حوار شامل مع إبراهيم أبو طالب

(في دائرة الضوء)
حوار موقع ابن اليمن مع الشاعر الدكتور إبراهيم أبو طالب
في يناير 2006م.
تقديم: بقلم د. أروى الطَّوْقي
   هكذا هم الشعراء، حلقة تصل بين هذا العالم والآتي، منهل عذب تستقي منه النفوس العطشى، شجرة مغروسة على ضفة نهر الجمال. غيمة بيضاء تظهر فوق خط الشفق ثم تتعاظم وتتصاعد حتى تملأ وجه السماء وتنسكب لتروي أزهار حقل الحياة. ملكتم القلوب وليس لملككم نهاية وانقضاء" جبران خليل جبران، تتسع دائرة الضياء في المنتدى الأدبي، بداية بالشاعر والباحث عبد المجيد الغيلي، ومروراً بعبقرية الدكتور مروان الغفوري , لتحط الرحال مع شاعر من نوعٍ خاص، تميز بشعره وكتاباته المتألقة , وبريادة شعر الطفولة في اليمن.

إبراهيم محمد عبد الرحمن أبو طالب الباحث, الشاعر، الأديب, والطفل الكبير.  الدكتور إبراهيم أبو طالب لم يصعد سلم الأدب درجة درجة، فالطائر لا ينتظر سلماً ليصعد درجاته، بل يحلق بجناحين، وقد تميز الدكتور إبراهيم تميزاً لافتأً للنظر رغم حداثة سنه, إلا أنه استطاع أن يضع كتفه موازيا لكبار النقاد والأدباء, فالمتتبع لأدبه لا يجد جثة حبر على أوراقه، بل زخم من المعاني  والدراما لا حدود لها.
إبراهيم أبو طالب ليس شاعراً عادياً يتقن صناعة الكلام وصياغة المعاني المعروفة, بل يرسم لوحات درامية , مميزة عميقة ومثيرة للاهتمام , ففي كل يوم يأتي بجديد مميز، وبإبداع دائم وخلق مستمر.
تألق أكثر مع شعر الطفولة، فقد عرفه العالم العربي من خلال أغاني الأطفال عبر شاشات الفضائيات.
الشاعر إبراهيم أبو طالب أدرك أن الأطفال ملائكة الحب الطاهر يترنمون بالابتسامة ويأخذ البشر منهم حكمة الحب والصدق يستنبتون العواطف من القلوب... ويتعهدونها لتنبت شغفا وولها بهم... إنهم أجمل ما وهبهم الله للبشرية. من نظراتهم تنبثق السعادة.. ومن أصواتهم تُستلهم القصيدة وقليل من يشعر بهذا الزخم من الحب فيلتفت ويقترب من هذه المملكة وهاهو ذا شاعرنا رائد شعر الطفولة في اليمن ينظر من جدران الحاضر إلى قصور المستقبل فإذا بالطفولة هناك فينظم لهم شعراً بلون قوس قزح يلقي عليهم رداء الحب ويسبح معهم تسابيح الملائكة يحملهم بقلوبهم الصغيرة ليطوف بهم عـلى (حكايات وأغاني) و(أغاريد وأناشيد) يمرون على قصص الأنبياء , والمدن يطوف بهم العالم يصنع منهم رجالاً للمستقبل.
عاشق للكلمات والحروف ما إن يشير إليها حتى تستسلم طواعية تنساب من بين أصابعه فيشكل منها جمالا وكأنها قطع ماسية أتقن نحتها.
تشد القارئ كتاباته المميزة وأداؤه الفريد الذي ينبئ عن شخصية عملاقة فكرا وأدبا.
"إذا جَنَّ ليلُ المهالك
أو عَسْعستْ في الدماءِ الجراح
وخيَّم في كلِّ ضلعٍ حجر
وغار مع الإثم ضوءُ الصَّباح
وغاصت خطى القوم في عرصات الذهول
وما عاد في الأرض أيُّ اتجاه
فقد حان وقت اليمن".
بعد كتابتي لتقديمه هنا في المنتدى الأدبي، عدت لأتصفح ما كُتب عنه، وجدت كلماتي تتراجع وتنسل معلنة الهزيمة أمام ما كتبه أدباء ونقاد كبار من بلدان عربية شتَّى، ووجدت أني لم أوفه جزءاً بسيطاً مما يجب القول عنه.فقد كتب عنه كلٌّ من:
أ.د / عبد العزيز المقالح (اليمن)، أ.د/ راتب سكر (سورية)، أ.د / عبد المنعم تليمة (مصر)، الأديب والشاعر: أحمد فضل شبلول (مصر)، الناقد: فكري عبد المطلب (مصر)، الشاعر: إسماعيل الوريث، الأديب الإعلامي: علي أحمد السياني، الأستاذ القاص: عبد الوهاب الضوراني، الشاعر: ناصر أحمد أبو حميد،الشاعر: جميل مفرح، الكاتب: كمال البرتاني، الناقد والأديب: عبد الله علوان، الصحفي: زيد البرمكي.
أنقل لكم ما قاله الدكتور عبد العزيز المقالح في تقديمه لديوانه (ملهمتي والحروف الأولى):
(وبين السطور تترقرق ملامح رومانسية عذبة تصبح معها القصائد كلها إرهاصاً بميلاد شاعر جديد اسمه إبراهيم أبو طالب.
الشاعر إبراهيم واحد من المبدعين الشبان هؤلاء الذين يحملون أرواحاً صافية صفاء النجوم، وصفاء الأرواح بالنسبة للشعر بالغ الأهمية من وجهة نظري على الأقل فالأرواح المظلمة تضيق بالشعر وبالفن وبالجمال، ولا أعرف أن روحاً مظلمة قد نجحت في كتابة بيت واحد من الشعر، و"ملهمتي والحروف الأولى" هو عنوان ديوانه الأول، ونقطة البدء لهذا الشاعر الذي يقدِّم نفسه للقارئ على هذا النحو من الصدق و التواضع:
"سأعبرُ شاطئ الأحزان
والأرق المسافر في جفون الدمع يبكي
أثقلته مفازتي بالنَّوْح
يبحثُ في سديم العمر
عن حرف البداية".

   وقدمه الدكتور عبد الولي الشميري في تقديم ديوانه (أغاريد وأناشيد) بقوله: "ومن ذا الذي يستطيع القيام بخدمة ذائقة الأطفال، وأفكار الأطفال، وثقافة الأطفال دون أن يلغي من سني عمره عقوداً كي يعيش مع الطفل في همومه، وأفراحه، وشجونه بل يضحك كالطفل مع الطفل دون علمه بالسبب، ويبكي كالطفل مع الطفل دون موجب للبكاء إن ذلك هو إبراهيم أبو طالب، الشاب الموهوب الذي شب عن الطفولة إلاَّ عاطفته، وحنان قلبه، فما زالا في براءة البرعم الذي استطابا اللّبث في أكمامه".
نصوص من أدائه الشعري:
"ظمئت لحب كبير
لعشقٍ مثير
أريدُ الخروج من الدائرة
أريدُ التحرر من وحدتي
وأرفل في عالمٍ مشرقٍ
بحبٍ كبير
بعشق مثير
بآمال حبٍ وشوق وذكرى
أريد التوحد في ذاتها"
ويقول في قصيدة أخرى:
كيف أمسيت غارقاً في ظلامي؟... حيرةٌ شرَّدت عليّ زمامي
لستُ أدري أفي السعادة أمضي... أم هو الحزن أم شئون الغرامِ؟
لستُ أدري أفي الطريق مسيري... أم وقوفي والدرب جارٍ أمامي؟
غصتُ في عالم غريبٍ أراهُ... يحتوي الغيم والهوى في اضطرامِ
ضمني بحره فأسلمتُ أمري...  تائه السير غاب عني مرامي

   ما زال لنا متابعة خلال اللقاء نتناول: ما صدر له من أعمال ودواوين، والأعمال الثقافية والعلمية التي شارك فيها، والمشاركات الثقافية، والجوائز التي حصل عليها
.
تعقيب بقلم د. عبد الغني الأهجري:
الأخ الكريم الأديب والشاعر الدكتور/ إبراهيم أبو طالب واحد من الأدباء الشباب الذين تفخر كلية التربية بجامعة صنعاء بتخرجهم فيها.
هو واحد من قائمة طويلة أصبح لكثير من أفرادها مكانتهم في مجتمع الشعر في اليمن، وبعضهم حازوا على جوائز عالية في الشعر وغيره.
منهم ثلاثة فازوا بجائزة رئيس الجمهورية في مجال الشعر:
(1) الشاعر الدكتور / محمد صالح جُميح؛ فاز بها في سنتها الأولى.
(2) الشاعر الدكتور / محمد عبدالله المحجري؛ فاز بها - مناصفةً - في السنة الثانية.
(3) الشاعرة الدكتورة / سعاد عبدالملك الحُدابي؛ فازت بها - مناصفةً - في السنة الثالثة. وغيرهم كثير.
اشتغلت الهيئة العامة للكتاب بإصدار دواوينهم، فزادت عن العشرة دواوين.
كلهم حازوا درجة الدكتوراه أو كادوا، وغيرهم ممن لم يعرف بنظم الشعر أكثر من عشرة أصبحوا في منصات العمل الأكاديمي تدريساً وإدارةً في كليات الآداب واللغات والتربية.
قلت ذلك لأدلل على أن الدكتور إبراهيم أبو طالب قد نبغ في الشعر لما حباه الله من موهبة فيه، ولأنه عاش أنشط سني عمره بين ثلة من المبرزين، أظن أنهم بلا شك كانوا دافعاً له إلى التقدم والبروز.
سيرته الذاتية غنية بما يجعل المرء يفتخر به، هاكم أشهر معالمها:
- إبراهيم محمد عبد الرحمن أبو طالب.
- مواليد اليمن، صنعاء، 15/1/1970م. متـزوج، وله ثلاثة أولاد (حينها ثم جاءته وجدان عام 2009م).
- شاعر وباحث وكاتب أطفال.
- عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين.
- عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية.
- عضو هيئة التدريس بقسم اللغة العربية وآدابها، كلية التربية - أرحب - جامعة صنعاء (مدرس).
الأعمال الثقافية والعلمية التي شارك فيها:
- عمل في التدريس في ثانوية عمار بن ياسر الإعدادية الثانوية من العام الدراسي 93 / 94م حتي العام 96 / 1997م.
- عضو لجنة القراءة وتقييم النصوص بوزارة الثقافة والسياحة.
- رئيس لجنة المسرح ثم الأمين العام المساعد للنادي الأدبي اليمني، عام 97، 1998م.
المشاركات الثقافية، والجوائز:
- المهرجان الدولي التاسع،والعاشر،والثاني عشر للمسرح التجريبي بالقاهرة عام 97، 98،2000م.
- مهرجان المربد الشعري الثالث عشر-بغداد- عام1997م.
- مهرجان بابل الثقافي العاشر والثاني عشر- بغداد - عام 1998م، وعام 2000م.
- عضو مشارك في منتدى المثقف العربي – القاهرة – منذ تأسيسه عام2001م.
- حصل على الجائزة الأولى في مسابقة الشعر السنوية التي ينظمها نادي الطلبة الوافدين التابع لوزارة التعليم العالي بجمهورية مصر العربية للعامين 2002، 2003 م.
- حصل على جائزة السعيد الثقافية " جائزة المرحوم هائل سعيد أنعم " في أدب الأطفال، في دورتها الثامنة 2004م.
- شارك في ساقية الصاوي في قراءة شعرية ضمن مهرجان عكاظ الشعر مع عدد من الشعراء العرب والمصريين عام 2005م.
صدر له:
- ملهمتي والحروف الأولى (شعر) عن الهيئة العامة اليمنية للكتاب، صنعاء، 1999م.
- أنشودة للبكاء (شعر) عن مركز الحضارة العربية، القاهرة، 2000م.
- الموروثات الشعبية القصصية في الرواية اليمنية، (دراسة في التفاعل النصِّي)، صنعاء، منشورات وزارة الثقافة والسياحة، 2004م.
- صنـعاء في عيـون الشـعراء (نصوص شعرية مختارة من العصر الجاهلي حتى العصر الحديث)، صنعاء، منشورات وزارة الثقافة والسياحة، 2004م.
وفي أدب الطفل، صدر له:
- مسابقات ثقافية (حكايات وأغاني) قدمت في حلقات مسلسلة في إذاعة صنعاء، عامي 1997، 1998 م.
- مسرحية شعرية بعنوان " إنا نحن من يهواكِ " شارك بها طلاب ثانوية "عمار بن ياسر" في مهرجان المسرح المدرسي الأول في اليمن، عام 1995م وحصلت على شهادة تقديرية من وزارة التربية والتعليم.
- أناشيد الطفولة (شعر) مجسمات في جزأين عن شركة مكة، القاهرة، 2000م. ثم صدرت ملحنة ومغناة على شريطي كاست الأول بعنوان: أدواتي المدرسية، والثاني بعنوان: عصفورتي المغردة، عن نفس الشركة عام 2004م.
- قصص الأنبياء (حكايات وأناشيد) على شرائط كاسيت في أربعة أجزاء، وعلى اسطوانات
CD، VHS، VCD في جزأين، عن شركة مكة للبرمجيات، القاهرة، 2003م، 2004م.
- أغاريد وأناشيد (مجموعة شعرية للأطفال)، مؤسسة الإبداع، منتدى المثقف العربي (القاهرة)، 2005م، (الحائز على جائزة السعيد في الإبداع الأدبي، الدورة الثامنة،2004م).

كتابات أدبية أخرى:
@ كتب ثلاث مسرحيات قدمت ضمن فاعليات المسرح في اليمن هي:
(1) (صرخة) قدمها طلاب معهد النور للمكفوفين بمناسبة اليوم العالمي للمعوقين عام 1996م.
(2) (الواقع المؤلم) قدمها أعضاء لجنة المسرح بالنادي الأدبي اليمني بمناسبة حفل افتتاح النادي عام 1997م.
(3) (الانتصار العظيم) قدمها فنانو المسرح الوطني اليمني بمناسبة ذكرى أعياد الثورة اليمنية في أكتوبر 1998م، حضرها نائب رئيس الجمهورية ووزير الثقافة والسياحة.
@@ كتب عددا من الدراسات والمقالات الأدبية والقصائد نشرت في صحف ومجلات محلية وعربية منها: مجلة الثقافة، والحكمة (صنعاء)، صحيفة الثورة، وملحق الثورة الثقافي، والثقافية، 26 سبتمبر، الشموع، الوحدوي، الرقيب، المرأة، (صنعاء) وفي أخبار الأدب، ومجلة الطفولة والتنمية، والحياة المصرية، ومجلة المثقف العربي (القاهرة)، واليمن (نشرة تصدر عن المركز الإعلامي اليمني بالقاهرة، وغيرها).
·       قبل البدء
تحية لموقع ابن اليمن، تحية للقائمين عليه، تحية للقائمين على مثل هذه المنابر الحديثة المواكبة لروح العصر ولغته بقراءة العالم واستقرائه والمشاركة فيه بالحوار البناء المثقف، المرتبط بالفكر الخلاَّق والطموح المتوثب للكمال وللجمال وللعدل كقواعد قيمية كبرى يسعى الإنسان في مسيرة حياته إلى أن يأخذ منها بطرف ليصل إلى كينونته السامية وإنسانيته التي بها كرمه الله على من يدب معه فوق هذه البسيطة ومن يحفها في سماواته وغيبه من ملائكته وجنه، وما ذاك إلا لأنه يعقل – يفكر – يعمل – يختار – يؤمن – يحكم... وقع عليه التكليف، وحمل الأمانة، فوجب عليه الحساب.
منبر كهذا يحركه عدد من الكوادر الأكاديمية والعلمية والعقول الشابة اليقظة في غربتها العلمية التعلمية  نرجو له التوفيق وأن لا يقع في متاهات تشتت دوره التنويري الذي بدأ يرسي قواعده السليمة والمتينة، بل نـشد على يدي القائمين عليه في تكثيف قضايا الفكر والثقافة والأدب والعلم تحديداً فبها ننهض، وإن كان ولا بد من السياسة فقليل منها، فلعل وقية منها قد تفسد قنطاراً مما سواها.
أما قبل:
أود في هذه الاستهلالية أن أشكر القلم الرشيق والموهبة الأدبية التي قدمتني بكل هذا العبق اليمني الأصيل، وبكل الأخوة الصادقة، وبهذه القدرة الأدبية الرصينة من جمال الكلمة وجود العبارة، فكما كان العلم عبر حياته رحماً بين أهله، فكذلك الأدب يجمع محبيه حول كلمته السواء وصورته المحلقة، ومعانيه التي هي من روح الدهشة، ونَفَس الإبداع، أحيي ابنة بلقيس وسليلة أروى بنت أحمد الصليحي الأخت الباحثة الدكتورة أروى الطوقي أستاذة الأدب الأندلسي التي جمعت بتخصصها هذا بين المعرفة الأدبية والثقافية والمجد من طرفيه: أصالة المشرق وأس رؤومته اليمن، وتجديد المغرب المتمثل بنقاء النفس وجودة الطبيعة وعذوبة الموشح في الأندلس – فردوسنا المفقود – وأول ما سُلب من كرامة الأمة بعد عزها، تحية صادقة لهذه الأديبة اليمنية التي سيكون لها – بلا شك – شأن في الجامعة، وفي المشهد الثقافي اليمني بمثابرتها الدؤوبة وما تنبي عنه من قلم نقدي متميز.
أما بعد:
فأشرع في الإجابة عن أسئلة الأخوة والأخوات الأعزاء الذين شرفوني بالإطلالة الجميلة من خلال هذا المنتدى: مستعينا باسم الله، وبقوله تعالى: ]رَبّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبِيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِيْنَ[.
-         أروى الطوقي:
 كيف يمكن لك أن تعرِّف بإبراهيم أبو طالب،، فكثير من الناس تسمع عنك ولا تعرف تفاصيل عن شخصيتك ؟؟  وماذا عن طفولتك: أين كانت؟، وهل من شيء مازال منها معك إلى الآن ؟
-    إبراهيم أبو طالب واحد من أبناء الريف اليمني الذين درجوا مع الطبيعة الجبلية وفيها متلمسين الضوء والدفء ونقاء الطبيعة وبساطة الحياة في عادات الناس ومواسمهم الزراعية، وقلوبهم البيضاء البريئة، نشأت ُ في كنف أسرة علمية متدينة يرعاها جدي القاضي العلامة عبد الرحمن أبو طالب أحد رجال القضاء والعلم في الحيمة الخارجية، محافظة صنعاء، كان قبل أن يلتحق بالقضاء محل قصد الناس يطلبون لديه الفتوى والحكم والعلم ومجلسه يحتوي الناس جميعا بكل ودٍ وبساطة، هو أحد خريجي المدرسة العلمية، تفتحت عيني على هذا الأستاذ الأول وكان – حفظه الله وأمدّ في عمره([1]) – أباً حنوناً لم أناديه طوال عمري سوى بهذا الوصف رغم وجود والدي أيضا حفظه الله ولكني أقتربت من جدي في منابت وعيي الأولى فتلقيت في هذه البيئة عنه صفاتٍ وعلوما ولاحظت حب الناس له لما يتصف به من عطاء فكان داره مفتوحا ومن قبلها قلبه لكل الناس المحتاجين – وما أكثرهم في ريفنا – فكنت أتلمس النفع فيه فيعظم في عيني الصغيرتين بعد كل قضية حيث كان من وجهاء البلد، ثم تولى القضاء في أكثر من موضع من حبيش في محافظة إب، إلى رداع، ثم استئناف البيضاء، ثم استئناف صنعاء، وكنت أتنقل معه فأكسبني ذلك قربا منه ومعرفة بالناس والمكان في اليمن الممتد، هذه هي مدرستي الأولى – جدي - الذي لا أنسى الفضل له ما حييت ثم والديَّ الكريمين بما أحاطاني به من رعاية وحنان.
في طفولتي – وهذا جواب عن سؤال الدكتورة أروى – عشت حياة هادئة لم أعاني فيها سوى من وحدة لم يكن فيها أطفال كثيرون يحيطون بي – ولعل ذلك شيء مما بقي معي إلى الآن في حب الأطفال ربما لأني حرمت منهم طفلا حيث كنت أعيش في قرية صغيرة لا تتجاوز بيوتها الثلاثة بيوت وليس فيها أطفال في سني كلهم أكبر مني فكنت أحاول أن أعقد صداقات مع أطفال في قرى مجاورة.
ثم كنت أتأمل كثيرا الوادي الذي يطل عليه منزلنا وإن كان لا يعرف الخضرة إلا في مواسم المطر، ولذا كنت ألاحظ الفرح الكبير حين تسقط الأمطار، بل كثيرا ما كنا نخرج مع قرى كثيرة مجاورة رجالا وأطفالا نبتهل لله بالدعاء ويحثنا الكبار على الإنشاد بأصواتنا الصغيرة الحادة:
" يا من الجود جودك يا محنحن رعودك
جد علينا بجودك واسقنا الغيث يالله "
" يا حَنّان يا منّان
مُنَّ علينا بالأمطار"
وكم كانت تؤثر فيَّ دموعُ النساء وهن يراقبن من بعيد ذلك المشهد، ويسبق الجمع ثورٌ يستسقى به ثم ينحر بعد الصلاة والدعاء والاستغفار والاستسقاء، هذه أول صورة التقطتها عدستي الصغيرة فارتبط المطر لدي بمعنى الحاجة والحياة والشيء المقدس، وهو كذلك في حياة كل يمني، حين كانت الزراعة مطلبَ كل أسرة وبها الاعتماد، أقول هذا لأنني عشت طفولتي الأولى في السبعينيات، ربما كانت الحياة لم تنفتح على البحر والاستيراد انفتاحها فيما بعد، ثم ارتبط المطر كغيث سماوي في ذاكرتي بالفرحة ورؤية السيول تنحدر من الجبل كجيش يدحر الفقر والجفاف وينبت العشب والحياة، ثم كنا نخرج لنلعب ورذاذ الأمطار يتساقط على ثيابنا وأجسامنا الصغيرة فيبللها ولا تزال رائحة المطر عالقة في وجداني حتى الآن.
ثم باختصار واختزال لمراحل الحياة – حتى لا يطول بنا المقام ويعتري الأحباب القراء الملل –أكملت دراستي الأساسية حتى الثانوية العامة القسم العلمي في مدرسة خميس مذيور بالحيمة الخارجية؛ لأرشح لمنحة إلى روسيا لدراسة الزراعة، ولكني فضلت البقاء لدراسة اللغة العربية في كلية التربية بصنعاء لأني وجدت نفسي وربما بتأثر في الأعماق زَرَعَه فيّ ذلك الجد الشاعر والبلاغي والعالم الذي ترك بصماته في حفيده فاخترت هذا المجال وأحببته فتصدرتُ على أقراني مدة أربع سنوات جامعية لأحصل على المرتبة الأولى في دفعتي عام 1993م. 
2- من هو الأديب من وجهة نظرك ؟
-         الأديب هو من يصوغ آهات الإنسان وأفكاره وأحاسيسه ليخلق منها صورة وحضورا مدهشاً نحس كأننا نعيشها ونجد أنفسنا فيها، ونقترب مما يصنع شعرا أو قصة أو نثرا أو فناً – بأفقه الواسع - حتى نكاد نتلمسه بأيدينا، ولكن ما يصنعه ليس سوى ما يحس به الذي يريد أن يمسك بالقمر على صفحة الماء، سهلٌ لكنه ممتنع.
والأديب الحق من يخطف منا لحظة الإعجاب لأنه بصدقه يعيش فينا، فهو كالحب الذي يقول أحد شعرائه (نزار قباني): الحب في الأرض شيءٌ من تخيلنا... لو لم نجده عليها لاخترعناه
وكذلك الأدب هو أسمى مخترعات الإنسان وأعذبها.
3       - الاكتمال النسبي للأدب تحدده اللغة والجمهور، ما شعورك وأنت تشهد نوعاً من الاكتمال رغم حداثة عمرك؟
-   ليس للاكتمال عمر محدد – ولو أخذت بحسن ظنكِ في اكتمالي الذي لم يتحقق بعد ولم أصل إليه ولا أدعيه - فما زالت الشقة بعيدة والمراحل طويلة، ولكن ثمة ما يُطرحُ هنا – أثاره سؤالكِ الذكي -  كقضية عامة بأن الأديب يقول كلمته ثم يمضي، وهو لبنة في بناء كبير من صرح الإنسانية لكن بعضهم يقولها متأخراً كما فعل النابغة الذبياني بعد الستين من عمره، وبعضهم يقولها مبكرا دون الثلاثين كما فعل أبو القاسم الشابِّي  شاعر الرومانسية المحلق، وكما فعلها عدد من الأدباء الذين أُختزلت أعمارهم سريعا – طرفة بن العبد، سيبويه، الشابي، محمد عبد الولي (القاص اليمني) وعالمياً، موباسان الفرنسي، وتشيكوف الروسي، وغيرهم كثير - لأن أجسادهم ربما لم تستحمل عبقرياتهم فتركتهم في منتصف الرحلة – هذا بالطبع مع الإيمان بالقدر وبأن الأعمار بيد الله - 

النورس: -(أحد مشتركي المنتدى وهذا رمزه)-
4 - هل الشعر موهبة فحسب تولد مع الإنسان (ربما يكتشفها وربما لا) , أم يمكن اكتسابها بالدراسة والقراءة, وإذاً, هل لها شروط ؟!
-   لا شك أن لكل إنسان موهبة تولد معه وتعيش ولكن بعض الناس يعرفها أو يكتشفها في نفسه بنفسه أو بغيره، فإن صقلت وطورت بالرعاية والتغذية الخاصة بها أثمرت وآتت أكلها إبداعاً أو عبقرية أو علماً فالله عز وجل خلق الإنسان وفيه كل قوى الاكتمال أو بمعنى آخر مؤهلات النجاح السوي "وما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة "هذه الواحدية كصفات جسمية وذهنية، في تصوري أن العدل الإلهي يقتضيها فيضعها في المولود – ما عدا حالات نادرة من التخلف العقلي أو التشوه الجسمي – لعل للإنسان تدخل مباشر  فكان سبباً في الإفساد من عقاقير وغيرها وبهذا يقول الطب والعلم، ثم تأتي حالات يصفها الله بقوله " يزيد في الخلق ما يشاء " فهي هبة يخص بها الله عباده وراثةً ومن ثم اكتساباً، تأتي من خلال البيئة التي ينشأ فيها الشخص ومن هنا تفرض البيئة صفاتها وتترك بصماتها على الناشئ فيها، وهكذا تتفرع اهتمامات البشر وما تقتضيه حياتهم من احتياجات، فيطور هذا قدرته في الابتكار وهذا في العلم وذلك في القول، ولعل مقولة قديمة / جديدة قالها الجاحظ بذكائه المعتاد، حيث يقول: " جعل الله الحكمة – ويقصدها بمعناها العام والواسع من علم ومعرفة – في الأمم على قدر حاجاتهم، فجعلها في الروم في عقولهم، (فكانوا فلاسفة ومفكرين)، وجعلها في المغول في أيديهم، (بالصناعات وهم كذلك حتى اليوم الصين واليابان وما جاورهم)، وجعلها في العرب في ألسنتهم (فهم أهل بلاغة وشعر وكلام).
لا أدري هل توافقني أيها النورس وتوافق الجاحظ في قوله ؟!.  

-      عبد الغني الأهجري:
5 - متى بدأتم محاولاتكم الأولى لنظم الشعر ؟! وهل استمرت مرحلة الكتابة التجريبية طويلاً ؟
-   بداياتي كانت بسيطة ولا أتذكر منها سوى بعض قصاصات كنت أحتفظ بها لم يبق منها ما يثير أو ربما يستحق سوى حرصي على الاحتفاظ  بها من أجل الخط الذي ينمو مع الإنسان وتتعرج تجاعيده بمسير أيام عمره، فيسره أن يراه كما يسره أن يرى صورته في أيامٍ مضى عليها الزمن ليرى كيف غيرته السنون، بدايات فيها نَفَسُ البوحِ بعد الثانوية في براءة التجربة وطزاجتها بل قل وسذاجتها.
وربما استمرت تلك التجربة طويلا حتى أثناء الدراسة الجامعية حيث كنت أمزّقُ من الأوراق أكثر مما أستبقي، ولعل في ذلك محاولات لتمرين الشاعرية التي كنت حريصا على ألا أنهي الجامعة إلا وقد أمسكت بتلابيبها، أو على الأقل بأثر منها.

6      -  مَن مِن الشعراء تأثرتم به ووجدتم بصماته في شعركم ؟؟
-   قرأت كثيرا في مرحلة التكوين وبخاصة أيام التدريس الإلزامي ثم في الأجازات النصف سنوية والصيفية في مرحلة الجامعة، وحفظت كثيرا من المقطوعات الشعرية من كل العصور الأدبية ومن كل الأغراض عملا بنصيحة جدي الذي كنا نتنافس معاً على الحفظ – وغالباً ما كان يغلبني – فحفظت من الشعر العربي درر القصائد قديما، ومهجرياً (من شعر المهجر)، وحديثا، ومن الشعر اليمني – وهو غني ورائع - فصيحه وحمينيه الكثير، وما زلت أتذكر مقولة جدي حين أردت أن أنظم شيئا من الشعر بعد الثانوية وعرضته عليه، فقال لي: يا بنيَّ الشعر كالتجارة يحتاج إلى رأس مال، ورأس مال الشاعر الشعر، احفظْ كثيراً تدخل الميدان بقوة وإلا ستكون تجارتك ضعيفة وكاسدة. وقديما قال " خلف الأحمر" وهو الراوية العربي الكبير – كان موسوعة في الحفظ -  حين جاءه أبو نواس " الحسن بن هانئ " فقال له أريد أن أكون شاعرا، قال له: اذهب فاحفظ ألف مقطوعة من رجز العرب، وقصيدهم، ومقطوعاتهم ثم أتني، فذهب، فحفظ ما طلبه شيخه (الراوية)، ثم عاد فقال له:  حفظت، وإن شئتَ أسمعتك، فقال: أمّا الآن فاذهب فانسها جميعاً، حتى لا تكاد تذكر منها شيئا، فذهب، وبعد فترة عاد إليه فقال له: نسيتُها، قال أما الآن فاذهب، ثم أنظر في أي أمر تريد أن تقول شعراً فقل، فقد أصبحتَ شاعرا"، ولعل في هذه القصة والنصيحة ما يغني عن التفصيل، فالرجل – أبو نواس – قد حفظ، واكتسب اللغة، والوزن، والصور وغيرها من الذخائر، ثم نسيها بعد أن تمكن منها، واستقرت في وعيه، ليكتب لا من حِفْظِه بل من إنشائه وقوله هو.

7 -  كيف ترون المشهد الأدبي عموماً في اليمن، والمشهد الشعري خصوصاً؟؟ هل وجدتم في شريحة الشعراء الشباب من أقرانكم، ومن الجيل التالي لكم من ترون فيه بواكير النبوغ ؟؟؟ مثل من إن وجد؟.
-  المشهد الأدبي في اليمن حاضرًا من أخصب فتراته الأدبية، فجيل التسعينيات تحديدا جيل منافس عربياً، جيل متمكن من أدواته الإبداعية، قارئ جيد ومتابع جيد، جيل  تجاوز كثيراً – ربما بفضل التعليم وما نشأ فيه من ظروف كانت أكثر استقراراً وانفتاحا من سابقيه – تجاوز الكثير من أوجه القصور في الكتابة الأدبية، وفي المتابعة للمشهد السردي (قصة ورواية) ما يثبت هذا التميز والتجاوز فقد حصلوا على جوائز عربية مثل جائزة الشارقة (الإمارات)، وجائزة سعاد الصباح (الكويت) ونجيب محفوظ (مصر) حصدها قاصون وقاصات يمنيات شباب، هذا فضلا عن جوائز محلية (جائزة الرئيس – والسعيد – والعفيف) وغيرها.
وبالنسبة للشعر لا يقل تألقاً عن غيره من الفنون الأدبية الأخرى إن لم يفقها قليلاً،  فمن خلال متابعتي الأخيرة ومشاركتي في الملتقى الثاني للشعراء العرب في عاصمة الشعر الجديد صنعاء في الفترة 22 – 26 أبريل 2005م لاحظت زخم الشعر وحضوره المتميز بأصوات قديمة- نوعا ما – وجديدة  ذكوراً وإناثاً، واليمني قبل أن يكون قاصاً أو مسرحياً فهو شاعر، فالشعر يجري في وجدانه كدمه ربما لأن اليمني أكثر حساسية للكلمة ومنها وبها، وربما لأنه حتى  النساء في أرياف اليمن، وهن أميات يقلن الشعر سليقة، فيرضع اليمني الشعر مع حليب أمه، ولكن رغم ذلك هناك قصور في أداء بعض الشعراء الشباب، وربما مرده إلى التهاون والتقصير في الاستزادة من منابع الفكر، فقبل أن تكون شاعرا لا بد أن تكون مثقفا بل ومثقفاً جدا، وقارئا نهما. 

8-  ما قصة بث قناة النجاح (
smart-way) لعدد من الأناشيد المميزة من كلماتكم ؟؟
-  هي عدد من الأناشيد التي صورت بالفيديو كليب من عمل كامل يتكون من 16 أنشودة وقصة للأنبياء  عليهم السلام من إنتاج شركة مكة للبرمجيات وألحان المبدع المصري الأستاذ أحمد رمضان أنتجتها الشركة عام 2001 م، ثم أصدرتها بعدة صور بداية بأشرطة الكاست، ثم في أسطوانات مدمجة cd مع القصص مضاف إليها أسئلة، واختبارات تربوية للأطفال، وكذا ألعاب تزيد من مهارات الحفظ والاستنتاج لدى الطفل، ثم صُوّرتْ أربع أناشيد منها بالفيديو كليب كما تابعتم بثتها - بالاتفاق مع الشركة بالطبع- على بعض القنوات الفضائية. 

- فارس البيل:
9 – ما رؤيتك للنظريات الأدبية الغربية وتوافقها مع تراثنا؟ أم أننا أغنياء عن التعفف؟!
- النظريات الأدبية سواء كانت غربية أم شرقية هي نتاج بشري يتخطى الحدود والفواصل والتأثر والتأثير في الفكر والأدب لم يبق من القضايا المزعجة على الإطلاق لأنها واردة ومن يقول أن أمة قد ازدهر أدبها وهي منغلقة على نفسها فقد جانبه الصواب، فحين وصلت العربية أوج مجدها لم تكن بمعزل في إكمال النجاح والتطور بما أخذته عن التراث اليوناني والتراث الفارسي والمغربي أيضا في بلاد الأندلس، وبذلك حققت ذلك المجد، وأي فكرة أدبية أو إنسانية وبخاصة في الأدب يلتقي عليها الناس لما لها من صفات مشتركة بين بقية الشعوب، فلا أحد ينكر اشتراك المشاعر والفكر ومبادئ الحق والخير والجمال وهي ركائز رئيسية في رسالة الأدب.
ولسنا أبدا في غنى عن الاستفادة من كل التراث البشري لان ذلك يطور من خصوصيتنا حين ننطلق من العام لتطوير الخاص وفهمه.

10 -  كيف يمكن للأديب أن يكون مؤثراً؟ ومتى يكون صاحب رسالة؟
-   يكون الأديب مؤثرا حين يكون صادقاً ومؤمنا بما يقول ويكتب، ويكون صاحب رسالة حين ينطلق من قضايا الناس وحاجاتهم ولا يبتعد عن واقعه ويهرب إلى عالم الرومانسية المضللة أو الهروب إلى الذات والانكفاء عليها، ولكن على الأديب ألا  يفرط في واقعيته حتى تكون نقلا مرآويا للحياة، بل عليه أن يشبعها بعالمه المفكر والخيالي حتى يعيد صياغة ذلك الواقع ويبنيه كما يجب أن يكون لا كما هو موجود. فالأدب - كما تعرف عزيزي وأنت من أهله – له وظيفته الإنسانية السامية.

11 -  عن اهتمامك بالأطفال في أدبك؟ وما الذي يمكن أن تجنيه منهم ويجنوا هم منك؟
-   لعلي قد استفدت من الأطفال أكثر مما قدمته لهم، وهذه حقيقة أعترف بها، فكلما حاولت كتابة قصيدة أو أنشودة وقفت أمام نفسي محاولا أن أطهرها بأكبر قدر ممكن وأهيئها حتى أستطيع الولوج في هذا العالم الطاهر البريء حتى لا أبدو موحشاً أو صوتا نشازا كبوم يتلصص على عش العصافير، فيحاول أن يقتحم عالمهم، أو يوهمهم بأن غناه أحلى من عزفهم المنطلق في رحابة البراءة وتلقائية الجمال.

أبو قيس:
12 - كيف يرى ضيفنا الغالي واقع الشباب في هذا العصر ؟
- الشباب هم نبض الأمة ومحركها للغد، بهم يعول على النجاح والفشل في طريق الشعوب، شبابنا في هذا العصر يفتقدون إلى الموجّه العام  ليستثمر قدراتهم نحو الطريق السليم، فهم يحتاجون إلى قضية ينفقون جهدهم ووقتهم فيها، وقضايانا الكبرى ملء السمع والبصر، ولكن ثمة فئات على الحق ظاهرين، وبهم سيكون الفلاح إن شاء الله، من الشباب الملتزم بالدين وقضايا الأمة، وهم الشباب العاملون الطامحون الذين خصهم الشاعر بالجزء الثاني من بيت شعري معروف:
شبابٌ خنعٌ لا خير فيهم... وبورك في الشباب الطامحينا
فبورك فيهم، وفي مسعاهم.   
 
13 - هل مرّ في حياتك تجربه فاشلة من أي نوع استفدت منها في تصحيح مسار حياتك؟
-   الفشل والنجاح توأم الإنسان في حياته، وفي كل مراحل تجاربه، ولكن القليل منا من يحول الفشل إلى نجاح لا أظنني واحدا من هؤلاء.

14 - ما هو الألم والأمل وفقا للتعريف الخاص في قاموسك ؟
-       الألم أن تقف عاجزاً عن مساعدة بائس، أو أن تقيد عن قول يجيش في صدرك لأنه في غير محله. والأمل: في ابتسامة طفل يلعب بأمان في شوارع القدس، وحارات مدينة بغداد، بعد أن يحررها أبوه وأصدقاؤه ممن يفسدون عليه متعته وانطلاقه.

15 - ما مدى صلابة وقوة مشاعرك ؟ ومتى تنهار مشاعرك وتفقد السيطرة عليها؟
-       أنا ضعيف جدا أمام اثنتين: دموع المرأة حتى وإن كانت كاذبة، وتألم الطفل حتى من مجرد وقوعه وتعثره بلعبته.

16 - كشاعر ماذا تعني لك هذه الكلمات:
الصمت، الدمعة، الفراق، الحزن، البحر، الصديق.
-      الصمت – (أفق للتأمل)
الدمعة – (نهر من ألم)
الفراق – (هو توأمي لو أن بيناً يولد)
الحزن – (هو ما يخلق فينا الفرح)
البحر – (صوت يحملنا إلى أعماق النفس)
الصديق – (امتداد نختاره بأنفسنا دون أن يفرضه أحد علينا).

- رشاد الشرعبي:
17 - هل لإبراهيم أبو طالب وجه غائب لا يعرفه الآخرون أو ظَلَمه الشاعر والأديب إبراهيم إن لم يكن قد قتله، لعلها من المناسبة أن أذكر هنا بأن المفكر الإسلامي سيد قطب لمع نجمه في الخمسينات والستينات على حساب الأديب سيد قطب ولم يعد يذكر الأديب سيد قطب إلا عند قليل من الخواص.

-       ربما أخي الكريم لو لم أختر طريق الأدب لكنت في أحد مختبرات العلم أجرب وأبحث عن شيء يسعد الناس، كنت أحب العلوم كثيرا ولكنها ضمرت لأني هجرتها.(هذا جواب عن الشق الأول من سؤالك).
18 - كيف ينظر إبراهيم للقضايا الآتية:- (أعرف أنها خارج النطاق الأدبي) -
1-الديموقراطية والتنمية في الوطن العربي أيهما تسبق الأخرى برأيك؟؟
2-المقاومة المسلحة في العراق وأفاق المستقبل.
3-المعارضة والسلطة في اليمن الإخفاقات والإنجازات.
4- الإسلاميين و العمل السياسي، الفكر والممارسة.
5- البحث العلمي في اليمن واقعه ومستقبله.

- بالنسبة لما طرحته في أسئلتك من مصطلحات (وكلها تخض على لهجة الأخوة المصريين) حول الديمقراطية والتنمية، السلطة والمعارضة، الإسلاميين والعمل السياسي، المقاومة المسلحة، البحث العلمي... الخ).
لعلي قد لا أرضي مطلبك بالإيجاز في ردي ولكن ما أفهمه عن الديمقراطية والتنمية أن الأولى ممهدة للثانية ولا يتحقق وجودها (أي التنمية) في ظل غياب كامل للديمقراطية، فلا بد أن تسبق الديمقراطية لكي نختار طرق التنمية بحسب حاجتنا الواعية إليها لا بما تفرضه علينا من خارجنا، ولا بد من تربية ديمقراطية وممارسة.
-   المقاومة المسلحة في العراق ربما أنها الحل أو الخيار الوحيد الذي تركته الآلة الأمريكية للشعب العراقي لتحقيق حريته على الطريقة العراقية لا على التوصيف والاختيار الأمريكي

-      المعارضة والسلطة في اليمن.
تجربة المعارضة في شعوبنا العربية – وليس اليمن وحدها - وليدة تحتاج إلى كثير من التقويم والتهذيب حتى تنهض بنفسها وفق أسس سليمة تستقيم بها وبحيث تؤدي دورها في تقويم الوجه الآخر من الحكم فما يكون معارضة اليوم قد يكون حاكما غدا والآخر معارضة وهكذا، ولكن الواقع أن المعارضة في أحسن صورها ليست سوى تابع للسلطة أو وجه مخترع لها لتكمل الشكل أو البرستيج الديمقراطي للحاكم، ولكن ثمة ما يؤكد بأننا قد خطونا خطوات محسوبة ومهمة في هذا الميدان، والزمن كفيل بتوسيع التجربة وتقويمها ولكن المعول على استمراريتها في مناخ يحقق لها النجاح لكي تنضج على مهل، ولا شك أن تقبل الرأي المقابل (الآخر) كان من المستحيل السماع إليه إلى فترة قريبة لكن بعد الوحدة المباركة والتعددية السياسية كفرز رائع ونتاج مثمر لها قد حقق منجزاً مرموقاً في التربية الديمقراطية للناس جميعا حكاماً ومحكومين، ومن هنا تكون البداية الصحيحة. 
-      البحث العلمي واقعه ومستقبله
البحث في اليمن يخطو في طريقه السليم (لكن ببطء) فهو بحاجة إلى الرعاية الكبرى وأن لا يظل في آخر قائمة الاهتمامات، حتى يحقق معطياته الكاملة، فما ينفق على البحث العلمي ربما لا يساوي ما يصرف على أصغر مرفق في وزارة، وهذا لن يحقق بالتأكيد نهضة علمية.
-      لبيب مدهش الشرعبي: 

19 - برأيك هل على الشاعر أن يبسط كلماته حتى يفهم من القراء أم أن على القراء أن يفهموا ما يكتب الشاعر مهما كان المستوى؟
و ما الدور الذي أداه الشعراء سابقا، ويؤدونه حاليا في تبني وإيصال هموم الشعب إلي النخب والمسؤولين؟
-   لا بد للشاعر من قول رسالته وكم من قصيدة غيرت مجرى سياسة حاكم، وكم من قصيدة زلزلت عرش ظالم، وما فعله الزبيري بشعره ساوى -إن لم يكن قد فاق- ما فعلته الدبابة والصاروخ في قيام الثورة.
ولابد للشاعر- أيضاً - أن يرتفع بمستوى المتلقي إليه، وقديما سأل أحدُهم  أبا تمام الشاعر المجدد في العصر العباسي: " لماذا لا تقول ما يُفهم ؟، فرد: وأنت لماذا لا تفهم ما يقال؟" فعلى المتلقي أن يسعى لرفع مستوى فهمه حتى يرتقي بما يفهم، ولعل من النظريات النقدية الحديثة اليوم ما يعلي من شأن المتلقي (وعملية التلقي ذاتها)، والقارئ النموذجي، على اعتبار أن القراءة كما يرى " رولان بارت " هي إعادة لإنتاج الدلالة، بمعنى أن كل نص يتجدد بتجدد قرائه، وفهمهم وذلك هو النص الأدبي المتميز.
-      أم جمان:
ما إن يُذكر الشاعر إبراهيم أبو طالب،حتى نتذكر شعر الطفولة 

20 - فهل شعر الطفولة هو أحب أنواع الشعر عندكم؟ أم أن هناك نوع آخر من أنواع الشعر تميل إلى كتابته أكثر؟
-       السيدة الكريمة: أم جمان،
أن يقترن اسمي - بحسب تفضلك -  بعالم الطفولة شيء مما يجعلني أكثر قلقاً لا لشيء سوى نقاء هذا العالم الذي يجعلني أمام مسؤولية  كبرى ربما أنوء بها، ويثقلني حملها ولكني أحاول وإن كنت على رأي الكاتب الفرنسي الشهير الذي سئل: " كتبت لكل الأعمار فلماذا لم تكتب للأطفال؟ فقال: مقولة - أجدها تتردد في وجداني دوما كلما حاولت الكتابة للطفل – قال: (لأني لم أنضج بعد)، وأنا أجد نفسي كذلك مع كل اقتراب من عالم الطفولة، وأشعر بأني لم أنضج بعد، ولكني أغني مع الأطفال ولست أغني لهم.
بالنسبة للكتابات الأخرى أكتب القصيدة حين تختارني ويأسرني موضوعها حتى أجدني مطوقاً بها، ولا يعنيني كثيراً شكلها الذي تبرز به، فقد تخرج في ثوب فصيح خليلي الأوزان والقافية، أو حر، أو حميني (شعر الغناء والموشح  اليمني).
21 - (أصيل، سلوان، هديل) هؤلاء أبناؤك الثلاثة: فأيّهم كتبت فيه شعرا أكثر؟ وما هي أروع قصيدة كتبتها في أبنائك أو أحدهم؟

- قال أحد الأعراب، ولعلها (أعرابية): أيّ أبنائك أحب إليك؟، فقال / قالت: "الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يُشفي، والغائب حتى يعود"، وليس معنى ذلك انتفاء محبته بعد ذلك، ولكنها حساسية الحاجة إلى رعاية هذه الأصناف من الحالات التي تصاحبنا مع أبنائنا في احتياجاتهم. وقد كتبت مرة حين غابت عني " سلوان " ولم أرَها إلا بعد أربعة أشهر من مولدها هذه القصيدة:
إلى ابنتي حين بُشِّرْتُ – وأنا في القاهرة - بمولدها في اليمن:
ســلوان يا ســلوان، مـا أغلاكِ
هل تسمــعينَ أبـاكِ إذْ نـاداكِ؟

ســلوانُ معــذرةً إليـكِ فإنَّـني
أشـكو النوى، وأعيشُ كي ألقـاكِ

أسعدتِ يا ســــلوانُ قلبي فاسلمي
ما كنتُ أســـلو مُبْعَــداً لولاكِ

شرفتِ دنيانا فأهــــــلاً مرحباً
سلوانُ إنّ قلـوبَنَا مـــــأواكِ

من لي بصوتِكِ كي يداعبَ مهــجتي
معـــزوفةً يحـــلو بها مغنـاكِ

مـن لي بســلوانٍ أقبـِّلُ خـَـدَّها
وأكحِّـلُ العينين من مـــــرآكِ

من لي بطفــــلتي التي أحببتـُـها
من قبــل رؤيتها، جُعِــلْتُ فداكِ

ســلوانُ قلبُ أبيك أصــبحَ جمرةً
فمتى بربِّكِ تحتضــنه يـــداك؟!

سـلوانُ ما أحلى اللـقاء حبيبــتي
سأقولُ - يومَ أراكِ -: ما أحــلاكِ

إني إليـــك بُنَيَّــــتي متعطشٌ
وأنا على ضــمئي إلى لُقْيَـــاك

سـأعيشُ أنتـظرُ الوصـالَ بلهفــةٍ
وغـــداً - بأذن اللهِ- سوف أراكِ 

-      حسين مزعر:
22-  لماذا هناك بعض الأدباء في اليمن بشكل عام لا نسمع عنهم كثيرا...؟

- أسئلتك محلقة وتصوغها بدم قلبك، بالنسبة للشعراء اليمنيين وكذلك الأدباء عموما، وربما غيرهم من أعلام اليمن في شتى مناحي العلم والفكر والثقافة والدين  لم يأخذوا حظهم قديما وحديثا من التعريف والشهرة، لعدة أسباب منها البيئة ومنها السياسة ومنها تواضع العلماء أنفسهم إلى حد القضاء على الذات وغمطها وعدم إدراك ما تحتويه من قيمة، وربما لاختفاء دور الإعلام كآلة مهمة تبرز وتخلد الشخصيات وتبين دورها ومساهمتها وتخرجها للناس عربياً وعالميا، من خلال التعريف بهم بالصحيفة والكتاب والتلفزيون والسينما والمسرح وأخيرا بالنت والشبكة العنكبوتية العالمية.
لا أدري لعل الأسباب تطول والتعليل يأخذنا في متاهات كثيرة ولكني سأحيلك إلى بحث علمي متميز يدرس هذه القضية من مختلف جوانبها ويشبعها بحثاً وتنقيبا إنه كتاب الدكتور مهدي الحرازي: تراجم علماء اليمن بين الواقع والطموح " مطبوع ومنشور،  لعلك تروي منه الغصة وتشفي الظمأ، وهو يعالج الموضوع قديما وحديثاً.
-      نداء الأقصى:
شاعرنا الكبير: إبراهيم أبو طالب؛ يسعدني أن أشارك معكم ولي بعض الأسئلة:

23 - كيف كانت بداياتك الشعرية؟
- سبقت الإشارة إليها في ردٍ على أسئلة سابقة.

24 - كيف ترى حال الأمة من خلال أبياتك؟
-       نداء الأقصى، كلنا نداء يهتف للأقصى لبيك. لبيك
 لن أقول كما قال أحمد مطر: " هذه الأمة ماتت والسلام "، فليست وهي الأمة التي منها محيي الأمم وباعثها بالدين والخلق العظيم محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – لا  ينبغي لها أن تموت، وإن كانت تغفو أحيانا ويطول نومها أحياناً أخرى.
ولكني أقول بأنها ستصحو وستلد العظماء " والفجر يتلو الغاشية " " ولكل ليل في طريق الفجر آخر " كما يقول الشاعر الفلسطيني " يعقوب شيحا ". وللقدس كتبت قصائد لعلي أختار لك منها بعض أبياتها: (يا ليتني – يا قدسُ – من شهدائك)
هيَّا اشعلي البركان في أحشائك
لن ينقذَ الأقصى سوى أبنائكْ

لن ينقذ الأقصى اجتماعُ ولاتِـنا
إنْ هم تنادوا مرَّةً لندائكْ

فلكم أقرّوا في اجتماعاتٍ لهم
أن يستمدُّوا النصرَ من أعدائك

لن ينقذ الأقصى سوى أبنائه
فهم الرجالُ النابتون بمائك

لن ينقذ الأقصى سوى الطفل الذي
قد عاش مقهوراً على أرجائك

قُتلتْ براءته، ودُمِّرَ حُلْمُه
وتناثرتْ جُثثاً على أشلائك...

25 - وكيف بإمكاننا تشجيع طفل ظهرت فيه موهبة الشعر؟ - وفقك الله لما يحب ويرضى وجعلك ممن يعلي راية هذه الأمة-.
- أطفالنا الموهوبون يحتاجون إلى الرعاية والاهتمام المبكر في تنمية إبداعهم سواء كان في الشعر أو القصة أو الفنون الإبداعية الأخرى، وذلك من خلال الممارسة والقراءة المعمقة والحفظ للنماذج الأدبية المتميزة حتى يصلب عودهم وتثمر موهبتهم، ولا شك أن ذلك يحتاج تضافر جهود الآباء والمدرسين والمحيط المثقف عموماً.
- رداد السلامي:
الأستاذ الأديب الشاعر إبراهيم أبو طالب، أنت شاعر الملائكة والبراءة..هذا ما قالته بداية المقدمة.. لكن هذا الملاك محاصر ومغيب ومهضوم.. تمارس ضده مختلف وسائل الكبت والتعنيف.. منبوذ في دائرة الإقصاء ومخزون في ملفات الإهمال لا تفتح أوراقة في محكمة الضمير، ولا تقرأ..تستفز مخيلته الصغيرة فضوله الطفولي المتسائل عن سر الحياة و الوجود.. فينطلق متسائلا كإيلياء أبو ماضي في طلاسمه..فيكون الجواب كفاً وعصاً غليظة وباقة من الكلمات التحقيرية التي تفقده احترامه لذاته وتترك في محيط عقله الصغير فراغا مرعبا من الشعور المتخاذل، لماذا لا يهتم بالطفل لماذا لا يكتب له أدبا يجيب على تساؤلاته الفلسفية العظيمة.. لماذا يكبت الجيل؟ نحن نريد جيلا من الأطفال ينمو في جو ثقافي معقم،  معقم من العقد النفسية والجنسية ومن تلك الأفكار التي اكتسبت قداسة العلم والدين مع أنه لم يأتِ بها دين قويم أو علم سليم..جيل أطفأت فيه جذوة الإبداع بسبب التربية الخاطئة عجز حتى الأدباء عن الكتابة له لا لأنه طفل لا يستحق الكتابة ولكن عدم الفهم لهذا الطهر النقي والسبر لأغواره الموّارة بزوابع التساؤلات العظيمة المفجرة لجذوة الإبداع وحب الاطَّلاع...
- أحييك أولاً؛ فهذه نفثة مصدورٍ يحمل إحساساً متقداً بمشاكل الطفل اليمني ثم العربي في مجتمعاتنا التي آخر ما تفكر به هو الإنسان بنوعيه: الكبير البالغ، أو الصغير المحتاج.
أوافقك تماماً في أن أساليب التربية القمعية هي التي تدمر في أطفالنا طاقات الذات السوية، التربية يجب أن يسبقها وعي الآباء والأمهات بأهمية زرع القيم التي يجب أن تكون متوفرةً فيهم أولاً كمعطى عام، ثم لا بد من العاطفة والرفق بهؤلاء الملائكة الصغار.
ولعل من الأهمية القول أن السنة المطهرة، والرعيل الصالح، وضعوا أسساً معرفية ميسرة وبليغة للرعاية بالطفولة والنشء، يوافقهم -  شاء أم أبى - علمُ النفس والتربية الحديثة.
فقالوا: "  سبعٌ تلاعبه (أي سبع سنوات وهي من البداية)، وسبع تؤدبه، (وهي مرحلة التعليم والتهذيب والتقويم)، وسبع تصاحبه (حين يحتاج إلى الموجِّه في مراحل المراهقة والشعور بالرجولة أو الأنوثة) يحتاج إلى الصديق بكل ما تعنيه كلمة الصداقة من معنى الود وإسداء النصح دون خوف أو قلق.
قبل تهذيب الصغار علينا تهذيب أنفسنا، حساسية الطفولة تجاه الأشياء عالية جداً، وقدرتهم على الالتقاط كعدسة لا ينمحي ما تسجله.
-      أنور العزب:
في البداية أرحب بالشاعر والأديب إبراهيم أبو طالب متمنيا لكم دوام التوفيق وسؤالي هو: الشاعر العربي سليمان العيسى بعد نكبه حزيران1967 وعلى حد تعبيره يئس من الكبار وتوجه بشعره إلى مستقبل هذه الأمة.....إلى الأطفال باعتبارهم طريق المستقبل آملا أن يكونوا هم من سيعيدون لأمتنا العربية كرامتها وانتصاراتها بعد الهزائم التي منيت بها 

26 - فما هي الأسباب التي جعلت شاعرنا إبراهيم أبو طالب يتوجه بشعره إلى الأطفال؟
-       سلمتَ و طبتَ؛ ما دعا شاعرنا الكبر الرائد سليمان العيسى للذهاب إلى البراءة مستنهضاً غدها المنتصر الأجمل هو ما لا نزال نحياه حتى اللحظة، مَنْ قال أننا تجاوزنا النكسة، بل نحن نعيش عددا من النكسات التي ربما قد فاقت حزيران.
ألسنا نتجرع النكسات مع كل يقظة صباح، وغفوة ليل من فلسطين، إلى العراق، إلى الشيشان، إلى السودان، إلى غيرها...
ولكن وحين نستنهض الغد ممثلا في زهراته في طفولته النقية يجب أن نهتم بهذه الشريحة المستقبلية إن كنا نريد - حقيقة – مستقبلا ينهض بنا من نكستنا.

27 - هل للطفل اليمني الذي يتجول في شوارع المدينة ماداً يديه للمارة من متخمي هذا الوطن نصيب من دررك الشعرية؟
- ثمة آلاف من الأطفال لا يجدون طفولتهم لم يعيشوا براءتها لم يرحمهم عوز العيش - لهم أو لآبائهم - من الخروج إلى الشارع لمثل هؤلاء يجب أن تقام المنظمات/الحقيقية لا التي تتكسب بهم لتغنى ويزدادوا فقراً هذه الفئات نقول لها، وعلى لسانها موجهين هذا النداء على لسان أحد أطفالها:
(لا..لتعذيب الصغار)
لِـمَ تتعبون براءتي ؟
بالسعي في كلِّ الجهات ؟!
لِـمَ ترهقونَ طفولتي
وأنا أُطلُّ على الحياةْ ؟
حُلُمي كعصفورٍ يُحَلِّقُ
في رياضِ الأمنيات
أملي يُعانقُ لعبتي
ويبثُّ فيها الأغنيات
لكن طموحاتي الصغارْ
ونشيد آمالي الصغار
سُحِقتْ بأطماعِ الكبار
فنسيتُ ألعابي
            وأحلامي
            وتدليلَ الصغار
وطفقتُ أجري ثمَّ أجري
في دوارٍ كالدوار
عملٌ وأعباءٌ كِبار
يا أيها الآباء ؛ يا نبضَ النقاء
هل تسمعون نداءنا ؟
هل تُدركونَ عناءنا ؟
هيَّا قِـفُـوا صفَّاً
وقولوا: " لا " لتعذيب الصِّغار
فعمالةُ الأطفالِ ظلمٌ وانتحار
هذا نداء
آهاتِ أطفالٍ تعذبها العمالةُ والمطامع
وصراخ إعياءٍ تضجُّ له البراءةُ والمدامع
هذا رجاء
فلذاتِ أكبادٍ تمزقها الشوارع..

28 - ما هو رأيك في الأدب المقارن ؟وهل الأدب الغربي يمكن أن يحل مكان الأدب العربي وخصوصا في ظل هجوم الثقافة الغربية على كل تفاصيل حياتنا العربية؟
-   الأدب المقارن، أدب كبير، وفن حيوي متميز، وهو المعبر عن تلاقي الفكر الإنساني وتنوعه، وهو قديم قدم الآداب نفسها، فلم يكن الأديب عبر عصور الأدب في معزل عن غيره، ولا يمكن لأدب حقيقي أن ينشأ في جزيرة  منعزلة ومغلقة عليه، قد يكون لكل أدب خصوصيته – وهذه قضية محسومة -  ولكن التلاقي الإنساني والتأثر والتأثير مطلوب ليقوي الأداء ويمد الخصوصية بالثراء والمشاركة الفاعلة، وهل الأدب العربي الغني بتراثه بحاجه إلى تقارنه بالأدب الغربي؟
الأدب العربي غني ومتنوع، وفيه خلاصة فكر وتجربة إنسانية متميزة لكنه لم يكن يوماً منعزلا عن غيره من الآداب، كان أدباء الجاهلية رغم تعبيرهم عن بيئتهم وانطلاقهم من خصوصية جغرافية صحراوية وقضايا اجتماعية وفكرية  خاصة  لكنهم كانوا مطلعين على  حضارات الفرس والروم وآدابهم وكانوا مثقفين ولم يكونوا منعزلين، ثم حين جاء الإسلام وأنطلق الفاتحون في كل اتجاه شرقا وغربا تأثروا بتلك الأمم كما أثّروا فيها، ونقلوا عنهم عاداتهم وتراثهم كما أرسوا قواعد ثقافتهم الإسلامية في الشعوب المفتوحة، وبمرور الزمن تطورت الثقافة وأخذت طابعا مؤسسيا فأنشأ الرشيد بيت الحكمة كأول معمل ترجمة متخصص فترجم نفائس وذخائر آثار اليونان والفرس وغيرهم؛ من فلسفة وفكر وعلوم، وبذلك نقلوا الأدب – كما نقلوا غيره من العلوم – نقلة نوعية فحدث الازدهار الكبير في العصر العباسي، ثم إن الأدب العربي حين أخذ بعض الفنون عن الآداب الأخرى نقلها نقلة نوعية مختلفة أضرب على ذلك مثلا "بكليلة ودمنة" التي ترجمها ابن المقفع عن الفارسية وكذلك "هزار فسانة" التي أصبحت ألف ليلة وليلة بخصوصية عربية جديدة ومختلفة، مما كانت سبباً بعد ذلك في ازدهار فن الحكاية والقصة والرواية في الآداب الأوروبية لاحقا وبقليل من القراءة في كتاب الدكتور جاسم الموسوي عن أثر ألف ليلة في الأدب الإنجليزي وغيره يتضح دور الأدب المقارن من وإلى اللغة العربية، وتحضرني الآن - كمقولة ملحة - ما قاله يوما غاندي حكيم الهند العظيم: "إني لا أخشى الرياح فأفتح نافذتي على كل الاتجاهات، ولكن شريطة أن لا تقتلعني"، والانغلاق ليس ظاهرة صحية بل هو بداية مرض، ونهاية حضارة.
وحين نأخذ عن الآداب الأخرى فليس معنى ذلك التبعية المطلقة ولكنها المشاركة والحوار وما نأخذه اليوم من قضايا أدبية نحن في الأصل (كهوية) قد شاركنا فيه بالأمس، وبعضها يدخل في إطار بضاعتنا ردت إلينا لكن بعد إعادة التصنيع بما يناسب العصر.الأدب المقارن علم واسع وجناح مهم لمن يكتب أو يقرأ بلغة ما.
29 - متى تكتب الشعر ؟

حين يداهمني، وتحتويني فكرته، ولكن أجمل أوقاته  - ولعل  جواب متى التي للزمن - هو وقت صفاء النفس وهدوئها من ليل أو نهار لا فرق. 

30 - ما رأيك باصطلاح شيطان الشعر كما يقولون: (جاءني شيطان شعري)؟
- هذه مقولة قديمة، تأتي كتبرير أوّلي لما يسمى بالإبداع، وأقول أوّلي فيما يخص بدائية تفكير الإنسان وهي ضمن المرحلة الغيبية / السحرية / الميتافيزيقية لتفكير البشر، وهي المرحلة المرتبطة بالأساطير حين كان العقل البشري يعجز عن تعليل قضايا الكون المحيطة به، فيبتكر لها جوابا أسطوريا أو حلا  أو تعليلاً فوق طبيعي، فحين كان لا يدرك علم النفس وقضايا الإبداع، ويعتبر أن الشاعر إنما  يأتيه الشعر من عالم غير عالمه كعالم الجن، وكانوا يسمونه الرئي، أو الرائي، ويعتقدون أن الشاعر إنما يملي له أو يوحي له بما يقوله شيطانٌ أو جني، وكانوا ينسبون ذلك إلى وادٍ يسمى وادي عبقر يعتقدون أنه وادٍ يحتوي على الجن ويعيشون فيه فمن يمر به يتلبسه رئي يقول على لسانه وعلمه بما يفوق كلام الناس وقدرتهم، ومن هذا الوادي أتت كلمة العبقرية، وهي الإتيان بما هو فوق عادي من الأمر أو العلم أو الفكر... إلخ
 حتى أن الشعراء أنفسهم عزّزوا ذلك لدى العامة في محاولة لرفع هذه القدرة المختلفة والمرتفعة عن العادية، فقال أحدهم مؤكدا الفكرة  ومفاخراً:
إني وكل شاعر من البشر... شيطانه أنثى وشيطاني ذكر
وقال حسان بن ثابت في جاهليته:
ولي صاحبٌ من بني الشيصبان...  فطوراً أقولُ وطوراً هوه
ولكنه  هنا – مشكوراً -  قد نسب شيئا لنفسه مرة وأخرى لصاحبه الذي من بني الشيصبان، ولعل الاسم نفسه – كما تلاحظ -  يوحي بغرابته بعالم خرافي.
وهذا كما سبقت الإشارة تعليل لملكة بشرية محضة بطريقة ميتافيزيقية أو عجائبية. 

 أهديك تحيه تفوح منها رائحة المحبة ويزكيها أسمكم الكريم أهديها إليك من أرض حافظ الشيرازي متمنيا وصولها إليكم وأنتم وكل الوطن بخير
- سعدت بك
وتحية لك في بلاد ذلك الشيرازي الرائع، أرجو لك أن  تستمد من عبقريته وعطائه الذي هو ميراث – مقارن – عظيم. 
-      عبد العزيز القباطي:
أستاذنا وشاعرنا الجميل د. إبراهيم أبو طالب.... قبل كل شي أحييك بتحية الإسلام... وأهلا وسهلا بك في منتداك المتواضع ابن اليمن , والذي يتشرف بك اليوم في دائرة الضوء...
اندهشت عند قراءة كتابتك في هذا المنتدى والذي جعلني أنظر إلى نفسي كأنني طفل بين أسطر كتابتك وكتابة الآخرين... لكن تقبل كتابتي وأسئلتي كطفل تنشد إليه وتلعب معه وتترفع عن أخطائه الكثيرة...

أسئلتي لك أيها الشاعر:
31- شاعر الطفولة والبراءة هكذا قيل فيك... لماذا اخترت هذا الطريق فقط ؟
-       أيها الطفل الكبير، حياك الله، وعليك السلام والرحمة، لم يكن اختياري للكتابة للطفل عن سابق إصرار، ولكني وجدت نفسي أساق لهذا النوع من الأدب الصعب ربما لأني أحسست بحاجة إليه قبل الأطفال.
ولعل تدريسي وعملي لفترة من الزمن وعلى مقربةٍ من هذا العالم الجميل قد جعلني أنشد مع الطفولة قصائدها التي تغنيها دون معرفة بالوزن أو القافية ولكنها تغني من فيض روحها بما جُبِلت عليه من حب النغم وفطرة اللحن السيمفوني البديع حباً للحياة وتغنياً مع مباهجها التي تبدو في ابتسامة صادقة لطفل يترقب الغد، وينتظر العيد.
هي البراءة تسعى
في ضمائرنا
إذا تراقص طفلٌ
في يد الحاني...

32 -  كيف تجد نفسك وأنت بين أصيل وسلوان وهديل وكيف ترى نظراتهم لك.  هل يفرحون بك مثل الآخرين، وهل يتغنون بأناشيدك مثل الآخرين ؟
- أراهم حلما جميلا لغد أرجو أن يكون مشرقاً، نعم وهم يتغنون ببعض الأناشيد لشعراء آخرين كما الأحباب من الأطفال عموماً.

33- كيف تجد نفسك عندما ترى ابتسامات الأطفال وعلامات البراءة في الأطفال وهم ينشدون شعرك؟
- إنه الإحساس بنشوة البراءة والتحليق في جمال البسمة، إنها لحظات من الصعب حتى على الشاعر وصفها.      

34- هل تفكر في الأيام المقبلة أن تتنحى وتبتعد عن الأطفال، وهل فكرت في ذلك ؟
-      لم أفكر في ذلك، ولكنني مع كل تجربة جديدة أو كتابة أتهيب التجربة وأعتبرها وكأنها البداية الأولى لا أدري ربما لأن الطفل بفطرته وذكائه لمّاح لا يقبل إلا ما كان صادقاً جدا ولا يقنعه مجرد الصنعة أو التكلف.

35- ما الفرق بين الشعر للأطفال والشعر للسياسة والشعر للشباب في نظرك وكيف تكون مشاعرك في كل منهما، وكيف تنظر لكل واحد منهما ؟!
- لكل نوع خصائصه، ولعل أصدقها وأقربها إلى النقاء هو الكتابة للطفل، لنقاء عالمهم، وكل مرحلة عمرية تحتاج إلى أسلوب خاص في الخطاب، والطرح، وطبيعة المعالجة بلا شك تختلف في كل واحدة مما ذكرت من الميادين ولكن المقياس أو معيار الإبداع في كلٍّ يرجع إلى مدى تمثلك للموقف، ومدى الإحساس بالموضوع حتى يخرج في قالبه الخاص ومضمونه مخاطبا كل واحد بقدر حاجته، ألم تكن البلاغة لدى العرب – وما زالت – هي موافقة الكلام لمقتضى الحال، أو كما يقال: لكل مقام مقال؟!
- قلم رصاص:
الشاعر الكبير إبراهيم أبو طالب، أهلاً وسهلا بك في هذا المنتدى.. ولي سؤال واحد فقط - وهو: 

36 - ما الفرق بين شاعر الشعر الحر وشاعر الشعر العمودي بوجهة نظرك بفرض أن كل منهما في قمة تألقه؟ لأن هناك من يتجنى على شاعر الشعر الحر وهناك من يتجنى على الشعر الحر نفسه ويقال أنه لا مقارنة بين الشعر العمودي والشعر الحر... وشكرا.
- يا صاحب القلم الرصاص، تحية لك ولكل الأقلام: جافة، وسائلة، ورصاصية أو ملونة
((الشعر الحر، والشعر العمودي)): الشاعر الحقيقي هو الذي ينتزع منك شهقة الدهشة والإعجاب، ويحلق بك في سماء النفس ومغاراتها معا، ويصوغ لك آهات البشر وطموحاتهم وأحلامهم، فيظل شعره متجددا مع كل قارئ جديد ومع كل زمن لأنه لا يخص مناسبة بعينها ولا شخصا واحدا، بل هو عام إنساني، وسواء كتبه بشكل عمودي أو بشكل حر (شعر تفعيلة)، أو أي شكل آخر: نثرية، حمينية، نبطية، مواويلية...الخ، لا يبقى مما كتب وما يكتب سوى الشعر الحقيقي، وأما الأشكال فليست سوى وعاء يتجدد بحسب مقتضيات العصر ومطالبه، وحركة الجديد والقديم حركة صحية في حياة المجتمعات وقديمة قدمها فالشكل الشعري حدث له تطورات كثيرة منذ العصر العباسي فيما كان يسمي بالخروج على عمود الشعر لغةً، وصورا، ووزناً، وما تلا ذلك كله يصب في مسيرة الشعر العربي وطريقة تطوره، أما مسألة القيمة والحكم القِيمي، بأحسن من وأفضل من، وهذه الأحكام المطلقة ليست سوى من أوليات التذوق المعرفي والجمالي. كقولنا أجمل بيت، أحلى صورة، أفضل تشبيه... الخ، فذلك مما يعجب ناشئة المتذوقين، لأن القضية نسبية فما يكون أفضل بالنسبة لك قد لا يكون كذلك عند غيرك، ويظل المعيار في القارئ وأفقه المعرفي، والشاعر أخيرا هو الشاعر بأي شكل كتب لا معيار للشكل بقدر محتواه أليس المتنبي رغم مضي أكثر من عشرة قرون على وفاته حاضرا بيننا كأحد المجددين اليوم ؟؟ ! بل وكأهم شعراء الحداثة لأن شعره خالص لوجه الشعر ولعالمه، والشعر الحر له نماذجه العظيمة مثل الشاعر صلاح عبد الصبور، والسياب، والبياتي، ومحمود درويش وأدونيس وعبد العزيز المقالح ومحمد بنيس وغيرهم كثير، وعلى من أراد أن يكتب شعرا كهؤلاء أن يعود إلى منابعهم التي عادوا إليها قبل تجديدهم حتى لا يكون تجديدهم ادعاءً أجوف، أو تقليداً غامضاً يبعدهم عن الناس وعن مطالبهم، وثمة نموذج كتب شعراً له قضية، وسخّره لغرض حيوي ذكرني به توقيعك (قلم رصاص)  هو  أحمد مطر - الذي أراك قد وقعت بأحد معانيه – والذي يعلي من قيمة القلم في عدد من قصائده،...." حان أن أترك الحبر؛ وأن أكتب شعري بالرصاص".
تحية له
ولك.
-      الغزال الشمالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
أرحب بداية بالشاعر إبراهيم أبو طالب، وسؤالي الأول  (س37) ألا تعتقد أن العمل السياسي يجعل الشاعر مكثراً مما لو لم يكن مشتغلا به؟

السؤال الثاني (38): هل ترى أنه من المجهد أن يكون الإنسان شاعرا؟؟
-       مرحبا بالغزال الشمالي:
ليس شرطاً أن تكون الكثرة مرتبطة بالعمل السياسي، بل ربما أن الشاعر حين يرتبط بها قد يفقد شاعريته أساساً، ولكن ثمة قضايا تطفو على السطح وتحتوي المجتمع والشاعر لسان حال، ومعبر حساس عن تلك القضايا، وربما لأننا في مجتمعاتنا العربية تلعب السياسة فينا دور البطولة حتى لا تدع للجوانب الأخرى من صور الحياة  حضوراً، فهذا الذي يجعل الشاعر يعبر عن قضايا المجتمع وقد يعتبرها البعض من حديث السياسة.
ومسألة الكثرة والقلة في عطاء الشاعر لا ترتبط – من وجهة نظري – بالعمل السياسي بقدر ما ترتبط بالقضية التي يحملها الشاعر أو الأديب عموما، والتي يسخر حياته، وكلمته، وفكره من أجلها. "فكلٌ ميسر لما خلق له".
أما جوابي عن السؤال الثاني: هل ترى أنه من المجهد أن يكون الإنسان شاعرا ؟!
-    أوافقك في الإجهاد وفي أن أكثر الناس تعباً هم الشعراء ربما لأن غيرهم يعيش حياته الخاصة، وهم مطلوب منهم أن يعيشوا حياتهم  وحياة الناس بما يحملونه من مسؤولية الكلمة ودورها الذي هو دور سماوي، أليست (الكلمة) من روح الله وبها كانت البداية في (كن فيكون)، وبها تكون الحياة ومن أجلها، وهم يحملون لواء الكلمة ليصوغوا بها الحياة و يصلحوا العالم كما يجب أن يكون لا كما هو كائن.
-         عاشق الحرية: 

39 - ما هو رأيك في الجماعات الإسلامية وأخص منها الشيعة، وما يسمى بالشباب المؤمن في اليمن؟
-    أيها العاشق للحرية؛ التشيع في اليمن ليس كما تفهمه عن فرق الشيعة، فهم في حبهم للإمام علي كرم الله وجهه، وفي تشيعهم له معتدلين غير مغالين فلا يشتمون غيره من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ولا يقرون بذلك، لأنهم ينطلقون في تشيعهم من أسس المذهب الزيدي – نسبة إلى الإمام زيد بن علي – وهو مذهب معتدل وأقرب المذاهب إلى السنة كما يجمع على ذلك علماء الإسلام، وليس هنا مقام التفصيل عنه أو التطويل، ولك العودة -إن أحببت- إلى أصوله وكتبه. أما الحديث عن الجماعات الإسلامية (وإن كنت أتحفظ على هذا المصطلح) ولا أوافق عليه لأنه - بحسب ما تلاحظ - مصطلح غير بريء، مصطلح سياسي، إعلامي،  غربي  بالدرجة الأولى موضوعٌ أساساً ليوهم الناس من المسلمين وغيرهم بأن الإسلام، ومن يعتنقه ليسوا سوى جماعات متفرقة وكأنهم عصابات كل جماعة لها كيانها الخاص، وذلك غير صحيح فالإسلام جماعة واحدة والمسلمين ليسوا (أرثوذكس وبروتستانت وكاثوليك و و و... الخ)  بل هم أمة واحدة ]إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون[ (الأنبياء: 92) (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (المؤمنون:52) صدق الله العظيم.
وبالنسبة لما ذكرت عن الشباب المؤمن فذلك أمر قد قال فيه العلماء من اليمنيين -  سُنة،  وزيديين -  قولهم - وأنا أوافقهم بالطبع - بأنه تيار سياسي لا يمت إلى الزيدية وآرائها بصلة، ولم يقروه، وقضي فيهم الأمر.
-         عبد الرحمن النهاري:
سعادة بالغة حين يكون الضيف الشاعر الكبير أبو طالب وماذا عساي أن أقول بحضرة عبارته وأدبه ولغته الراقية وسلوكه الحميد إلا (أهلا وسهلا)0
أما أسئلتي فهي:

40- تعامل المثقفون في بلدنا الحبيب اليمن مع حرية العمل السياسي بثلاث طرق: الأولى: تسخير الحراك السياسي للمصلحة الشخصية، الثانية: تسخير الإمكانات الشخصية للقضية الوطنية(الحريات، والحقوق)، الثالثة: التجاهل والتعامي عن كل ما يعتمل، ويجري ماذا تقول لكل فريق من هؤلاء؟
-         للفئة الأولى أقول: من جعل المصلحة الشخصية هدفه لم يجنِ سوى التقزم، ومن أحب نفسه كرهه الناس.
وللثانية: مثلكم من يصنع الأمجاد ويطور الشعوب، فلا يرتقي شعب إلى أوج العلا.. ما لم يكن بانوه من أبنائه، )وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُوْنَ(.
وللثالثة: أقول لا معنى للإنسان إن لم يكن صاحب رأي ومبادرة ومشاركة، وإذا كان الشاعر القديم قد قال:
إذا أنت لم تنفع، فضر فإنما.... يُرَجّى الفتى كي ما يضر وينفعُ
فإن المتنبي من بعده وهو الفتى العربي الطموح والمقدام قد قال:
إذا غامرت في شرفٍ مرومِ... فلا تقنع بما دون النجومِ
فطعم الموت في أمر حقيرٍ... كطعم الموت في أمر عظيم.
وقال طَرَفة بن العبد:
إذا قيل يوماً من فتى؟ خِلتُ أنني... عُنيتُ فلم أكسل ولم أتبلدِ

41- (التربية السياسية- العمل السياسي -العمل العام- القضية الوطنية) مثل هذه المفردات والعناوين ماذا تمثل من أهمية للمثقف من وجهة نظرك؟
- هذا يجرنا إلى الحديث عن من هو المثقف؟، بمعناه الواسع ثم علاقة المثقف بالسياسي، وهل العمل السياسي عمل ثقافي، وما الأطر التي تضع لكل منهما خطته؟، ومما لا شك فيه أن المصطلحات التي طرحتها في بداية السؤال تقف دون الحديث عنها مجلدات من الحوار وفي منتديات السياسة والصحافة والكتب ما تجف له الأقلام وتطوى الصحف، ولكن موجز القول بأنه لا يكتمل للمثقف شخصيته الثقافية والمعرفية ما لم يكن له دور في العمل السياسي والقضية الوطنية، فلا معنى للثقافة دون المشاركة الفعلية في قضايا المجتمع.

42- هل ترضى أن يخيرك أحد بين العيش في اليمن وبين الغربة بدون سبب إلا السخط من الفساد؟
-         وطني لو شغلت بالخلد عنه.. نازعتني إليه في الخلد نفسي

43 - ماذا يقول أبو طالب في الذين يحاولون إشعال النار التي تحت الرماد باستخدام العشائرية والمذهبية والهاشمية مقابل بقية الفئات في المجتمع اليمني؟
-    أقول لهم: الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها، واليمن بكل أهله وعناصره جسد واحد، وروح واحدة، ولم ينهض اليمن ولم يكن له شأن عبر تاريخه إلا بكل عشائره المتحابة المتمازجة، لا فرق بين قحطانية وعدنانية ومذحجية وعكية، كلها تمثل اليمن الكبير وتصب في سبيل رفعته ومجده، ومثل هؤلاء ممن يزرعون الفتن ولا يستطيعون العيش إلا بها لأنهم كتجار الحرب لا يحيون إلا من عرق الفتنة وزفير نارها، أقول لهم كل ذلك لن يفيد اليمن في حاضره  ولا مستقبله، حتى لا تتفرق قواه فتفشل وتذهب ريحها. وما أحوجنا إلى لمّ الشمل وتوحيده لنقف في وجه الخطر الحقيقي الذي يتهددنا من الآلات الكبرى ممن يحاول ابتلاعنا حضاريا ودينياً، والتي تلتهم كل شيء في طريقها، وتدمرنا اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وإيديولوجيا... 

44-  تنتمي للأسرة الهاشمية الكريمة، ماذا يعني هذا الانتساب لشخصكم الكريم في ظل اللغط القائم والجدل الدائر في الأوساط اليوم؟ 

- كما سبق توضيحه هذه نعرة تعصبية دخيلة على اليمن بكافة شرائحه، وليس منا من دعا إلى جاهلية، الانتساب إلى الأسرة الهاشمية – كما تفضلت – يعني لي الالتزام بما دعا إليه سيد الهاشميين والعالمين جميعا سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- الذي قال لأهله مهيبا بهم " لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم، أو كما قال، فذلك مقياس مهم، فالعمل الصالح والسير على هدي الحبيب الذي بُعث ليتمم مكارم الأخلاق هو ما يجب على أمته العمل به فضلا عن من ينتمون إلى شرف الانتساب إليه.
-         د. عبد الله الجوزي:
أخي الحبيب والصديق الجميل الشاعر والأديب والناثر والقاص / إبراهيم أبو طالب اليماني الصنعاني، بداية الشكر الجليل للأديبة الموهوبة أختنا الأستاذة أروى على روعة الاختيار - للرائع إبراهيم
أما صديقي الجميل ذو الوجه النضر صاحب السماحة والابتسامة الدائمة فحبي له أول حديثي واعتزازي به كصديق ورفيق رأس مالي ... إليه أوجه تحياتي وسلامي وخالص فخري به وامتناني، عندما أردت المشاركة وهممت بكتابة ما سأكتبه بين يدي ضيف ابن اليمن إبراهيم، بقيت لساعات أحاول أنمق الكلمات وأجمل التعابير واكتب المترادفات وبعد اكتمال تلك الصنعة شعرت بعدم رضائي عنها لأنها مصنوعة فقطعتها تماما وذهبت لانجاز أعمالي وقلت لنفسي - أليس إبراهيم ما تهوين وتحبين ؟ و أليس هو هو ما تعجبين لصنعه وتفخرين؟ فاكتبي صدقا ما ترغبين وتتمنين - فقالت نفسي لي اكتبْ ما سأقول: فأخذت استمع لقلبي ونفسي وهما يمليان عليّ كلماتهما فقالا: أحببناه قبل أن نراه، عرفناه قبل أن نلقاه، شعرنا به قبل التماس معه، قرأنا له قبل أن نسمعه، فكان حقا كل ذلك بعدما لقيناه.
أخي إبراهيم ليس ما قلته مجاملة لك لكنه شعور داخلي جاءت الفرصة لكي أخرجه وأقوله بصدق، عزيزي؛ أخوتنا تجاوزت المصالح والحسابات وشعورنا بأننا شيء واحد وغاياتنا تتقارب وأهدافنا منسجمة فكل منا يحب الآخر، وجميعنا يسعي لرفعة اليمن وامتنا - لعل ما أجده من فوائد عظيمة في حضوري إلى مصر والدراسة فيها أني تعرفت عن قرب إليك وعرفت صفاء سريرتك وحسن عشرتك وكرهك للفرقة والتنابز الحزبي وهذه محامد كلها فيك ولا فخر.
صديقي العزيز اطلعت علي مشاركة من هم قبلي فوجدت أنهم تطرقوا إلي كل شيء وسألوا حول أغلب ما يخطر علي ذهني، وقرأت ردودك الجميلة المقنعة وأسلوبك الأدبي الرصين، وإن كان ولا بد من مشاركة، فخذ حبيبي هذه الأسئلة:

45 -  كيف تقيم الحراك الأدبي والثقافي بين اليمنيين في مصر ؟
وهل ترى ضرورة وجود منبر ثقافي حر ومستقل لليمنيين لممارسة أنشطتهم الإبداعية ؟

- العزيز النبيل عبد الله الجوزي؛ شكرًا على هذا الفيض الغامر من المشاعر الصادقة، وشكرا على هذه القصيدة الجوزية التي عطرتني بها، فذلك طيبُ روحٍ، وجمالُ قلبٍ أنت أهله، ورفقاً بأخيك فإني لا أستطيع السباحة في بحر مدحك، لأني أغرق، أغرقُ، أغرق.. تحية لك أيها الأنقى. وجوابًا عن سؤالك أقول:
إنه حراك جميل  ومختلف، وما شهدناه ونشهده من مشاركات ثقافية في أكثر من موقع كان بدايتها ما أحدثه منتدى المثقف العربي من نقلة تعريفية مهمة بالثقافة اليمنية والمثقف اليمني بحيث عرَّف به وبثقافته، وبأن اليمن ليس ذلك المجهول كما ظُلم ويظلم من بعض قاصري الثقافة، وما قام به السفير المثقف جدا د. عبد الولي الشميري من منافسة متميزة وحضور في أرقى منابر الفكر والثقافة للمثقف اليمني بعدّه واحداً من المثقفين العرب أصحاب النظرة الثاقبة والمشاركة الجادة دليل على هذا الحراك الزاخر، ثم ما يقوم به الصالون الثقافي للشباب اليمني من تقديم ندوات أسبوعية في المركز الثقافي، وكذلك المركز الإعلامي، ونادي شباب اليمن، وكذلك ندوتك الجوزية الرائعة  ندوة آخر كل شهر، وكذا هذا الموقع المتطور والمتجدد موقع ابن اليمن بمنتدياته  كل ذلك دليل واضح على " أن اليمنيين قادمون" على رأي أستاذي الناقد الكبير الدكتور عبد المنعم تليمة.

46 -  كيف تنظر لمستقبل الباحث اليمني في خضم التجاذبات السياسية ؟

-    الباحث اليمني بشهادة أولي العلم والتقييم في الجامعات المصرية وغيرها باحث جاد مدقق متميز إذا ما أتيحت له أسباب البحث والعلم من بُلْغَة (مال)، وصحبة أستاذٍ، وطول زمانِ، على رأي الشافعي رحمه الله. والباحث في حد ذاته مشروع تنموي بشري مكتمل لا يضره أي الأطراف جذبه إليه لأنه في النهاية سينفذ ما تعلمه لرفعة بلده ويخدم مجتمعه بحيث يكون المستفيد في النهاية هو الوطن، وفي اعتقادي الشخصي أنه ما تعصّب عالم قط، ولا تحيز لمصلحة شخصية والباحث مشروع علم في البداية وأمل وطن في النهاية. 

47 -  و هل تري بضرورة استقلال المبدع سياسيا؟
-         المبدع الحقيقي في تصوري حزب كامل قائم بذاته، ليس بمعنى التحزب الضيق أفقاً ومصلحة ولكنه أمة في واحد. 

48 -  هل لك قصائد مُغناه؟ وأقصد بالغناء ما صاحب الموسيقي.
-         لي قصيدتان مغناتان: الأولى عاطفية حمينية من ألحان وغناء الفنان اليمني أحمد فتحي. والثانية وطنية من ألحان الفنان محمد شجون.
(وهناك طلب من الطفلة الجميلة ملاك أنتَ تَعْرِفُه).
-         تلبية للملكة الجميلة ملاك، ولكل ملائكة البشر الأحباب، أهديها هذه المقطوعة مع قبلتين واحدة ع الشمال والثانية ع اليمين من عمو أسير البراءة:
" ملاكٌ "
عذبة ٌ
حُلْوَه
كطيف الحلمِ
كالغِــــنْـــوه
يزيد جمالها حسناً
إذا غنتْ لنا " غِنوه "

جمالُ الوردِ في الخدين
ولونُ البحرِ في العينين
وفي أنغامها السكرْ
إذا نادت
أو ابتسمت
تفوح زنابقُ العنبرْ

تقول:  " أبي"
فتحملنا
على ريشٍ
من النشوه.
" ملاكٌ "
يا نَدى الفُـلِّ
وروحَ الروحِ
يا فُــــــــلَّـــــة

ويا معزوفةً تمضي
بخيرٍ باهي الطلّة

حماكِ اللهُ يا أملاً
يجددنا
ويحيينا
ويبعثُ في عيون الفجرِ
أنساماً
تداوينا

غداً أنتِ
وأنتِ الغدْ
وكلُّ ملائكِ الرحمنِ
كلّ براءةِ الإنسان
ستحملنا أكفكُمُ
وتُرْجِعُ حقَّـنا الغالي
وتبعثُ في دماءِ الكونِ
آياتٍ
من الإشراقِ
والإسلامِ
والصحوه.

ملاكي أنتِ
يا حلوه.

-         لجين:
بداية أقدم خالص شكري للدكتورة أروى على هذه المبادرة الرائعة التي سنحت لنا من خلالها التعرف أكثر على شخص الأديب والشاعر المتألق د.إبراهيم أبو طالب "شاعر الطفولة"
" يترقرق الدمع من مقلتي كل ما قرأت شيئا عن آلام الصغار..عندما أجوب شوارع بلدي وأراهم يتسولون في شوارعها..يمسحون نوافذ السيارات..يعملون في المقاهي والأفران وفي كل مكان..كل شارع تسير فيه ترى أطفالا قد حرمتهم قسوة العيش والفقر من مرح الطفولة كم يتمزق قلبي عندما أمرّ بطفل وهو يمد يده النحيلة يتوسل إلي  بالمساعدة ولو باليسير..إلى متى سيظل هؤلاء الأطفال يتعذبون ويكابدون قسوة العيش؟..إلى متى سينام مسؤولونا ببطون مليئة والجوع يعصر بطون الفقراء؟..إلى متى سنظل نخفي رؤوسنا كالنعام عن كل ما يجري حولنا؟..أعذروا كلماتي البسيطة المليئة بالأخطاء اللغوية لكني لا أجيد تنميق الكلام..وإنما كان منبع كلماتي هي قصيدتكم" لا لتعذيب الصغار".
-         أيها اللجين الثمين:
إن كلماتك التي صغتيها واعتذرت عن عدم قدرتك على تنميق الكلام، وما بها من أخطاء إنما هي حرقة قلب صادق ونبض إحساس قد يفوق قصيدة وما تحسين به نحو هؤلاء الصغار هو حقيقة ما ندعو إلى الإحساس به ولعل الرسالة قد وصلت، وبمثلك من المدركين لهذه المشكلة، نصنع الحلول لأن الإحساس بالمشكلة كما يقول علماء النفس بدايةً لحلها، ولعل عدداً كبيرا من الآباء لا يدركون خطورة ذلك.
أما من ملئتْ بطونهم بالتخمة وبحقوق الأبرياء، فإنهم لا  يراعون لطفلِ ولا لكبير ذمة ولا رحمة، ولكن أليسوا أباءً لأطفال قد يصيروا إلى ما أحوجوا غيرهم إليه حين تدبر عنهم الدنيا؟!. 

49 - و سؤالي إلى متى ستبقي الكلمات حبر على ورق؟!
-         على الأديب أن يشخّصَ الداء ويصف الدواء، ولكنه لا يستطيع وحده أن يشفي المرض ما لم يتجاوب معه الجميع.

50 - هل حاولتم وأنتم تمثلون صرخة هؤلاء الأبرياء أن تطالبوا بحقوقهم بالعيش كبقية الأطفال من أبناء هذا الوطن؟.
-         وهل هذه الصرخة وغيرها سوى نداءات عاجلة  واستغاثات معذبة، وآهات مجروحة
لعل أصداءها تُسْمعُ من به صممُ.. كل التقدير.
-         يمني حر:
دكتور إبراهيم أبو طالب لدي أسئلة أتمنى أن تجد إجابة:
-        دون أن تتمنى عزيزي  (اليمني الحر) فهل أنا هنا إلا لكي أجيب !! 

51 -  ما هو انتماؤك السياسي وهل أنت مقتنع به، وهل تستطيع أن تنظّر له؟
- انتمائي للوطن، وحزبي اليمن، والشاعر أو الأديب لا يقتله شيء سوى التأطير، ولو حبسته في البطاقة الحزبية لخنقته،  فهو كالعصفور لا يغني إلا حين يكون خارج القفص.

52 -  هل أنت مع ترشيح الرئيس أو ضد ترشيحه؟
- هذا الأمر سابق لأوانه، فهل رشّحَ الرئيس نفسه فعلاً ؟ 

53 -  أي أنواع الشعر تفضل العمودي أم الحر أم الحداثي ؟
- أفضل الشعر بأي شكل جاء.
- عاشق الحرية: 

54 - ما هو رأيك فيما يسمى بالإصلاحيين في اليمن؟

- أنتَ ثانيةً يا عاشق الحرية ؟!
أمامك فرصة أخيرة تضع فيها أسئلتك مرة واحدة،  شوف كيف نحب الحرية على الطريقة الديكتاتورية ؟ ما فيش فايدة  يا عزيزي. بالمناسبة صورتك جميلة.  لكن قل لي: هل الحرية في رأيك غير السياسة ؟؟ ثمة حريات أخرى فكرية وأدبية، أين أسئلتك فيها ؟؟ وإلا أقول لك أنت حر؛ بل عاشق للحرية، أسأل كيفما شئت. ولكن بعض أسئلتك غير بريئة، ولا أدري بعد سؤالك عن رأيي في:
الشيعة، والشباب المؤمن، والإصلاحيين وو. هل تريد أن تسألني مستقبلا عن: المؤتمريين، الناصريين، اليساريين، الشيوعيين، الإشتراكيين، الإخوان المسلمين، السلفيين، الأصوليين، القاعديين، ثم الحاشديين، البكيليين، المذحجيين،.... ووووو اسألْ بحريتك لكنني أنا حر أيضاً في عدم الرد عليها، لكني سأجيبك عن الشق الثاني من سؤالك الأخير الذي ليس فيه استطلاعٌ للرأي الذي تقول فيه:

55 - أين تقف من الأدباء الذين يقفون مع السلطة أينما دارت، ويبررون لها كل أفعالها؟
- أعتقد أن الأديب الذي يدور مع السلطة حيث دارت أو مع الموجة الأعلى لا يصدق عليه وصف أديب، فهو ليس سوى بوق أو آلة إعلامية على أفضل تقدير – مع الاحترام الكامل للإعلام كمؤسسة، ولرجاله كأصحاب رسالة -، فالأديب موقف، وصاحب فكر فإن رأى أن فكره هذا يستطيع تحقيقه من خلال هذا أو ذاك فلا مانع لكن دون أن يتحول إلى تابع أو ذيل ذليل لأن ذلك يتنافي مع دوره الريادي وقداسة الكلمة التي يحملها. كل الحرية لك على طريقة أحمد شوقي:
" وللحرية الحمراء بابٌ... بكل يدٍ مضرجة يُدقُّ "
ثلاث وردات حمراء
ولك التحية.
-         رداد السلامي:
الشاعر الرائع إبراهيم أبو طالب.. شكرا لك، ولك التحية، لي مداخلة وسؤال... التزام الشاعر أو الأديب بقضايا أمته ومجتمعه مرتبط ارتباطا وثيقاً بحجم الحرية التي يتمتع بها هذا الشاعر أو هذا الأديب. وفي الواقع هذه القضية أثير حولها الكثير من الجدل والخلاف بين نقّاد ومفكري العالم على وجه العموم..ونقّاد ومفكري الوطن العربي على وجه الخصوص.
الكثير من النقّاد والمفكرين ينادي بإعطاء الشاعر أو الأديب مطلق الحرية لأنه بدون الحرية لن تصل نصوصه إلى درجة الإبداع ولن تصل تجربته إلى النضوج الذي سوف يقوده إلى إثراء الأدب والشعر بنصوص عظيمة تخلد في ذاكرة التاريخ.
والشاعر أو الأديب الحر سوف يصنع تغيراً لا محالة في مجتمعه وفي العالم ككل إن لم يكن اليوم فغداً القريب أو البعيد... والنفس الأبية الحرة هي بلا شك نفس خلاّقة وبنّاءه وهي التي عليها المعول في تخليص الأمم من القهر والظلم.. وهي التي تبني الأمجاد وتحقق الآمال......
هذا الكلام يقودنا إلى قضية من أخطر القضايا بزعمي والتي تؤثر في مسيرة الأدب والشعر في العالم وليس في وطننا العربي فحسب..ألا وهي قضية (الأدب الموجِّه)... و(الأدب الموجَّه)... بكسر الجيم مع تشديدها في الأولى وفتحها مع تشديدها في الأخرى. فالأديب أو الشاعر الحر لا يصدر منه إلا أدباً موجِّهاً والذي يستمد الزخم الدافع له للكتابة والتعبير من قضايا أمته وهموم وألام الإنسانية.. في التزام اختياري من دون أي توجيه أو ضغط اجتماعي أو مؤسسي من البشر علي اختلاف رتبهم ومشاربهم وأهوائهم. والأدب ما كان يخدم القضية.. بالطبع هذا الطرح فيه نوعٌ من المثالية التي ربما اصطدمت بالواقع القاسي والذي نراه ماثلاً أمام أعيننا نهار مساء. ولربما قال قائلٌ: إن الأدب والشعر في واقعنا المعاصر هو (أدب موجَّه) ويستهدف القيم والبنى والتصورات الفكرية للأمة وهو في واقع الأمر نتاج أدباء وشعراء في مجملهم مستعمرات فكريه مأجورة أو إمعات مسلوبي الإرادة والحرية لصالح القوى المؤثرة وهي كثيرة جدا. هذه القوى المؤثرة تسخر الشعر والأدب لصالحها ويخضع الأديب والشاعر لأوامرها سواءً عن وعيٍ منه أو عن ضغط وتأثير ربما لا ينظر له الأديب على أنه توجيه أو ضغط مباشر..ولكنها في النهاية تعتبر (انضوائية) وتوجيه لعقول الأدباء والشعراء وإراداتهم.
-         العزيز رداد؛ مداخلتك قيمة، وتدل على سعة أفقك، أحييك
وأجيب عن أسئلتك كما وردت كالآتي:

56 - هل أدبنا موجًّه أم موجِّه؟؟
- أدبنا موجَه (بالفتح)، و موجِه (بالكسر) معا موجَه بما ينطلق منه من ثوابت، وموجِه باعتبار من يخاطبهم ويرسل إليهم، وهم المجتمع بمختلف مستوياته وشرائحه، موجَه  بما يحمله من رسالة هي جزء من رسالة أمة لها هوية خاصة وكيان معرفي وثقافي مختلف. وموجِه لأن الأدب قد يستطيع فعل ما لا تفعله السياسة أو الفلسفة أو غيرها لأنه يحتويك، وقد يوجه أفكارك وميولك دون أن يصدمك، بمعنى آخر أنه يجعلك تقول ما يقول دون أن تحس بأنه أرغمك على تبني وجهة نظره، وذلك هو سر قوته وقدرته معا، وأنا هنا أخص الأدب الحقيقي النابع عن أديب حقيقي أيضا.

 57 - وكيف يكون الأديب حراً وملتزما في ذات الوقت بالقيم مع أن القيم قد تكون بمثابة قيد يحد من الإبداع وتؤطر إنتاج الأديب الأدبي في حدود ثوابت يلتزم بها؟!
- الحرية والالتزام قرينان من قرائن المبدع أو الإبداع عموما، وذلك لأن الحرية التي يفهمها الأديب ويعتقدها – في تصوري -  تتمثل في سيطرته الفنية على أدواته الإبداعية وحريته المطلقة في التصرف فيها وتجديدها وتطويعها بما يحقق له الاختلاف والإضافة الحقيقية في ميدان الإبداع ببراعة وإبهار، والأديب الملتزم (لو فهمنا الالتزام بمعناه في المدرسة الواقعية، ومن شايعها ولحق بها) فمعناه أن يكون الأديب ملتزما بقضايا المجتمع وحاجاته، فالأديب صاحب رسالة اجتماعية واقعية، ولو فهمنا الالتزام بمعنى عدم الخروج عن الثوابت من عقيدة أو قواعد اجتماعية (عرف / وتقاليد) وخلافها، ففي هذه الحالة الأخيرة يكون الأدب ومعه الأدباء منقسمين إلى فرق ثلاث: فريق يعتبر الخروج عن الممنوعات الثلاث كما يحلو للبعض تسميتها وهي: الدين والسلطة والجنس شرط لتحقق الأدبية والإبداع لأنه لا حرية للمبدع ما لم يكن له رأي مخالف مع هذه الثلاثية، ولا بد للأدب أن يكسر المواضعات الاجتماعية – بحسب أدونيس -  وفي ذلك خروج عن كل شيء دون شرط أو حدود. وفريق يعتبر أن الأدب  يتحرك في إطار ثوابت كبرى وقيم مستقرة لا يمكن الخروج عنها، أو المساس بها،  ويجب أن يكون معبراً أيديولوجيا عن هذه القيم والثوابت ومرسخا لها وداعياً إليها. وفريق يرى أن الأدب يتحرك في إطار القيم الثلاث الكبرى الخير والحق والجمال، وعلى الأديب أن يكتب ما شاء ودون أيديولوجية دينية محددة بل هو ينطلق من أسس إنسانية مشتركة تتمثل في تلك القيم الثلاث الشاملة.
- إفتكار القرشي:
في البداية اشكر الدكتورة المتميزة أروى الطوقى على هذا التقديم الجميل للشاعر والأديب إبراهيم أبو طالب, فكم نفخر كلما رأينا وقرأنا لمبدع يمنى, ومن خلال هذا المنبر اطلعنا أكثر على هذه الشخصيات المبدعة بحق.
قرأت ما كتبت على ملاكي ورأيت أنه من الواجب أن أشكرك على تلك الكلمات الرائعة جداً, ولو استطاعت ملاك الحديث لشكرتك بنفسها.
58 - نشاهد يومياً على الفضائيات مجازر تدمى القلوب, نشاهد خوفهم ونظراتهم الباحثة عن الأمان، نشاهد براءة الأطفال وهى تداس, لم يبق لهم أب أو أم ولا حتى أخ أو أخت من خلال هذه المشاهد، ماذا قلت في أطفال فلسطين أو العراق ؟
- تحية لأم ملاك
فملاك من نظرة واحدة بعثتْ فيَّ محبتها، فهنيئا لوالديها وكل محبيها، ودامت مليكة وملاكا في عزكما، وجوابا على السؤال: كتبت كثيراً، ويؤلمني جدا ما تلاقيه الطفولة من أنياب البشر عن طفل العراق حين كان محاصراً، ثم حين قتل بحجة تحريره كتبت قصيدة ً هذه بعض مقاطعها:
منك يا "طفل العراق"
نستمد الشعرَ،
نحيا الجرحَ،
نشتاق الإباءْ
لقن العالم والشعر دروساً
وستبقى
وستحيا
سيدي الطفل العظيم
أنت وحدك
من يجيد الشعر
والباقي يجيدون الهراء
أنت وحدك
سيدي الطفل الرضيع
من يجيد القول
من يفهم معنى الكبرياء...
وفي أطفال فلسطين الذين ما تزال قوافل منهم ومن الأبرياء يمضون، يقتلهم صمتنا قبل أن تستقر في صدورهم رصاصات الصهاينة، هذه وصية محمد لأبيه وهو يودعه وينظر إلينا – باحتقار، وألم  - عبر شاشة التلفاز، ونحن نبارك موته وقتله بكل برود وبلادة، كأنما نشاهد فيلماً سينمائيا يأخذ المرتبة الأولى في مسابقة شُبّاك التذاكر:
(وصية محمد الدرّة):
-1-
قال محمد للدنيا:
                 وطني أغلى من روحي
                 وطني يا نبض جروحي
                  يا صخرةَ مِعْرَاجِ الروحِ
                   يا ضوءَ المشكاةِ
                  وقدسَ القُدُّوسِ
                           يا ثأرَ الآباءِ، وميراثَ الأبناءِ
                                               هاأنذا سأموتُ لِتَحْيا
                                                                        يا قدسُ

-2-
يا أبتِ الغالي ؛ لا تحزنْ
إني أصعدُ نحوَ القُدُّوسِ
يا أبتِ أفعلْ ما تَقْدِرْ
لكنّك لن تدفعَ عني
فقد اختارَ القدُّوسُ
أن أُصْبِحَ درَّةَ عقد الشهداء.
-3-
يا أبتِ؛
ليتكَ تعرفُ ما أنا فيه..
أَخْبِرْ أصحابي
أطفالَ القدس
ضميرَ الحقِّ
صفحةَ أُمَّـتِنا البيضاء
أنَّ لهم مقعدَ صدقٍ بجواري
اخبرْ أحبابـي:
أنِّـي لم أتركْهُم
فأنا معهم في كلِّ صباح
نحلمُ فـي وطنٍ حرٍّ تملؤه الأفراح
في وطنٍ نجري فيه ونلعبُ كالأطفال
أو ليس لنا حَـقٌ أن نلعبَ
                             نضحكَ
                                      نجري كالأطفال ؟؟؟!!!
نحلمُ فـي أرض لا تسكنُها الأشباحُ
لا يسكنها العارُ
ولا يطغى فيها السفاحُ
اخبرهم: أنـّي معهم
أمضي في نسمةِ كلِّ صباح
أحملُ في يدي اليمنى حَجَراً
واليسرى قلمي والدفتر
وعلى ظهري وطني
                    والقدس
                            وآهات الزيتون.
-4-
يا أبتِ
قُلْ للأعداءِ: سنقهرُكم في يومٍ آت
وسيثأر لي كلُّ الأطفال
أطفالُ القدسِ هم الأبطال
فغداً والنصرُ قريب..
قُلْ لخنازير الدنيا
للقِرَدَةِ أبناءِ الشيطان:
كم أطفأتم من نورٍ عبر الأزمان
نورُ محمد لم يطفأ
ومحمدُ لن يقتل
مِنْ رحم الليلِ المقهورِ سيولدُ
ويطهرُ منكم كلَّ الأوطان
-5-
يا أبتِ  ؛ قُلْ لعيونٍ شهدتْ موتى
من عربٍ
صاروا عِـبَراً
لبسوا رُعْبَـاً:
"لا نامتْ أعين كلِّ الجبناء"
-6-
يا أبتِ  ؛ قُلْ للقاتل - ذاك الغدّار -:
 خوفُك مني قد أعماك
تتربصُ يا لصَّ الأعمارِ
إنَّك مهزومٌ خَوّار
تتحصَّنُ خلفَ جدارٍ وجدارْ
أنت المقتولُ بِذُلِّ العار
وأنا الدرّة
جسدي يرقى
روحي تبقى
ودمي الأنقى
بالثورةِ يأتـي بالإعصارْ...
-         المخورج: -(اسم مستعار لأحد مشتركي المنتدى)-
مرحبا بالشاعر القدير إبراهيم أبو طالب وقد استمتعت كثيرا بهذا اللقاء وإن كنتُ لا أجيد الأدب إلا أني أحب قراءة الشعر كثيرا وأحب أن أشارك وأطرح عليه هذا السؤال: 

(59) الذي أقلقني كثيرا وآخرين مثلي هو أن بعض من الناس يقرؤون لشعراء بعض قصائد أو أبيات فيها بعض الكلام يوحي بالكفر والمعصية، وسرعان ما يطلق عليهم هؤلاء أنهم كفار وإنهم أنكروا معلوما من الدين بالضرورة وكثير من الشعراء القدماء وغيرهم من المعاصرين قالوا أبياتٍ تتحدث عن الرب والقرآن والصلاة والمعبود وغيرها، وأنت تعلم هذه الأبيات والقصائد ونحن لا نستطيع الرد ونقف حائرين أمام هذه القضية مع أيماننا أن التكفير بسبب هذه الأبيات غير صحيح لكن لا نملك القدرة على الفهم والرد، نرجو الإفادة عن هذه القضية ومزيدا من التقدم والإبداع..
- صاحب الشعار الكاريكاتوري الجميل (المخورج)، طبتَ وسلمتَ، "من كَفّر مسلماً فقد كفر" قاعدة فقهية معروفة، أما الأدب واستعاراته التي يمكن تأويلها أدبياً فذلك فيه مندوحة للشاعر
والأديب في طرحه، ولا يمكن - في تصوري - محاكمة الشاعر على استعارة محلقة أو تشبيه جديد مخالف للمألوف البلاغي أو الفكري، فذلك شأن الإبداع دوما الإتيان بالجديد. أما الثوابت والخوض في الذات الإلهية أو ما هو معلوم من الدين بالضرورة فإن كان الشاعر أو الأديب يقصد الإساءة، فذلك مخالف وكما يحاسب غيره يحاسب، وما عدا ذلك فالأدب لا يقول فيه رأي أو فتوى سوى الأدباء والنقاد أصحاب الصناعة والتخصص، وليس من ينصّب نفسه محللا أو محرماً على هواه، والحلال بَيّن والحرام بَيّن. دمت بخير.
- عاشق الحرية:
أرجو أن توسع صدرك قليلا ولا تحمل أسئلتي ما لا تحتمل فهي أسئلة بريئة ليس لها أي خلفيات أو رؤى مسبقة وأنا آسف منك لو كانت الأسئلة مستفزة فأنا لم أقصد ذلك وإن كنت هاجمتني واتهمتني بـ.........، ومعذرة. فأنا ليس لي فكرة غير الحرية الكاملة للتعبير عن الرأي بعيدا عن أي إحراجات أو تخوفات.
- أخي عاشق الحرية، سلام الله عليك، أنا لم أهاجمك أو أتهمك كما تقول –حاشاك- فلك الحرية في التعبير عن رأيك كما تريد، وإن كنت فهمتَ بعض كلامي هجوما أو اتهاما فأنا أسحبه، ولكني أردت التأكيد على فكرة "مقتضى الحال والمقام" كنوعية للأسئلة  فقط، وذلك جزء من الحرية التي تنادي بها، أليس كذلك؟ وعلى كل حال فمعذرة منك أيضا، وسعدت بك، ولكني أريد أن أضيف ملاحظة بسيطة أنني ليست لدي تخوفات في طرح رأي أو  (إحراجات) كما تسميها، ولكن ثمة فهما مختلفا لمدلول الحرية بين شخص وآخر، فليست مطلقة هكذا،  بل ما وافق فيها المصلحة العامة، ولا تمس ثوابت الدين أو شخصا بعينه وحرية الرأي الكامل ليست متحققة في مجتمعاتنا العربية، لأننا مازلنا نحتاج إلى مزيد من التربية الديمقراطية، وطرق التحاور، وعدم مصادرة رأي الآخر، والخروج من "لا أرى لكم إلا ما أرى"، ألم يقل ذلك المثقف الكبير والمفاوض الناضج ديمقراطيا: إنني مستعد أن أدفع نصف عمري حتى تسمع رأيي ولكني مستعد أن أدفع عمري كله حتى أسمع رأيك"، هل تعتقد أننا قد وصلنا إلى هذا المستوى؟ لك التقدير بالمناسبة صورتك جميلة، وتدل على شخصية  متألقة  بريئة كأسئلتك ذكرتني بمقولة: "أطلبوا الخير عند صِباح الوجوه"، منور يا باشا، دمتَ حراً.
- د. عبد الغني الأهجري:
أشكر الأخ الأديب والشاعر الدكتور إبراهيم أبو طالب على إمتاعه إيانا بهذا اللقاء الجميل
وها أنا ذا أعود مرةً أخرى لأسأله عن:

60 -  رأيك في الشريحة الجديدة من الشعراء الشباب الذين ظهروا في السنوات الخمس الأخيرة، والذين مثلت لهم المنتديات والمواقع الإلكترونية القناة الأبرز لعرض إبداعاتهم، وبالفعل استطاع بعضهم أن يرسخ أقدامه في الساحة الثقافية، كالدكتور مروان الغفوري، ما رأيك فيهم كشعراء، وهل شد انتباهك أداء بعضهم وتنبأت لهم بالبروز في سماء هذه الصنعة؟

- المنتديات والمواقع الإلكترونية الجادة واحدة من قنوات الاتصال المعرفي ووسيلة إعلامية ممتازة تناسب العصر بتقنياته، وكما أدت الصحيفة دورها والكتاب والمنتديات العادية المخاطبة للجمهور عيانا ومباشرة  - وما زالت – كما أدت ذلك الدور في نشر الشعر والتعريف بالشعراء  تؤدي اليوم هذه الوسائل بجمهورها المتصفح لكنه في تصوري ليس متعمقاً نوعا ما في إطلاعه  - أعني  بعض جمهور الإنترنت – فهو قلق سريع الانتقال، ويقوم في رأيه أو تقويمه على المجاملة السريعة أو المرور العابر لمجرد أن يقول نحن هنا، ولكنه يكثف سواد العارفين من الشباب أو غيرهم بحضور هذا الاسم أو ذاك وتكريسه أو تكثيف حضوره  في الذهن بكثرة التكرار، ولكن البعض ممن يحملون فكرا وقضية يستطيعون – بل وقد استطاعوا – أن يفرضوا وجودهم وإبداعهم الحقيقي ولكن ليس عبر هذه المنتديات الإلكترونية وحدها ولكن متزامنة ومندغمة مع القنوات السابقة من صحافية وكتابية، ومؤسساتية.
ولعل الشاعر الجميل والصديق العزيز مروان الغفوري - الذي ذكرته نموذجا – قد استطاع أن يؤكد بروح دؤوبة وعطاء منفتح على الشعر والمقال والنقد والقصة، والمشاكسات الفكرية المفجرة لطاقات الإثارة والتأمل أيضا أستطاع من خلال ذلك كله أن يثبت قدمه وقلمه في هذه الساحة، بل ويتألق ويثبت حضورا لافتا له التحية بهذه المناسبة، ودعواتنا له بالعودة السريعة لمواصلة مسيرته العلمية التخصصية في الطب هنا في القاهرة فمثله يستحق.
ولعله سيذكرنا في اليمن مستقبلا -إن واصل عطاءه بهذا الجهد والتميز- بالأعلام الكبار الذين برزوا في خارج تخصصاتهم الأصلية مثل إبراهيم ناجي شاعر الرومانسية الكبير أو يوسف إدريس عملاق القصة القصيرة العربية، وكلاهما كان طبياً، ومروان سيكون في اليمن ذا شأن عظيم وخارج اليمن بالطبع، فها هو ذا يخطو خطوات إبداعية ثابتة ومتألقة، تحية له كنموذج رائع من الجيل الشاب الذي يحاول  كتابة القصيدة الأجد، التي تحاول أن توجد لها كياناً وجمهورا، ولا شك أنها ستفعل ذلك قريباً.

61 -  أثارَ [النص المفتوح] و [قصيدة النثر] جدلاً بين النقاد والشعراء ما بين مؤيد ومعارض، أين موقفك منهما؟!.
- قصيدة النثر أحد الأشكال  والتنويعات  لكتابة الشعر، وهي شكل جديد – ليس جديدا تماما فقد بدأت محاولاته الأولى  منذ السبعينيات مع محمد الماغوط وغيره - يحاول أن يبحث له عن اعتراف وقد بدأ يستدرج عددا من الشعراء فلا يخرجون عنه،  ويتبعهم من النقاد من يدافع عنه إلى درجة الهوس به، وعدم رؤية غيره من الشعر السابق عليه بأشكاله المستقرة، وهم في دفاعهم هذا قد وصل ببعضهم إلى الخوف الشديد على هذا النوع مما أدى إلى شبه استماتة –ربما-  في الدفاع بل والتجني على غيره، ولكنني شخصيا – ما دمت تريد رأيي - مع الوسطية في  كل أمر، وفي الحب أو الكره، وذلك لأن مثل هذا الشكل من حقه أن يوجد ومن حق الشعر والشعراء أن يبحثوا عن جديد مع كل تجربة شعرية، ولكن مع مراعاة أن الذي يريد التجديد ليس شخصا مقطوع الهوية والجذور، فالمجدد شخص قد استوعب القديم وهضمه، وأتى تجديده إضافة مهمة ومسؤولة، وليس شخصاً مقلدا للموجة العامة كتقليد بعض المراهقين لملابس وقصات شعر النجوم، وثمة الكثير من هؤلاء المراهقين شعريا وفكريا الذين يركبون الموجة السريعة، ولكنهم سرعان ما يقعون ويشكلون عبئاً على فشل التجربة، وفي الأخير لا يبقى إلا الشعر كقيمة، وروح، وإحساس، ونافذة ديوانية لحياة الناس "ألم يكن الشعر ديوان العرب" قديما، وهو كذلك حديثا، ولكن دون أن يتحول إلى هذيان محموم مبهم إلى حد النفور، ولا منكفئاً إلى حد العجز.
- عاشق الحرية:
لك جزيل الشكر، وكلما أقرأ لك أزداد معرفة بك، حفظك الله ورعاك.
-         في ختام هذا الحوار للجميع تحياتي وشكري لمن سأل أو مرّ مروراً جميلا بإطلالته من خلال هذا الموقع، دمتم بخير، وسلام.

[1]) انتقل إلى رحمة الله في العام 2007م.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا تعرف عن الحيمة الخارجية؟!

أعمال ومؤلفات الدكتور إبراهيم أبو طالب ودواوينه الشعرية [مرتبة زمنيا بحسب صدورها ( 1999- 2023م)]

24- الأستاذ الدكتور إبراهيم الصلوي (أستاذ اللغة اليمنية القديمة)