموسوم بـ(عابر سبيل). و(الأعمال القصصيّة الكاملة) للقاصّ صالح سعيد باعامر، ومنها جهده الواضح في موسوعة الغناء اليمني في القرن العشرين، وغير ذلك.
تحية:
بانت (سُعادُ) فقلبي اليومَ مَوْجُوعُ ... ونَالَنا دُونَها حُزنٌ وتَضييعُ
بانتْ وبِنَّا وما عادت كرامتُنا ... وكيفَ يَرجِعُ من بالوهمِ مخدوعُ؟!
بانَ الوِدَادُ، وصنعاءُ التي عشقت ... تَبكي الطُّلولَ وهذا النَّوحُ مَسموعُ
"شيءٌ بعينَيكِ يا (صنعاءُ) يُشعلنا"... وشاَعَ من أمرهِ ظُلمٌ وتجويعُ
من يَجبُر الكَسر؟ من يُعطي بلا ثَمنٍ؟ ... مَن يُرجِعُ الدارَ إنَّ الأمرَ متبوعُ
لا تَأمنِ الدَّهرَ إنَّ الدَّهرَ ذو حِيَلٍ ... وَمَنْ يَهُن فَطريقُ الذُّلِّ مَصنُوعُ!
فصلُ الخِطَابِ:
"أمّا اليوم فالحابل مختلطٌ بالنابل حتّى غَدَت الثقافةُ ثرثرةً في المجالس لا موقفًا من الحياة، ولا رؤية لها، فكيف يصحُّ وصفُ من نُسمِّيهم (مثقفين) -وذاك حالهم- بـ(صفوة المجتمع)؟ أضف إلى ذلك أن العديدَ من هؤلاء المحسوبين على الثقافة لا يفقهون الثقافة إلا على أنها انشغالٌ بالحَدَثِ السِّياسي ولا غير. وهذا قصور في تصوُّر مفهوم (الثقافة) وتعيين أبعادها. لقد كان (النَّاسُ) إلى عهودٍ قريبةٍ يغلِّبون (الاجتماعي) على (السِّياسي)، فانشغلوا بإصلاح التعليم، والسُّمو بالقيم والأخلاق، ومعالجة مشكلات المجتمع على مختلف الصُّور، لكنَّهم حالوا بعد ذلك عن هذا فزاد اهتمامهم (بالسِّياسي) فأضاعوا (الاجتماعي) وفقدوا السبيل إلى (الثقافي). وغدوا كما قال "أرسطو": حيواناتٍ سياسيِّةً لكن دون إدراكٍ عميق بالتاريخ، ولا وعيٍ شاملٍ بالسِّياسة كما يقتضي المفهوم الفلسفي لمعنى السِّياسة".
@ من حوار بعنوان: رحلة في عقل أديبٍ وناقدٍ يمني حَضرمي(د. عبدالله حسين البار).
* نُشر المقال في العدد -36 من مجلة أقلام عربية، أكتوبر 2019م. صفر 1441هـ.
على الرابط الآتي:

 
 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن الحيمة الخارجية؟!

أعمال ومؤلفات الدكتور إبراهيم أبو طالب ودواوينه الشعرية [مرتبة زمنيا بحسب صدورها ( 1999- 2023م)]

24- الأستاذ الدكتور إبراهيم الصلوي (أستاذ اللغة اليمنية القديمة)