مسرحية (الأصمعي والتقنية) د. إبراهيم أبو طالب.


اللغة العربية بين الأصمعي والتقنية
(مسرحية ذات فصل واحد) 
تأليف ومعالجة مسرحية: د. إبراهيم أبو طالب

شخصيات المسرحية:
الأصمعي: شخصية عربية تراثية شكلًا ومبنى.
طالب أوَّل: في المستويات الأولى.
طالب ثانٍ: كأنَّه في مراحل تعليمية متأخرة قبل التخرُّج.
**********************************
[يُفتح الستار أو المشهد على مكانٍ واسعٍ فيه لوحةٌ كبيرة لشاشة عرض إلكترونية سيعرض عليها بعض مقاطع الفيديو، وقد خُطَّ عليها بخطٍ الثلث الجميل هذا البيت من الشعر:
"وإن في المجد هِمَّاتي وفي لغتي...فصاحةٌ ولساني غيرُ لَحَّانِ"
قسم اللغة العربية وآدابها

ويبدأ المشهد بطالبين أحدُهما يبدو أكبر سنًّا من الآخر، يتدارسانِ في كتابٍ استعدادًا للاختبار، يتحاوران، ثم يطلبُ الأصغر سنًّا من رفيقه أن ينام قليلًا حتى يَحينَ موعدُ الاختبارِ بعد ساعة،... ثم يحلمُ... يمرُّ بهما شخصٌ قادمٌ من التراثِ بملبسِهِ وهيئتِه يَمْشِي في وَقَارٍ، فيراهما]: 
الأصمعي: السَّلام عليكم ورحمة الله.
(يلتفتانِ إليه ويتركان ما في يديهما، وهما يتأمّلانه مندهِشَينِ، ويردَّانِ بصوتٍ واحد): وعليكم السلامُ ورحمة الله وبركاته.

الشخص الأول (الأصغر سنًّا): بعدَ أنْ يَدور حولَهُ، ويرى مَلبسَه التُّراثي يقول: مَن انت؟ (ينطقُها باللهجة، وبدون همزة قطع)

الأصمعي: (مستغربًا) لله المنةُ ولرسولِهِ ..مَا مَنَنتُ عليكم بشيء!!

الشخص الثاني (الأكبر سنًّا ومعرفةً): إنما أرادَ أن يسألَكَ مَن أنتَ؟!

الأصمعي: نعم، أنا الأصمعي.

الشخص الأول: ماذا .. الأصمعي؟.. صاحب كتاب الأصمعيات الذي كنا ندرسه قبل قليلٍ؟ يا لفرحتي!

الشخص الثاني: نعم، واسمه عبد الملك بن قريب، إنه راوية العرب وأحدُ أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان.ثم يقول: أهلا بك أيها الأصمعي!

الشخص الأول: مرحبًا ألف.. بالَّلصمعي، وكيف اهلِك؟! (ينطقها بدون همزة قطع وبكسر اللام).

الأصمعي: أعاذكَ اللهُ من الهَلاكِ! .. وإنَّما يهلِكُ الرجلُ إذا سقطَ عليهِ جدارٌ أو قتلَهُ أَحَدْ.
الشخص الثاني: (يتدخّل موضحًا): هو يقول لكَ: وكيفَ أهلُكَ؟!

الأصمعي: (وكأنه فَهِمَ..أهااااه) أهلي بخيرٍ، وللهِ الحمدُ، وَيدْعُونَ لَكُمْ.

الشخص الأول: وما شَانَك؟!

الأصمعي: واللهِ مَا شَانَنِي شَيءٌ!.. إلا آثارَ جُدَريٍّ في وَجْهِي، وبعضَ إرهاقٍ مِن تَعَبٍ!

الشخص الثاني: هو ما أرادَ الشَّينُ! بل يسألُكَ: ما شأنُكَ؟

الأصمعي: (وكأنه يحدِّثُ نفسَه: ما الذي حَدَثَ لِأَلْسِنَتِهم؟!)، (ثم يضيف) نَعَمْ، إِنِّي ذاهبٌ إلى أميرِ المؤمنينَ أَشكُو إِليهِ خَتَنِي الذي ظَلَمَنِي.

الشخص الثاني: (موضحًا لزميله أتعرف معنى "خَتَنِي؟" لا تفضحنا عِند الرَّجَّالْ!، (الآخر يهزُّ رأسَهُ نافيًا).. معناها صِهرُهُ.. (فيتظاهرُ بالفَهمِ، ثم يسأل):

الشخص الأول: ومن خَتَنَك؟ (بفتح النون فأصبح فعلًا).

الأصمعي: (محتجًّا غاضبًا) وما شأنُك أنتَ بمن ختَنَنِي، إنه حَجّامٌ في البلدةِ، ومات.

الشخص الثاني: (ضاحكًا) إنه يقصدُ ومَن خَتَنُك؟!

الأصمعي: نعم.. إنه فلان ..لا تعرفونه.
( ثم يهمُّ بالذهاب...)

الشخص الأول: يا أصمعي؛ (مناديا ومستوقفًا).

الأصمعي: نعم.

الشخص الأول: ما أفصحُ قولِكْ! (يقولُها بضمِّ الحاءِ)

الأصمعي: كلُّ قَوْلِي فَصِيْحٌ، والحمدُ للهِ!

الشخص الأول: أعرفْ، وإنما أردتُ التعجبَ من فصاحَتِكَ!

الأصمعي: إذًا قل: ما أفصحَ قولَكَ، أَلَمْ تَتَعلَّمْ أَنَّ الفتحَ هُنَا لِلتَّعجُبِ، والضمَّ لِلسُّؤالِ؟!

الشخصُ الثاني: (مُتَدخِّلا): نعم، وبسببِ هذه الضمةِ، وضعَ أبو الأسود الدُّؤلي علم النحو، ومنه بابُ التعجبِ، والفاعلُ والمفعولُ، كما تروي الحكايةُ مع ابنته!

الشخص الأول: إنك لَغَوي بارع (يقولها: بفتح اللام ويركِّز عليها)

الأصمعي: سَامَحَكَ اللهُ! لَمْ أَكُنْ يَومًا لَاغِيًا ولا مِهْذَارًا.

الشخص الثاني: (متمتمًا وموجِّها لومَهُ لزميلِهِ: الله يهديك يا شيخ! ثم يخاطب الأصمعي) هو يقصد لُغَوي.. لُغَوي (يقولها صحيحة بضمِّ اللام).

الأصمعي: يا للأسفِ! وكأنَّك يا بُنَيَّ لمْ تَعُدْ عَربيًّا!! ألا تفرقُ بين اللَّغو والُّلغة؟! فتقولَ: لُغَوي.

الشخص الأول: (يداري حرجَهُ ويُكَابِرُ)، وهل العربي بالضمة والفتحة؟! لقَدْ أصبحَ العالمُ في الفضاءِ، ويقدِّمون الاختراعات، ونحن ما زلنا في الضَّمّة والكسرة؟!

الأصمعي: لأنهم احترموا لغتَهم! وليستْ المشكلةُ في الضَّمة والفتحة يا بنيَّ.. المشكلة في النَّاس، عندما تزدهرُ اللغةُ؛ ذلك دليلٌ على ازدهارِ أبنائِها، ورُقِيِّهم، ونهوضِهم الفكري.

الشخص الثاني: هذا كلامٌ حقيقي..
الأصمعي: حين ازدهرتْ عصورُنا القديمةُ بالعِلمِ كانتْ لغتُنا يتعلَّمها الناسُ في مشارقِ الأرضِ ومغاربِها.

الشَّخص الثاني: اللغةُ العربيةُ لغةُ علمٍ ومعرفةٍ بها ألَّفَ (ابنُ سيناء) كُتُبَهُ في الطبِ، و(ابنُ الهيثمِ) في علمِ المَناظِرِ والبصرياتِ، و(ابنُ خلدون) في علمِ الاجتماع، و(الإِدْرِيسيُّ) في الجغرافيا، و(الخَوَارَزْمِي) في الرياضيات. [يصاحب حديثه صور للشخصيات المتخيَّلة تعرض على شاشة العرض الكبيرة]. وأصبح العالمُ يَعرفُهُ باللوغارتمات وهي في الأصل الخوارزميات.. إننا نفخرُ بهِ!

الأصمعي: أحسنتَ يا بُنيَّ، اللغةُ العربيةُ تستوعبُ كلَّ العلومِ، وهي هُويَّتُنا بها كَتَبْنَا، وترجَمْنَا كلَّ العلومِ القديمة.

الشخص الثاني: والحديثةِ أيضًا.

الشخص الأول: وهل في كِّل ذلك كان النحو موجودًا؟! (وكأنّه متذمِّر).

الأصمعي: النحو يرتبطُ بالمعنى، ويجعلُ العقلَ حَاضِرا مُتَّقِدًا مُنْتَبِهًا، ومِن هُنا جاءتْ أهميَّتُهُ، وتَحتاجُون إلى تعلُّمِهِ مِن الصِّغرِ ليصبحَ سليقةً وطبيعةً، ألمْ تسمعْ قولَ الشاعرِ العربي:
ولستُ بِنَحْوِيٍّ يلوكُ لِسَانَهُ ...ولكنْ سَلِيقيٌّ أقولُ فأُعْرِبُ

الشخص الأول: (فَرِحَا) شُفتْ يا أصمعي، ولستُ بنَحَوِي (يقولها بفتح الحاء)

الأصمعي: (مستغربا من نُطْقِهِ) نَحَوِي؟! .. الأحسنُ أَنْ تَسكُتْ يَا هذا!! (نَحَوِي) هل هو نسبة إلى النَحَو أو إلى النّحْوِ؟ (يفهِّمُه).

الشخص الأول: إلى النَّحْو!

الأصمعي: فقل : نَحْوِي.

الشخص الأول: لا عليك يا أصمعي، نَحْوِي نَحْوِي (يضغطُ عليها صحيحة) ولا تزعل... وعلى كل حالٍ يمكنني التأكد منها، وسؤال الشَّيخ: (قوقل google)

الأصمعي: وَمن هذا الشَّيخ قوقل؟ هل هو من طلابِنا؟!

الشخص الثاني: لا هذا شيخٌ مُعاصرٌ يعرفُ كلَّ شيء، وبمجرد أن تسألَهُ يجيبُكَ بضَغْطَةِ زِرٍّ.. هكذا على هذا الجهاز!!

الأصمعي: غَريبْ! وهلْ هذا الـ "قوقل" مِن أبناءِ العَربيةِ العَريقة؟!

الشخص الأول: هاااه .. (وهو يحكُّ رأسَهُ) من أبناء العربية، واسمه قوقل؟!

الشخص الثاني: (متدخِّلا) لا .. لا ليس عربيًّا للأسفِ، بل أمريكيا، وهو محرِّكُ بَحثٍ معروف.

الأصمعي: ولكنَّه لا شكَّ مُعتَمِدٌ على مَا فعلناهُ نحن من الكُتُبِ والجُهُودِ!

الشخص الأول: ولدينا هنا أيضًا سيبويه، انظروا ( وهو يبحث في الجهاز مستغربًا).

الأصمعي: ماذا سيبويه هنا؟! أين؟! (ويقتربُ نحوَ جهازِ الكمبيوتر) ولماذا تحبسونَهُ في هذا الصندوقِ الصَّغير؟!

الشخص الثاني: إنه تطبيق وبرنامج اسمه "سيبويه" يمكنُنَا أن نسأله عمَّا نشاءُ!! انظروا..
(ويفتح برنامج يعرضُ على الشاشة عن تطبيق سيبويه [مقطع في اليوتيوب] على الرابط الآتي:
الأصمعي: (بعد أن ينتهي المقطعُ) هَذا شِيءٌ عَجِيبٌ، ولكن، وأينَ أنا؟ وأينَ الخليلُ بن أحمد الفراهيدي، وأينَ العلماءُ الآخرون؟!

الشخص الأول: سوف تكونونَ هنا .. لا تَقلق! (ضاحكًا)

الأصمعي: وهل أنتم من فَعَلَ هذا؟!

الشخص الثاني: (مُحرجًا) هااااه... لا عليكَ ممَّن فَعَلَه.. المهم إن سيبويه لدينا.. وخلاص!

الأصمعي: إذًا .. على الرُّغمِ مِن كلِّ هذا اليُسْرِ والحُصُولِ على المعلومةِ سريعًا.. وقد كنتُ أبحثُ عنها في البَاديةِ -وبينَ الناسِ- أيامًا ولياليَ كثيرةً .. لماذا لا تَسْتَغِلُّونَ هذا العِلمَ، وتستثمرونَ هذا التَّقدُّمَ؟!  

الشخص الأول: حِنّا نستغله.. ونفهم!

الأصمعي: وما (حِنَّا) هذه؟!

الشخص الثاني: يقصدُ (نَحنُ)!

الأصمعي: وهل (نَحْنُ) صارت لديكم (حِنَّا)؟! ألم أقل لك: لا تتكلمْ مَعي أَحسَن؟! (مُشِيحًا بوجههِ عنه)

الشخص الثاني: لكنَّا نَعتزُّ بِلُغتِنا، نحبُّها، ونُحِبُّ تعلُّمَها.

الأصمعي: أحسنتَ يا بُنَيَّ!!، وبِها يكونُ مِفتَاحُ العلمِ، وطريقُ النَّجَاح.

الشخص الأول: واللهِ، يا أصمعي: إنَّك كَفْوْ!

الأصمعي: (مُسْتَحْسِنا قَوله) أشكرُكَ.. الآنَ فَهِمْتُكَ..لكنْ هَلّا هَمَزْتَ؟!

الشخص الأول: كيف يعني أهمز؟!

الأصمعي: أي قُلْ: كُفُؤٌ.

الشخص الأول: أنا مِمَّن لا يهمزون.. (ويقوم بحركةٍ مضحكةٍ مُفاخرًا)

الأصمعي: إذًا أنتَ من قُرَيشٍ أو من قبيلةِ هُذَيل؟!.. ممن لا يهمزون؟.

الشخص الأول: لا.. والله، إني من (عسير). [ضحك].

الشخص الثاني: ما شاءَ اللهُ، ومن أينَ جئتَ بهذهِ المعلومةِ .. يهمزون وما يهمزون؟! شكلك منزِّل برنامج سيبويه..

الشخص الأول: (مختالًا) طبعًا مُنَزّله عندي من زمان، واسأل عَمَّكْ (قوقل) لو ما صدقتني؟! (يضحك).

الشخص الثاني: واللهِ إنك كفو

الشخص الأول: لو سمحت قل: كُفُؤٌ.. اهمزْ ..(يضحكان)

********

الشخص الأول: يا أصمعي، واللهِ إنها فرصةٌ سعيدة.. أَفِدْنَا من عِلمِكَ!

الأصمعي: وبمَ أفيدُكُم؟!

الشخص الأول: كنَّا نتدارسُ قبلَ قليلٍ مثلاً عربيَّا لم نَعرِفْ تَمَامَهُ، ولا مَعْنَاهُ!

الأصمعي: ومَا المَثلُ؟!

الشخص الثاني: يقال في المثلِ: خيرُ الغداءِ بَوَاكِرُه.. فما خيرُ العَشَاء؟!

الأصمعي: (عَلَى الفَور) خيرُ العشاءِ بَوَاصِرُه.

الشخص الثاني: (وكأنَّه اكتشفَ شيئًا يريدُ تدوينَهُ) جميلٌ: إذن المثلُ هكذا: "خيرُ الغداءِ بَوَاكِرُه، وخيرُ العَشاءِ بواصرُه".

الشخص الأول: وِشْ مَعنى بواصِرُه؟!

الأصمعي: ما يُبصَرُ مِن الطَّعامِ..

الشخص الثاني: فهمتُ يعني: خَيرُهُ ما كانَ مُبكّرًا قبل الظَّلامِ، وما زلنا نُبصِرُ الطعامَ، أليس كذلك يا أصمعي؟! (يهز رأسَهُ موافقًا، ويقول: بَلَى).

الأصمعي: (مُضيفًا) ألم تَسْمَعُوا قولَ الشَّاعرِ العربي:
وأرى العَشا في العينِ.. أكثرُ ما يكونُ من العَشاءِ

الشَّخص الأول: (مَفْجُوعًا) يعني إننا لو تعشينا سنصابُ بالعَمَى؟!

الأصمعي: لا، ولكنْ أحسنُ العَشَاءِ لدى العربِ ما كانَ مُبَكِّرًا.

الشخص الأول: (مَسرورًا) الحمدُ لله!

الأصمعي: ولكن لا تَدَعُوا العَشاءَ تَمامًا، ولو بِكَفٍّ من حَشَفٍ (تمر) فإنَّ تَرْكَهُ مَهْرَمَةٌ...

الشخص الثاني: الآنَ فهمتُ المثل!

الشخص الأول: (مُمَازِحًا، ويقولها باللهجة): يعني أيش فهمت؟ نتعشَّى الْحِينْ والَّا ما
نتعشى؟! حَيّرتُونا؟!

الشخص الثاني: (يفهِّمه بَاسِمًا) ستتعشَّى يا صديقي لا تقلق! إنما يقولُ المثلُ: إنَّ تأخيرَ العشاءِ لدى العربِ يصيبُ المرءَ بالعَشَى وهو نوع من العَمى، وتركُهُ تمامًا يُصيبُ بالهَرَمِ والعَجْزِ. هل فهمتَ الآن؟!

الشخص الأول: نعم فهمتُ، والعشاء عليك.. وغدًا على الأصمعي (يضحكان).
[الأصمعي يهمُّ بالخروج.. ماضيًا في طريقِه، فينادِيهِ أحدُهم]

الشخص الأول: يا أصمعي، أوصِنا قبل أن تذهب.

الأصمعي: أوصيكم بتعلّمِ العربيةِ، فواللهِ ما استوى رجلانِ دينُهما واحدٌ، وَحَسَبُهما واحدٌ، ومروءتُهما واحدة.

الشخص الثاني: (مستغربًا) ولماذا لا يستويان؟!

الأصمعي: أحدهما يَلْحَنُ والآخرُ لا يَلْحَنُ، إنَّ أفضلَهما في الدُّنيَا والآخرةِ الذي لا يَلحنُ.

الشخص الأول: أصلحكَ اللهُ، وكيفَ حكَمْتَ؟! نعرفُ أنَّ الأولَ في الدنيا لفضلِ فصاحَتِه وعربيَّته، ولكن الآخرة؟! (يقاطعه الثاني)
 الشخص الثاني: نعم.. الآخرُ مَا بَالُهُ فُضِّلَ فيها؟!
 الأصمعي: إنه يقرأ كتابَ اللهِ على ما أَنْزَلَهُ اللهُ، وإنَّ الذي يلحنُ يحمِلُهُ لحنُهُ على أن يُدخِلَ في كتابِ اللهِ ما ليسَ فيه، ويُخرِجَ منهُ مَا هُو فيهِ.
 الشخص الأول: (متأمّلًا) صَدَقتَ!.
 الأصمعي: ومَن يلحنُ حين يروي الحديث الشريف كأنَّه يكذبُ على رسولِ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-، وسيدخلُ في قوله: "من كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمّدًا، فليتبوأ مقعدَهُ مِن النار"
 الشخص الأول: وكيف يَكذبُ على رسولِ الله؟!
 الأصمعي: حين يَلحنُ؛.. لأنَّ رسولَ اللهِ -وهو قدوَتُنا العظيمُ- أفصحُ مَن نَطَقَ بالضَّاد، ولم يكنْ يلحنُ في قولِه.
 الجميع: (بصوت واحد): صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليه.
الشخص الأول: فرصة سعيدة يا أصمعي.. واللهِ إني حبَّيتك، وكنتُ أعتقدُ أنَّ اللغةَ العربيةَ صعبةٌ ومعقدةٌ، ولكنِّي من اليومِ أعِدُكَ أن أتعلَّمها، وأقرأُ فيها باستمرار من خلال الكتبِ، والتكنولوجيا الحديثة من برامج وتطبيقات معاصرة.
 الشخص الثاني: (مؤكّدًا) نعم!!.. وسنعملُ دومًا على تَحصِيلِها والاهتمامِ بها.
الأصمعي: باركَ اللهُ فيكمْ يا أَبْنَائِي؛ إنَّ اللغةَ العربيةَ بخيرٍ ما دامَ فيها شَبابٌ أمثالُكم.

(ينشدُ بصوتٍ جهوريٍّ هذين البيتين، وهو يخرجُ حتى يَختَفِي):
كفى بالمرءِ عيبًا أن تراهُ  .. له وَجهٌ وليس له لِسَانُ
وما حُسْنُ الرِّجالِ لهم بزَينٍ .. إذا لم يُسْعدِ الحُسْنَ البيانُ
[إظلام..وتركيز على زاوية المسرح التي بُدِئَتْ بها المسرحية..صورة شخصٍ يوقظ صاحبه بأنَّ موعدَ الاختبار قد اقترب..]
(**ستار**)
 
ملاحظة:
[قُدِّمت المسرحية يوم الأحد: (17 من رجب 1437هـ الموافق 24/ 4/ 2016م) بمناسبة مرور (40 عاما) على إنشاء قسم اللغة العربية وآدابها في كلية العلوم الإنسانية، جامعة الملك خالد، وقد حَضَرَ المسرحيةَ مديرُ الجامعةِ أ.د/ عبد الرحمن الداود وعددٌ كبير من الإداريين، وأعضاء هيئة التدريس، والطلاب..].
يمكن مشاهدة مقاطع منها على الرابط الآتي:



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن الحيمة الخارجية؟!

أعمال ومؤلفات الدكتور إبراهيم أبو طالب ودواوينه الشعرية [مرتبة زمنيا بحسب صدورها ( 1999- 2023م)]

24- الأستاذ الدكتور إبراهيم الصلوي (أستاذ اللغة اليمنية القديمة)